الكويت – النخبة:
المصدر – القبس:
قالوا إن ألم سن من أسنانك قد يوجعك أكثر من ألمك تجاه الملايين من البشر الذين يعانون من المجاعة أو ويلات الحروب أو التشرد أو اليتم! وهذا على أغلب الظن حقيقة، فعندما يغزو الألم سناً واحدة من أسنانك ستئن وستضع كفك على وجهك تعبيرا عن ذاك الألم، وربما تنشر خبر ألمك لعائلتك ولزملائك في العمل وللقاصي والداني، وتكتب ذلك في وسائل التواصل الاجتماعي كي يتفاعل جميع البشر مع ألم تلك السن، وتقول لهم إنك لست قادراً على فعل شيء في هذه الحياة، فالألم فظيع وغير محتمل، وإنك بطل من الأبطال لجسارتك في التغلب على ذاك الألم بالصبر، وربما توحي للناس أنها النهاية من قسوة الألم، وتنسى كل ما حولك من مسؤوليات ومآس وربما تنسى أسماء البعض أو ربما اسمك وستوقف جميع التزاماتك لحين أن تُعالج ألم سنك.
ومن جهة أخرى، عندما تشاهد أو تسمع أن أناسا يساقون إلى الموت من دون ذنب أو يعيشون تحت خط الفقر، أو حرموا من أبسط حقوقهم الإنسانية، أو ان أطفالا قُتل ذووهم على مرأى منهم، حينها ستشعر بالحزن تجاهم ولكن ربما للحظة، ولن تئن كأنينك من ألم أسنانك. تلك هي الطبيعة البشرية، فلن نستطيع أن نغير تلك الطبيعة التي يغلبها حب الذات، لكن أن يتحول حب الذات إلى حب السيطرة أو إلى الأفعال الجائرة أو إلى الحرية التي لا تعترف بالحدود، فذلك هو الشر بعينه. حب الذات من الممكن أن يشرع لصاحبه جواز أن يتلف كل شيء عداه، ولا يراعي في الناس ذمة، ولا يهمه ما يحدث إن كان لا يمسّه.
باختصار حب الذات يعني أن تتصرف من دون أدنى مسؤولية تجاه الآخر وكذلك المكان الذي تقبع فيه لأنك تعتقد أن تلك الأفعال لن تضرّك!
أتمنى أن يستمع الناس إلى نصيحة الشاعر ناظم حكمت في قصيدته، لعلها آخر رسالة لولدي محمد، حيث قال فيها: «لتحي على الأرض كما لو كان العالم بيت أبيك».
