السعيد من نظر لنفسه – بقلم : مشعل السعيد
مقولة «السعيد من نظر لنفسه» من أقوال الحكماء، فالعاقل حقاً من اعتبر بأمسه ونظر إلى نفسه وأعد العدة لرمسه، وراقب الله في قوله وهمسه؟ كل واحدة مما ذكرت منهج حياة قويم، وسداد ورشاد، والأيام كما نرى سريعة جدا، فعلينا أن نسابق الأيام في مراقبة أنفسنا أكثر مما نراقب الناس وأن نتعرف على عيوبنا قبل أن نفتش على عيوب الناس، ولنتذكر دائما قول المولى عز وجل: (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا) (آل عمران: 30)، فأنت تسأل عما فعلت وليس عما فعل الناس، فلست مسؤولا عنهم، وكل ما نفعله مسجل في صحائفنا بأدق التفاصيل، ولقد صدق القائل:
فلو أنا إذا متنا تركنا
لكان الموت راحة كل حي
ولكنا إذا متنا بعثنا
ونسأل بعدها عن كل شي
لا شك أننا بشر أبناء بشر، نسهو ونغفل وننسى وتزل أقدامنا، ولكن مهما غفلنا ونسينا لا ننسى مراقبة الله لنا، ولو راقبنا أمورنا لتداركنا أخطاءنا ولصلحت أمورنا واستقمنا وارتاحت ضمائرنا وكنا من السعداء في الدنيا والآخرة، بإذن الله، إن المرء إذا استشعر مراقبة الله له وعلم بمعية الله له في حله وترحاله وأنه بعينه تعالى يتحقق له الخوف من الله ومحاسبة نفسه وحجزها عن كل قبيح، يقول الحسن البصري رحمه الله: «المؤمن قوام على نفسه، يحاسب نفسه لله عز وجل، وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة»، تأملوا إن شئتم قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) (الحشر: 18).
إن السير على الطريق الصحيح والمحجة البيضاء يحتاج منا إلى الصبر ولكنه في النهاية نجاة لنا وسد منيع بيننا وبين نار وقودها الناس والحجارة.
ولقد أحسن القائل:
ولست أرى السعادة جمع مال
ولكن التقي هو السعيد
وتقوى الله خير الزاد ذخرا
وعند الله للأتقى مزيد
والله الموفق، ودمتم سالمين.