الإنسانية النبيلة – بقلم : فاطمة المزيعل
بقلم : فاطمة المزيعل
بعض الناس، وإن قلوا، تسيطر على تصرفاتهم ونفوسهم البذاءة، والموبقات، في أعماقهم غل وحقد وحسد، ولديهم بضاعة فاسدة من الكلام، يتمادى الواحد من هؤلاء في غيه، بعيدا عن رحاب المروءة والعدل والإنصاف، يميل إلى اجتراح الأكاذيب، وعنده ألوان كثيفة من البهتان، دون الإحساس بوخيم العواقب، لا يعتبر، ولا يتوقع أنه سوف يشرب من كأس السم ذاته، عنده تكلس شديد، ويمقت أن يتغير، أو يتبدل.
ودائما ما يتسم هؤلاء بالبلادة، فيكون المرء بعيدا عن فهم العلاقات الإنسانية النبيلة ومتطلباتها الجميلة، يسعى بشكل حثيث نحو منعطفات من البغض والخبث والنفاق، ومدارات السواد، يهمس في أذن هذا، ويغمز لذاك، يهاجم الآخرين بروايات كاذبة، ويغرد خارج السرب.
إذا رأى نعمة بهت، وإذا رأى عثرة شمت، يجيد تسلق الأكتاف، واستغلال المواقف لصالحه، فليعلم صاحب الوجهين أن سقفه مهما علا فلا توجد ضمانة لديمومته، بل هو عرضة للاهتزاز والوقوع وافتضاح الأمر، لأن السعي المحموم بين الناس همزا ولمزا وكذبا ونفاقا، بمنزلة جبل الجليد لا بد أن ينهار سريعا ساعة أن تظهر عليه الشمس وتتجلى، طال الزمن عليه أم قصر، والعاقبة للصادقين المتقين، العفيفين النبلاء، الذين يحيون بسلام، ويرحلون بسلام.
لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الناس معادن» أي: أصول مختلفة ما بين نفيس وخسيس، والمعادن جمع معدن، وهو الشيء المستقر في الأرض، وكل معدن يخرج منه ما في أصله، وكذا كل إنسان يظهر منه ما في أصله من شرف أو خسة.
كما كان بصيرا بأحوال القلوب والأرواح التي تسكن بين جوانح الناس، فعلمنا من ذلك كله ما ينفعنا في الدنيا والآخرة، لنحسن اختيار الناس والتعامل معهم، كل بحسب حاله.