الفجوة بين المعرفة الرقمية والتقنية – بقلم : د.رندا دياب بهمن
بقلم : د.رندا دياب بهمن
على الرغم من أن «الأمية الرقمية» في ذروتها، إلا أن المهارات التكنولوجية الأساسية غائبة بشكل واضح بين الطلبة الكويتيين في التعليم العالي. ففي الكويت، كغيرها من دول الخليج، يكتسب الدفع نحو التنمية المستدامة زخما، وفي حين أن الأدوات والمنصات الرقمية منتشرة، إلا أن عديدا من الطلبة لا يزالون يفتقرون إلى تلك المهارات اللازمة للنجاح في عالم رقمي متزايد.
هناك أسباب عديدة تجعل الأمية التكنولوجية مستمرة، على الرغم من المستويات العالية من التحول الرقمي في البلاد، مما يدفعنا إلى التكهن فيما إذا كانت الأمية الرقمية والتكنولوجية هما ذات الشيء.
ركز نظام التعليم في الكويت، مثل عديد من أنظمة المنطقة العربية، على المعرفة النظرية بدلا من الخبرة العملية والمباشرة. ونتيجة لذلك كان افتقار الأغلبية إلى المهارات اللازمة للإنتاجية وحل المشاكل، وحتى معرفة الاستخدام الأساسي للمعدات التكنولوجية التقليدية في البيئة المهنية والتعليمية.
كذلك، قد تكون هناك عوامل ثقافية تلعب دورا، بما في ذلك التردد بتحدي أساليب التدريس التقليدية، وهياكل المناهج التي كانت مقاومة للتغيير لفترة طويلة ولم يتم مراجعتها بشكل كبير لأكثر من 50 عاما. والطلبة الكويتيون قد يواجهون أيضا عدم المساواة في الوصول إلى أدوات التعليم الرقمي، حيث لا يتمكن الكثيرون منهم من الوصول إلى جهاز كمبيوتر تقليدي، أو لم يسبق لهم رؤيته أو استخدامه قبل دخول الجامعة. وهذا الأمر يعيق تطوير قوة عاملة متعلمة رقميا، ويوسع الفجوة بين خريجي المدارس الخاصة والعامة.
لقد شهد تكامل التكنولوجيا في نظام التعليم داخل الكويت خاصة في المدارس الحكومية، تقدما تدريجيا، لكنه لا يزال يواجه تحديات. إذ أدى الوباء الماضي بشكل ملحوظ لتسريع التحول نحو التعلم الإلكتروني، مما أدى إلى مبادرات لتعزيز الوصول للمنصات الرقمية في المدارس الحكومية. مع ذلك، لم يكن التكامل خاليا من الصعوبات، حيث عانت عديد من المدارس والطلبة وأولياء الأمور من البنية التحتية الرقمية، واستعداد المعلمين لتبني التقنيات الجديدة.
وحتى اليوم، لا يزال تكامل الأدوات الرقمية في بيئة التعلم غير متسق، ويبدو غير موجود في معظم الحالات بالوقت الحاضر، علاوة على ذلك، ليس التعرض المستمر إلى التكنولوجيا واستخدامها مهما لتلبية التوقعات التعليمية والمهنية فحسب، بل أيضا من أجل الاستعداد للاضطرابات المتوقعة في التعلم، وليس فقط للمواقف الكارثية مثل الأوبئة. ففي العام الماضي، ورد أن الكويت لديها أحد أدنى أيام الدراسة عالميا، بمتوسط حوالي 175 يوما في السنة، بسبب تكرار العطل والإغلاقات غير المتوقعة. وهذا العام الدراسي المختصر، يجعل الطلبة عرضة للفجوات التعليمية، وهو ما يتضح من سنوات خبرتي في هذا المجال، خاصة عندما يلتحقون بالتعليم العالي.
ولأجل تخفيف هذه المخاطر، تحتاج الكويت لوضع استراتيجية شاملة للاستفادة من الأدوات الرقمية للتعلم المستمر والمتكاملة، كجزء من المناهج التعليمية التدريجية مثل المواد الأخرى. مع ذلك، يجب أخذ جميع أصحاب المصلحة في الاعتبار، ويشمل ذلك تقييم مدى القدرة على الوصول إلى الأجهزة والقدرات المعرفية والقيود الزمنية التي يواجهها الآباء، الذين قد تكون قدرتهم على الموازنة بين مسؤولياتهم ودعم تعليم أطفالهم محدودة. ومن خلال إنشاء نظام قابل للتكيف وشامل، تستطيع الكويت تجهيز قطاع التعليم لديها بشكل أفضل ذات استدامة، ليبقى صامدا خلال الأزمات المستقبلية.