تولى حكم الكويت الشيخ “صباح الأول” ويطلق عليه لقب الأول كونه أول من حكم الكويت، يقول د/ أحمد أبو حاكمة : ” اشخاص الحاكمين في الكويت في النصف الاول من القرن الثامن عشر فهي غير واضحة المعالم ، ولم يجدنا في هذا المضمار مراجعة سجلات شركة الهند الشرقية ، و لا المخطوطات العربية او الرواية المحلية أو حتى ما دونه الرحالة الاوروبيون المعاصرون ” ، عند التمعن في كلام د/ أحمد أبو حاكمة فإننا نجده متعارضاً مع عدد من المؤرخين الكويتيين وذلك عبر ما سنتناوله من حديث عن تحديد السنة التي تولى بها الشيخ “صباح الأول ” حكم الكويت.
و لم يذكر لنا عبد العزيز الرشيد و يوسف بن عيسى وسيف الشملان اسمه الكامل بل اكتفوا بلقبه أو اسمه الثلاثي ، في حين حسين خزعل قال لنا بأن اسمه هو : صباح بن جابر بن سلمان بن أحمد ، و تتفق المصادر التاريخية على أن الشيخ صباح بن جابر المُلقب بـ”صباح الأول” قد مارس حكمه في النصف الأول من القرن الثامن عشر، و لم يبين لنا الأوائل أمثال عبد العزيز الرشيد و سيف مرزوق الشملان بداية حكمه ، إلا أن يوسف بن عيسى القناعي ذكر بأن الرواة قد اتفقوا بأن صباح الأول اختير أميراً ما بين سنة 1110ه و سنة 1130ه ، في حين حدد خزعل بداية حكمه في سنة 1130ه 1718م إلا أنه عند ذكر السنة التي أقيم بها الحلف الثلاثي قال بأن الحلف تم في سنة 1129ه 1716م وبموجب الحلف تولى “صباح الأول ” الرئاسة والحكم ، وبالتالي تكون بداية حكمه سنة1716م و ربما قصد خزعل من فصل السنتين هو تغير توزيع المهام وجعلها كلها بيد الشيخ “صباح الأول” ، وحول مسألة “الحكم الثلاثي” قال فرانسيس وارد في مقال كتبه سنة 1819م : ” دخلت ثلاث قبائل عربية ذات شأن هي بنو صباح و الجلاهمة و آل خليفة تحدوهم عوامل المصلحة والطموح في تحالف ، و استولت على بقعة من الأرض على الساحل الشمالي الغربي من الخليج تسمى الكويت ” ، بين واردن أن صباح بن جابر تولى السلطة وخليفة بن محمد التجارة وجابر بن رحمة الجلاهمة الملاحة البحرية ، وعن الحلف قال حسين خزعل : ” في عام 1129ه 1716م تحالف ثلاثة من اهم رؤساء القبائل التي سكنت الكويت وهم صباح بن جابر بن سلمان بن أحمد و خليفة بن محمد وجابر بن رحمة العتبي رئيس الجلاهمة على ان يتولى صباح الرئاسة وشؤون الحكم وان يتشاور معهم ويتولى خليفة شؤون المال والتجارة ويتولى جابر شؤون العمل في البحر وتقسم جميع الارباح بينهم بالتساوي.” ، وفقاً لما قيل من واردن وتبعه خزعل فإن الحكم وفق هذه الرواية هو أيضاً بيد الشيخ صباح الأول والبقية يديرون التجارة والملاحة ولا تدل على المشاركة في السلطة لا مثل ما ذهب إليه البعض بأنه كان حكماً ثلاثياً مشتركاً .
و لم نجد مصدراً تاريخياً يؤرخ لنا الحالة التي كانت عليها الكويت في الفترة التي حددها لنا القناعي ، سوى مرتضى بن علوان الذي دون رحلته إلى الحج في أعوام1120ه و 1121ه (1709م) و مع الأسف لم يدون علوان شيئاً متعلقاً بحاكم الكويت أو أي شخصية أخرى في تلك الفترة .
يقول عبد العزيز الرشيد : ” لا نعرف عن صباح شيئاً إلا أنه أول حاكم ذلك البيت و أنه الذي تأسست الكويت في عهده و أنه زعيم تلك العائلة التي حكمت الكويت و أنها تنتسب إليه لم يتول الصباح الحكم في أول تأسيس الكويت فان آل الصباح و من هاجر معهم مضت لهم بعد نزولها مدة لا رئيس لهم فاجمعوا أمرهم أخيراً على انتخابه و لكنه لم يقبل إلا بعد أن أخذ عليهم نفوذ حكمه على الشريف و الوضيع يقال توفى حوالي سنة 1190ه” .
يقول يوسف بن عيسى القناعي : ” لما كثر الساكنون في الكويت و خالطهم جمع من المهاجرين إليها رأوا من الضروري أن يؤمر عليهم أمير منهم يكون مرجعاً لحل المشكلات و الاختلافات فوقع اختيارهم على صباح لهذا الأمر ، فوافقهم صباح بعد أخذ العهد منهم على السمع و الطاعة في الحق . و لا نعلم على وجه الحقيقة في أي سنة اختير هذا الأمير و لكن اتفق الرواة على أنها ما بين سنة1110ه و سنة 1130ه على وجه التقريب ” .
يقول سيف مرزوق الشملان : ” بعد ما كبرت الكويت وصارت شبه قرية و خالط سكانها جمع من المهاجرين إليها رأوا من الضروري أن ينصبوا رجلاً منهم يكون أميراً عليهم . لحل المشكلات، وفض الخلافات ، و النظر في أمور البلدة و نحو ذلك فوقع اختيارهم على صباح الأول جد أسرة آل الصباح . و يقال إن سبب اختيارهم لصباح هو أنه كانت لوالده الزعامة على قومه منذ أن كانوا في نجد يقول آخرون إن صباحاً كان طوال أيام السنة مقيماً في الكويت أو حولها لأن عمله في البر . أما الأكثرية فعملهم في البحر كالملاحة و صيد السمك و استخراج اللؤلؤ ونحو ذلك فيتغيبون عن الكويت مدة و لهذا السبب اختاروا صباحاً حاكماً عليهم و قد وافقهم صباح على ذلك بعد ما أخذ منهم العهد على السمع و الطاعة له بالحق فوافقوه ” و يكمل حديثه ” لا نعلم شيئاً عن السنة التي اختير فيها صباح الأول للحكم و لا عن أعماله و أشهر الحوادث في عهده و المشهود على كلام الرواة أن صباحاً توفى بعد عمر طويل حوالي سنة 1190ه 1743م”. ولنا فيما قاله المؤرخ سيف الشملان أن العام 1190ه يقابله في الميلادي عام 1776م بعد المراجعة والتأكد وعليه يكون حكم الشيخ صباح الأول من الفترة 1716م وحتى 1776م.
يقول حسين خزعل : ” لما شعر امير الحسا (محمد بن غرير) بما قام به الشيخ صباح في الكويت تحقق لديه ان اخضاعها بالقوة لطاعته اصبح من الامور المتعسرة فصار يسعى لذلك بالحسنى فطلب من الشيخ صباح ان يرسل اليه احد الكويتيين ليتفاوض معه فأرسل الشيخ صباح ولده عبدالله لغرض التفاوض فاتفقوا على الامور الآتية ( اعتراف امير الحسا باستقلال الشيخ صباح في حكم الكويت وتعقد بينهم معاهدة حسن جوار وان لا تنضم الكويت الى خصوم امير الحسا وان تنفذ جميع اوامره واوامر من سيخلفه في حكم الحساء التي يصدرونها في شأن القبائل العربية المنتشرة بين القطرين على الاصول المتعارف عليها بين القبائل) فأقر الشيخ صباح جميع هذه الشروط “.
قال د/عثمان الصالح : ” ان الشرط الأساسي الذي يجب توافره بالحاكم هو شرط نسب ذلك أن ولاية مسند الامارة منحصرة في أسرة الصباح . وعلى ذلك فشرط أن يكون من يتولى مسند الامارة أو من يكون مرشحا لشغل هذا المركز من ذرية آل الصباح هو شرط أساسي . غير أن ولاية العهد لا تنتقل بالضرورة من أب إلى ابن ، بل من أرشد إلى أرشد ، دون أن تتعدى محيط العائلة . فالشرط الوحيد الضروري والكافي هو أن يكون المرشح من عائلة الصباح. وهذه القاعدة كانت مطبقة حتى عهد الحاكم السابع مبارك الصباح (1915-1896) ، الذي حصر تولي حكم الامارة في ذريته.”
يتضح من تناول سيرة الشيخ “صباح الأول” أن النظام في الكويت يقوم على اختيار حاكم من آل الصباح منذ بداية تأسيسها وفقاً لنظام الشورى فما تناقل وتواتر إلينا هو أن أهل الكويت اجتمعوا على اختيار صباح الأول للحكم ومن ثم ساروا على التشاور ، و تتلخص بأن يقوم عدد من أبناء الأسرة الحاكمة “آل الصباح” بترشيح شخص منهم على أن يكون ذكراً وبالغاً ومن ثم يعرض الأمر على بقية الشيوخ ووجهاء البلد فيتم التشاور والاتفاق على مبايعته حاكماً للكويت.
و من هذه الطريقة نستنتج أن نظام الحكم وهو ما يعرف اليوم بقانون الإمارة يتم على النحو سالف الذكر أي بالترشيح ثم التشاور ثم المبايعة وهو قائم على مبدأ الشورى اعمالا لقوله تعالى } وأمرهم شورى بينهم { .
أما السلطة التشريعية فقد كانت بيد الحاكم وقواعدها لم تكن مدونة حيث كانت مستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية الغراء ومن بعدها العرف ، ويتم تطبيق القانون في حال نشوب خلاف على اشكال تنفيذه وكان المطبق هو القاضي والذي كان يختار من قبل الحاكم ليتولى مهمة السلطة القضائية.
من الأحداث الهامة التي حدثت في عهده هجرة آل بن علي ومعركة الرقة البحرية وحول حادثة الهجرة فإنها تمت عن طريق هجرتهم من الكويت إلى قطر في سنة 1732م ، يقول الشيخ عبدالله الخليفة و د/علي أباحسين أنه : ” قد هاجر آل بن علي وهو قسم من العتوب من الكويت إلى “فريحة” في قطر وسكنوها حوالي عام 1145ه 1732م ” ، و أعتقد بأن مجموعة منهم أقاموا إقامة دائمة بالكويت ، و مجموعة أخرى منهم هاجرت إلى قطر و أقامت مدة ومنهم من عاد مرة أخرى إلى الكويت.