الأمم المتحدة: الحرب في غزة تشهد “أحلك لحظاتها” في شمال القطاع
قالت وزارة الصحة في غزة الجمعة إن طفلين توفيا في آخر مستشفى ما زال يعمل في شمال القطاع، بعد غارة إسرائيلية ضربت تجهيزات الأكسجين.
وأشارت الوزارة في بيان إلى مقتل الطفلين في قسم العناية المركزة في مستشفى كمال عدوان “بعد توقف المولدات واستهداف محطة الأكسجين”، مضيفة أن القوات الإسرائيلية تجري عمليات تفتيش في المستشفى وتطلق النار داخل أقسامه.
ونقلت وكالة فرانس برس عن الجيش الإسرائيلي نفيه لاستهداف المستشفى قائلاً “لا علم لديه بإطلاق نار وضربات في محيط المستشفى”.
وأفادت وزارة الصحة بوجود نحو 600 شخص في المستشفى، بينهم مرضى وجرحى وطواقم طبية.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أشار في وقت سابق الجمعة إلى أن قواته تواصل عملياتها في منطقة المستشفى في جباليا، حيث تشن منذ السادس من أكتوبر عملية واسعة النطاق.
وقالت الوزارة إن القوات الإسرائيلية اقتحمت صباح الجمعة مستشفى كمال عدوان، وتحتجز مئات المرضى والطواقم الطبية وبعض النازحين الذين لجأوا للاحتماء بها”.
وقتل أكثر من 70 شخصاً في شمال وجنوب غزة نتيجة الغارات الإسرائيلية بحسب وزارة الصحة في القطاع الفلسطيني.
وأكد عاملون في قطاع الصحة في غزة أن من بين القتلى تسعة أطفال من عائلة واحدة، في مدينة خان يونس في الجنوب.
وقال محمود بصل، المتحدث باسم وكالة الدفاع المدني في غزة إن أربعة عشر شخصاً، بينهم تسعة أطفال، قتلوا عندما أصيب منزل عائلة الفارعة، بينما قُتل ستة أشخاص آخرين في غارة ثانية على منزل قريب.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه يتحقق من التقارير الواردة من خان يونس، مشيراً إلى أن قواته تعمل في منطقة مستشفى كمال عدوان بناءً على معلومات استخباراتية “تتعلق بوجود إرهابيين”.
وتعرض مبنيان سكنيان على الأقل في حي المنارة في خان يونس جنوب شرق غزة، لغارات جوية إسرائيلية فجر يوم الجمعة، وفقاً لوكالة الدفاع المدني في غزة.
وقالت إحدى الناجيات من القصف أم الأمير الفرّا لوكالة الأنباء الفرنسية إن “الصواريخ سقطت بجوارنا، ودُفنا تحت الأنقاض. قُتل أطفالي وأختي”.
كما أكدت إحسان الفارعة، أن ابنها عيسى البالغ من العمر خمس سنوات قُتل أيضاً، ولم يكن هناك سوى نساء وأطفال في المنزل.
ونشر الدفاع المدني مقطعاً مصوراً قال إنه يُظهر طواقم الإنقاذ وهم ينتشلون جثث الأطفال من منزل عائلة الفرّا، كما التقطت صور لنفس الأطفال في وقت لاحق داخل أكياس جثث في مستشفى غزة الأوروبي القريب.
ونُقلت جثث ثلاثة أطفال آخرين إلى مستشفى ناصر في خان يونس، بحسب وكالة رويترز.
وأفادت وزارة الصحة في غزة في وقت سابق أن إجمالي عدد القتلى بلغ 38 شخصاً في خان يونس مساء الخميس وفجر الجمعة، فيما أدانت ما وصفته بـ “عدة مجازر” من قبل الجيش الإسرائيلي.
وأدانت منظمة أطباء بلا حدود في بيان مقتل حسن صبح في 24 أكتوبر إثر عملية عسكرية إسرائيلية في خان يونس، جنوب غزة.
وأضافت أطباء بلا حدود، أن حسن البالغ من العمر41 عاماً كان يعمل مع أطباء بلا حدود منذ عام 2019، وكان زوجاً وأباً لسبعة أطفال.
وأشارت المنظمة إلى أن حسن هو ثامن شخص يُقتل في قطاع غزة من طواقمها منذ السابع من أكتوبر 2023، والثاني خلال أسبوعين فقط، مؤكدة أن إسرائيل ما تزالت “تتبنى تجاهلاً صارخاً لحياة المدنيين في حربها على غزة، ويجب أن يتوقف هذا على الفور” بحسب المنظمة.
وقال عيد صبح مدير التمريض في مستشفى كمال عدوان لوكالة رويترز إنه “عند منتصف الليل وصلت دبابات وجرافات جيش الاحتلال إلى المستشفى. بدأ ترويع المدنيين والجرحى والأطفال عندما بدأت القوات الإسرائيلية بفتح النار على المستشفى”.
وقال صبح، إن القوات الإسرائيلية تراجعت عندما وصل وفد من منظمة الصحة العالمية مع سيارة إسعاف وقام بإجلاء 40 مريضاً. ومع ذلك، عادت الدبابات لاحقاً إلى المنطقة المحيطة وفتحت النار على المستشفى، مستهدفة مخازن الأكسجين، قبل أن تطلب من الطاقم الطبي والمرضى مغادرة المكان.
وأظهر مقطع مصور نشر على وسائل التواصل الاجتماعي، مدير المستشفى، الدكتور حسام أبو صافية، وهو يتحدث عبر الهاتف أثناء تجوله في جناح مزدحم، حيث بدت نافذتان محطمتان وسقف متضرر، وقال: “بدلاً من تلقي المساعدات، نتلقى دبابات، دبابات تقصف المبنى”.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إن الوكالة فقدت الاتصال بالعاملين في مستشفى كمال عدوان.
وأضاف أن “هذا التطور مقلق للغاية بالنظر إلى عدد المرضى الذين يتلقون العلاج والأشخاص الذين يحتمون هناك”.
وأكد أن فريق منظمة الصحة العالمية وصل إلى المستشفى في وقت متأخر من ليلة الخميس “وسط الأعمال العدائية في المنطقة المجاورة”، وقام بنقل ثلاثة وعشرون مريضاً وستة وعشرون ممرضاً إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة، وقاموا بتسليم وحدات من الدم ومستلزمات الطوارئ والجراحة.
وأضاف أن “مستشفى كمال عدوان يعاني من اكتظاظ شديد، إذ يستقبل نحو 200 مريض، ويتعرض بشكل مستمر لحالات صادمة ومروعة. كما أنه مليء بالمئات من الأشخاص الذين يبحثون عن مأوى”.
من جانبه يقول الجيش الإسرائيلي في بيان إن قواته “تعمل في منطقة مستشفى كمال عدوان في جباليا، بناء على معلومات استخباراتية بشأن وجود إرهابيين وبنى تحتية إرهابية في المنطقة”.
وأضاف أنه “في الأسابيع التي سبقت العملية، سهلت قواته إجلاء المرضى من المنطقة مع الحفاظ على خدمات الطوارئ”.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، تحدث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الجمعة مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط.
وأكد الوزير بلينكن على ضرورة إنهاء الحرب في غزة، وتأمين إطلاق سراح جميع الرهائن، وزيادة تقديم المساعدات الإنسانية.
وشكر الوزير الأمريكي نظيره المصري على الجهود المستمرة التي تبذلها مصر لتأمين إطلاق سراح الرهائن.
كما حث وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، على الضغط على إسرائيل بسبب تدهور الوضع الإنساني والنزوح الجماعي للمدنيين في شمال غزة.
وقال في بداية اجتماع في لندن: “ننظر إلى شمال غزة ونرى تطهيراً عرقياً يحدث، وهذا يجب أن يتوقف”.
وحذر الصفدي أيضاً من أن الشرق الأوسط يقف على “شفا حرب إقليمية”، مضيفاً أنه في كل مرة يلتقي فيها بلينكن، تزداد الأوضاع سوءاً “ليس بسبب عدم محاولتنا، ولكن لأن لدينا حكومة إسرائيلية لا تستمع إلى أحد، ويجب أن يتوقف ذلك”.
وأضاف الصفدي بأن “السبيل الوحيد لإنقاذ المنطقة من ذلك هو أن تتوقف إسرائيل عن الاعتداءات على غزة ولبنان وتوقف الإجراءات أحادية الجانب، وغير القانونية في الضفة الغربية، والتي تدفع الوضع أيضاً إلى الهاوية”.
ويعتقد العديد من الفلسطينيين أن الجيش الإسرائيلي ينفذ ما يُعرف بـ “خطة الجنرالات” في الشمال، وستؤدي إلى التهجير القسري لجميع المدنيين والمقدر عددهم بنحو أربعمئة ألف شخص إلى الجنوب، يليها حصار لأي مقاتلين متبقين من حماس.
وقال بلينكن إنه يجري محادثات هامة “حول إنهاء الحرب في غزة ورسم مسار لما سيأتي بعد ذلك”، مضيفاً أن هناك “شعوراً حقيقياً و ملحاً في التوصل إلى حل دبلوماسي” للصراع بين إسرائيل وحزب الله في لبنان.
قال فولكر تورك المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة إن الحرب في غزة تشهد “أحلك لحظاتها” في شمال القطاع.
وأضاف تورك أنه “في الوقت الذي نتحدث فيه، الجيش الإسرائيلي يخضع شعباً بأكمله للقصف والحصار وخطر المجاعة”. ودعا زعماء العالم إلى التحرك مشيراً إلى أنه على الدول واجب بموجب اتفاقيات جنيف لضمان احترام القانون الإنساني الدولي.
وأفادت التقارير بمقتل مئات الفلسطينيين وتشريد عشرات الآلاف منذ عودة القوات الإسرائيلية إلى جباليا.
وتشير تقارير أممية إلى أن السكان غير القادرين على إخلاء المنطقة “يعيشون في ظروف يائسة بشكل متزايد، مع نفاد المواد الغذائية وغيرها من الإمدادات الأساسية”.
وحذرت مفوضية حقوق الإنسان الجمعة، من أن جميع سكان شمال غزة يتعرضون لقصف “متواصل”، وسط أوامر لمئات الآلاف بالانتقال دون ضمانات بالعودة.
وقال تورك إن “الوضع يتفاقم يوماً بعد يوم بشكل لا يمكن تصوره”، مشيراً إلى أن “سياسات وممارسات الحكومة الإسرائيلية في شمال غزة تخاطر بإفراغ المنطقة من جميع الفلسطينيين. نحن نواجه أفظع الجرائم، التي قد تصل إلى جرائم ضد الإنسانية”، على حد وصفه.
وأضاف أنه “من غير المقبول على الإطلاق أن تعمل الجماعات الفلسطينية المسلحة بين المدنيين، وفقاً للتقارير، بما في ذلك داخل ملاجئ النازحين، وتضعهم في طريق الأذى”.
وقال تورك إن الدول في جميع أنحاء العالم – وكلها أطراف في اتفاقيات جنيف – يجب أن تتحرك الآن لدعم عمل المفوضية.
وأضاف: “هذه معايير مقبولة عالمياً وملزمة تم تطويرها للحفاظ على الحد الأدنى من الإنسانية. أناشدكم أن تضعوا حماية المدنيين وحقوق الإنسان في المقام الأول وألا تتخلوا عن هذا الحد الأدنى من الإنسانية”.
وأشار تورك إلى أنه “حينما يكون هناك خطر الإبادة الجماعية، فإن جميع الدول ملزمة قانونياً بمنعها. حتى الآن، تجنب كبار مسؤولي الأمم المتحدة بشكل كبير استخدام كلمة إبادة جماعية فيما يتعلق بغزة. ولطالما اتهمت إسرائيل الأمم المتحدة بالتحيز ورفضت الاتهامات بأنها ارتكبت جرائم حرب”.