الألم والتشفي في حرائق كاليفورنيا ومجازر غزة! – بقلم : د. سامر أبورمان
أتفهم تماما الألم الذي نشعر به جميعا نتيجة السياسة الأميركية المنحازة لإسرائيل ودعم أغلب ساستهم لمجازر غزة، وكذلك ردود الأفعال، التي قد تخرج أحيانا عن الحد فيما يتعلق بالتشفي في بعض المصائب والكوارث، مثل حرائق كاليفورنيا المشتعلة منذ أيام ولغاية اللحظة، والتي قتلت العشرات والتهمت الآلاف من المنازل وشردت قاطنيها مع توقع خسائر غير مسبوقة في تاريخ الحرائق والأعاصير في الولايات المتحدة.
هذه المآسي تجعلنا نواجه مشاعر متناقضة، حيث يتداخل الألم الشخصي مع مشاعر الغضب والخيبة. شخصيا، شعرت بسعادة من بكاء الممثل جيمس وودز عندما احترق منزله، وهو الذي كان يستهزئ بأهالي غزة، ويرفض خيار وقف إطلاق النار، على عكس الغالبية العظمى من الشعب الأميركي التي طالبت بإنهاء الحرب ورفضت تقديم الضرائب دعما لإسرائيل في مجازرها المستمرة في غزة. لكن، يجب أن نتساءل: هل يعتبر هذا الشعور صحيا؟ إن الشعور بالتشفي يصبح غير أخلاقي إذا تحول إلى انتقام مطلق، ودون تفرقة بين الشعوب ومواقفها بشكل عام، او حتى فئات من هذه الشعوب مقارنة بالسياسة الرسمية لبلدانها. فالتشفي قد يبدو كنوع من العدالة، كما شعرتُ وملايين غيري، تجاه الممثل الذي كان يطالب بقتل أهالي غزة، وكان منظر بكائه ونحيبه يؤذي القلوب.
وقد يرى البعض أن هذه الحرائق كانت عقوبة إلهية على ما حدث من تهكم واستهزاء خلال حفل توزيع جوائز تكريم المواهب الإبداعية في الأعمال السينمائية والتلفزيونية، الذي أقيم في لوس أنجيليس قبل يوم من اندلاع الحرائق، والذي عقبت عليه مقدمة الحفل بأنه غير مفاجئ في هذه المدينة البعيدة عن الإيمان! رغم أن أيا كان لا يستطيع الجزم بأن جميع الحضور يوافقونها فيما قالت، كما أن الكثيرين لا يربطون بين الحرائق والخسائر الضخمة وجريمة استهزاء هذه الفئة القليلة المستفزة!
قبل سنوات مررت في وسط لوس أنجيليس بمئات المشردين وخيمهم المهترئة، وكم شعرت بالشفقة عليهم، وقدمت ما تيسر وتبقّى في سيارتي من طعام بعد سفر طويل عبر طريق ساحل المحيط الهادئ من سان دييغو! إن الشعور بألم ومعاناة البشر الآخرين يجمعنا، بغضّ النظر عن خلفياتهم، ما لم يكونوا معادين ومحتلين لنا، وأؤكد أن ذلك لا يعني أنني أفرح في مصائبهم وما يعانونه من ألم، بل على العكس، إذ إن كل تجربة قاسية تمر بها المجتمعات تذكرني بأهمية الإنسانية والتعاطف في أوقات الشدة.
لا يعني ذلك أن نرفض ربط هذه الحرائق وهذه المصائب بما يجري في غزة، فعلى أولئك الذين يؤيدون مجازر الصهاينة أن يدركوا أن الألم والمعاناة ليست محصورة في مكان واحد، بل هي تجربة إنسانية مشتركة. إن التعاطف مع ضحايا الكوارث الطبيعية يجب أن يمتد ليشمل أولئك الذين يتعرضون للظلم والعدوان في أماكن أخرى.
وهذا الفهم لمبدأ التعاطف والمناصرة للمتضررين من الكوارث، حيثما كانوا، قد دفع بالجهات الإنسانية الأميركية ذات المرجعية الإسلامية، مثل Zakat Foundation and Islamic Relief وIslamic Relief USA، إلى إعلان حالة الطوارئ واستنفار كل جهودها لإغاثة المتضررين من حرائق لوس أنجيليس!
samir@worldofopinions.org