مداخل العلم وتفتق الأذهان – بقلم : وسمية المسلم
لا يوجد شيء أعز من العلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طلب العلم فريضة على كل مسلم»، وفوائد العلم كثيرة وأثره عظيم، يحمل أخبار الماضين وأنباء الغابرين وقصص الأنبياء والمرسلين وآداب الدنيا والدين ومعرفة الغرض والشريعة والسنة، وتكثر من العلم لتعرف وتقلل عنه لتحفظ، ويكتب الرجل أحسن ما يسمع ويحفظ أحسن ما يكتب.
وللعلم أربعة: آفة ونكد وإضاعة واستجاعة، فآفته النسيان، ونكده الكذب، وإضاعته وضعه في غير موضعه، واستجاعته أنك لا تشبع منه، ولذة العلم في معرفته والغوص في كنوز معارفه.
ومن أكثر المذاكرة بالعلم لم ينس ما علم واستفاد ما لم يعلم، وكونوا للعلم رعاة، والذي يفتي بغير علم فقد ضل وأضل، ولا تتكلم فيما لا تعلم بكلام من يعلم، فحسبك جهلا من عقلك أن تنطق بما لا تفهم.
وفضل العلم عظيم، فالرجل قد يبلغه الكبر فلا يحفل بشيء من أمر الدنيا إلا بأن يثنى عليه بالمعرفة، ويعظم بأن يشار إليه بالعلم والحكمة، فاجتهدوا في طلب العلم واقتباسه.
والعلم أشرف ما رغب فيه الراغب، وأفضل ما طلب وجدّ فيه الطالب، وأنفع ما كسبه واقتناه الكاسب، لأن شرفه يثمر على صاحبه وفضله ينمى عند طالبه. وتعلم بالعلم فإن لم يكن لك مالا كان لك جمالا، فالعلم أفضل خلف والعمل به شرف. وأول العلم الصمت، والثاني حسن الاستماع، والثالث الحفظ، والرابع العمل به، والخامس نشره، ومن حفظ لسانه نجا من الشر كله.
ولو يكون القول في القياس
من فضة بيضاء عند الناس
إذا لكان الصمت من خير الذهب
فأسمع هداك الله تلخيص الأدب
والمجالس والصالونات قد تشمل الأدباء والشعراء والعلماء وأصحاب النوادر والطرائف، وهناك مجالس لا تخلو من أصحاب الطرائف والظرفاء والذين وهبهم الله البديهة، التي تجعلها تلتقط أحداث الحياة وأحوالها فتتحول على أيديهم إلى ضحك وطرائف تؤنس جلساء المجالس، وتدخل في قلوبهم ونفوسهم البهجة والسرور والمتعة والترويح عن النفس من أعباء الحياة وهمومها، وقد تشرح الصدر ابتهاجا وتطير بجناح السرور مرحا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «روحــوا القلوب ساعة بعد ساعة فــإن القلوب إذا كلت عمیت».
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يضحك حتى تبدو نواجذه. والسعادة في سلامة النفس، والسعيد من اتعظ بغيره، وقوام السعادة في الفضيلة.
لا تحسبن سرورا دائما أبدا
من سره زمن ساءته أزمان
فما یدوم سرور ما سررت به
ولا يرد عليك الغائب الحزن
والمــزاح سنة فيمن يحسنه ويضعـــه في مواضعه، والمزح في الكلام كالملح في الطعام، والإفراط في المزح مجون لا بد من المهموم أن ينفس عن نفسه وإلا هلك.
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اني لأمزح ولا أقول إلا حقا».
ومــن كثــر مــزاحه قلت هيبته وقد يورث الضـغينة والمهــانة، فاقتصد في مزاحك، فإن الإفراط فيه يذهب البهاء ويجرئ عليك السفهاء، وإياك وكثرة الضحك، فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه، فليكن بدل الضحك عند الإيناس تبسما وبشرا.
wasmiya_m@yahoo.com