على مشارف عام جديد – بقلم : عبدالله الشّهاب
أيام قلائل تتبقى، نودع بعدها عاما، ونستقبل عاما جديدا، يستهله العالم وقد أثقل كالعادة بالأماني العذبة، التي قد تبدو في ظاهرها مستحيلة، لكنها سنن الأيام التي لا تكف عن تشهي الأفضل.
ينقضي العام كئيبا في مناطق جفت بها ينابيع الرحمة، تخوض الإنسانية امتحانا صعبا مرهقا، ربما لم تمر بمثله من قبل، تتقاطر المشاهد مأساوية، للجراح النازفة، والقيم التي تداس في تبجح، ينبعث لهاثها، مستغيثة وليس من مجيب، ينفرط عقد عامنا وغزة صابرة تفترش الألم، يلح عليها البؤس، غارقة في أمواج الدماء، أينما توجهت ببصرك عاينت مأساة، تطالعك الوجوه مكفهرة، مريضة يرشح عليها الخوف والهلع.
عام جديد، يسحق الضعفاء تحت أقدام الحاجة، تستباح إنسانيتهم، تنحدر كرامتهم نحو الهاوية، لتتضاعف طوابير العوز في تيه غير منته.
عام جديد، وها قد أوفت الكويت بعهدها، تمضي على الطريق تلملم جراح الإنسانية النازف، تجمع شتات الملايين الذين يأملون وجه النهار وييأسون آخره، وتفرقت ظلالها، تطوف قوافلها المعطاءة، فتزيدهم قوة إلى قوة، ليعلموا أن الحياة لاتزال بخير.
عام مضي حافل بالعطاء، سطر العمل الخيري في سجله الإنساني ما يستحق التفاخر، أضحت مشاريعه الوفيرة، ركنا رشيدا يستقوي به المساكين، أوقف من جهده ووقته كل ما ينفع الناس ويمكث في الأرض، عام مضى، ومؤسساتنا الخيرية تنحاز للمهمشين، عبر مشاريع تنموية طموحة أيها أعظم برا، تشيع الحق في الصحة والتعليم والغذاء والمسكن، تقضي على البطالة، وتفتح أبوابا للرزق، ومنافذ للسعة، تؤسس للعدالة الاجتماعية التي حضت عليها الشرائع والمثل والأخلاق.
عام مضي والعمل الخيري مقدام في اقتحامه للمناطق الأشد احتياجا بالعالم، يقدم مادته الخيرية الدسمة، يدفع بسخاء ما يعيد إلى خواء الأرض الموحش رونقه، يؤدي واجبا إنسانيا نبيلا قد امتلأ به قلب عامر بالخير، قبسا مضيئا من روح شعبنا الكريم، الذي يعطي بلا من أو استعلاء، ويمنح بلا تفريق أو تمييز، والتزام قيادتنا الرشيدة، والتي مقام الإنسانية عندها فوق كل مقام.
عام مضى وعام آت، وروح الكويت الخيرة دفاقة، تعطي من رصيد الخير لديها، شديدة الانتماء لدينها، وأمتها، وقضيتها الإنسانية العظمى، مشدودة إلى الواقع الأليم تسعى إلى تبديله، مستندة الى تاريخ عريق متصل من الكد والعمل لإسعاد الغير، تتطلع لغد مأمول يستوفي فيه الفقراء بعض حقوقهم، ترد إليهم اعتبارهم، تلغي الفوارق بين البشر، نبيلة الغرض، رفيعة الهدف.
قلت وسأكرر، فنفسي مطمئنة بالأمل، فهذا منجزنا الخيري لا يخفى على أحد، قد توافرت فيه جميع الشواهد، يأخذ بعضه بزمام بعض، محل الصدارة، وموضع الحفاوة، وضعت فيه البشرية ثقتها، يزكو زكاة الكلمة الطيبة، التي أصلها ثابت وفرعها في السماء.