فراق الأحباء – بقلم : زبن البذال
لا شك أن الموت هو سنة الله في خلقه، وأن لكل شيء نهاية، إلا أنه من الصعب على الواحد منا أن يتقبل بسهولة خبر وفاة شخص قريب أو عزيز على نفسه، وتجده يجلس فترة من الزمن غير مصدق أو غير مقتنع، لأن الإنسان بالنهاية كتلة من المشاعر والأحاسيس مهما كانت طباعه، سواء كانت قاسية أو هادئة أو متقلبة.
والإنسان في مثل هذه المواقف الصعبة والمؤثرة، خصوصا عندما يفقد أحد والديه أو أخيه أو ابنه، يشعر بأن الحياة عنده كأنها بدأت تتوقف وتتساوى عنده كل الأمور، ومعظمنا جرب وحدث له مثل هذا الموقف ومر بتلك المشاعر.
وبما أن الموت يجعلك تستعيد الذكريات والمواقف مع ذلك الشخص الذي انتقل إلى ربه، فطبيعي أن تكون هناك لحظات وتأملات مستمرة تذهب وتعود، ولعلها تؤثر مع الزمن على طريقة وسلوك وتصرفات ذلك الإنسان الفاقد أحد الأعزاء عليه.
وأنا شخصيا فقدت الكثير من أقاربي وآخرهم قبل أيام أخي وولد عمي وصديقي «بدر»، وهو بالفعل كالبدر في حضوره، رحمه الله، الرجل الذي أحبه جميع من عرفه ورسم الابتسامة على محيا الجميع، وكان اسمه يتردد في المواقف الطريفة والحكايات الممتعة والقصص الجميلة.
فعندما يفقد شخص مثل هذا الإنسان الذي يحمل روح المرح والأمل والتفاؤل وينشرها على كل من حوله لابد أن يترك أثرا حزينا في قلوب ونفوس كل من عرفوه وعاشروه. في المقابل هناك الكثير من البشر الذين رحلوا ولم يؤثروا بالناس، وهناك آخرون وللأسف يفرح البعض برحيلهم لأنهم كانوا يتسببون في الأذية والمشاكل حتى لأسرهم وأقاربهم.
لكن فراق الأحباء مختلف وموجع مهما كنا مؤمنين بما كتبه الله تعالى علينا، وهذا طريق سيسلكه الجميع. ومع أن النفس البشرية لا تتحمل الصدمة والمفاجأة التي تجعلك عاجزا أحيانا عن وصف كل ما في داخلك حتى لو كنت تستطيع الكتابة والتعبير لأن التفكير والقلم سيصبحان كالحصان الجامح، إلا أن من نعم رب العالمين علينا إلهامنا الصبر والسلوان على فقد الأحبة.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحم الجميع برحمته الواسعة، وأن يغفر لكل إنسان ترك أثرا إيجابيا في هذه الدنيا، وكان في يوم من الأيام مصدرا للفرح والسعادة.