هناك صلة وطيدة بين العين والقلب، فقد تصل الى ما في قلب المرء من خلال نظرات عينه، وقد ألم الشاعر حيص بيص بهذا المعنى فقال:
العين تبدي الذي في قلب صاحبها
من الشناءة أو ودا إذا كانا
إن العدو له عين يقلبها
لا يستطيع لما في القلب كتمانا
وعين ذي الود لا تنفك مقلتها
تبدي له محجرا بشا وإنسانا
فالعين تنطق والأفواه صامتة
حتى يرى من ضمير القلب تبيانا
فالعـين آية مـن آيات الله تعالى، بل إن كل جزء منها آية تدل على عـظمة الخالق، ولأهميتها القصوى للإنسان وردت العــين في القرآن الكريم ثلاثا وستــين مرة، والعين البصيرة تعرف محبها من كــارهها، فالمحب تظـهر معــالم حــبه لــك فتدركه العــين، وكــذلك المبغض تظهر علامات بغــضه لك فتعرفه.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله»، ومع ذلك فلا يعلم الغيب إلا الله تعالى، فقد تتغير القلوب ويصبح محبك كارهك، وكارهك محبك، وقوة البصيرة بمشيئة الله، فالله سبحانه وتعالى يقذف في قلب المؤمن نورا يستضيء به قلبه، وبهذه البصيرة يدرك ما لا يدرك غيره من الناس، فتكون فراسته صائبة، ولا ينال المرء هذه المكانة إلا بقربه إلى الله، وصفاء قلبه ونيته فيعرف الصادق من الكاذب والحق من الباطل والمحب من الكاره.
وكـان عمـر بن الخـطاب رضي اللــه عــنه شديد الـفراسة قلما يخطئ، والبصيرة النافذة مكانها القلب، وقد قال الجرجاني في تفسير البصيرة: هي قوة القلب المنور بنور الله، يرى بها المرء حقائق الأشياء وبواطنها، وهي بمثابة البصر للنفس يرى بها صور الأشياء وظواهرها، من هنا اقول إن للعيون قوة خفية تعرف من خلالها كل ما حولك، ودمتم سالمين.
