يوسف عبدالرحمن يكتب: السُنَّة والبِدْعَة!
الكويت- النخبة:
المصدر – الأنباء:
تلتقط أسماعنا مفردات متداولة بين الناس مثل السنّة والبدعة!
لا تخلو جلسة أو حوار إلا ويتم التطرق الى السنّة والبدعة، فما معنى هذين اللفظين عند الفقهاء؟
يُقصد بذكر لفظ السُنة هو كل ما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو وصف أو تقرير مما هو ليس بفرض ولا واجب، وتعريفها عند علماء الكلام (العقائد أو التوحيد)، فالسنة هي الطريقة المسلوكة في الدين من غير افتراض أو وجوب.
أحيانا تُطلق كلمة السُنة على المعنى الاصطلاحي ويراد هنا المعنى اللغوي أو الطريقة والأمر المتبع، فيقال: فلان أول من سنّ كذا، وعليه فكل من بدأ فعل شيء ثم قلّده الناس وعملوا مثله إن كان فعلا في الخير أو الشر فقد (سنّ) طريقة وأحدث مسلكا، ومن ذلك الحديث: «من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها الى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة…» الحديث.
أما البدعة، فهي الأمر المُخترع الحادث على غير مثال سبق، وهذا الأمر الجديد المستحدث إما أن يكون طاعة لله ورسوله ولا يتعارض مع قواعد وأصول الشرع فيكون حسنا، وإما أن يكون على خلاف ما أمر الله ورسوله به أو ما نهى عنه الشرع فيكون مذموما وحراما، وعلى هذا فإن لفظ بدعة في حد ذاته ليس ذماً إلا إذا أُريد به الشيء الجديد الضار المخالف للدين، أما الشيء المستحدث الذي لا يخالف الدين في شيء وهو بدعة غير ضارة ولا تسمى (بدعة ضلالة)، ومن ثم فإن المراد بعبارة كل بدعة ضلالة أي كل بدعة جاءت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام مخالفة للدين.
وهنا قد تكون البدعة محمودة وليست مذمومة، وقد ذُكرت البدعة في القرآن الكريم في آخر سورة الحديد، قال تعالى: (ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها…).
وذكرت البدعة أيضا في موضع المدح على لسان الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه عندما مر فوجد المسلمين يصلون التراويح جميعا خلف قارئ واحد هو أبي بن كعب رضي الله عنه، فقال: ونعمت البدعة هذه.
وهنا يجب ألا تستعجل في إطلاق الأحكام، فهناك أحيانا (فهم خاطئ) لبعض الناس في قضية حكمهم على كل شيء بأنه بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار!
٭ ومضة: ما أحوجنا في هذا الزمان إلى الالتفاف حول كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ونبذ الخلافات والأخذ ما أجمع عليه علماء الأمة من (السلف والخلف) والتزام جماعة المسلمين الوسطية.
لقد ذم الله عز وجل كل من يجادل في الله بغير علم ومن غير عقل صحيح ولا نقل صريح، بل مجرد الرأي واتباع الشيطان والهوى والتعصب ومعاندة الحق ومصادرة الأدلة والحديث الذي يوافق هواهم فيضعفونه لو خالف رأيهم.
لقد حذرنا الحبيب رسولنا الكريم من مغبة ضياع العلم وظهور الجهل وانتشار الفتنة على (يد أناس) ضالين مضلين يحكمون وفق أهوائهم.
قال تعالى: (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد، كُتب عليه أن من تولاه فإنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير) (3، 4 سورة الحج).
٭ آخر الكلام: قال ابن كثير: أمر الله المؤمنين بالجماعة ونهاهم عن التفرق والاختلاف، وأخبرهم بأنه إنما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين الله.
٭ زبدة الحچي: إدارة الوسطية في وزارة الأوقاف لها جهودها المقدرّة بشخوصها وفعالياتها وإصداراتها لكننا نأمل أن يكون لها دور أكبر بكثير من الواقع المعيش.
ما أحوج مجتمعاتنا في ظل هذه الهجمة المتردية في بروز ظاهرة الإلحاد والتشكيك ونزع الحجاب إلى دور (موازٍ عاقل وسطي) يأخذ الناس باللطف والحجة ودستور من يعمل في الدعوة قوله تعالى: (قل هذه سبيلي أدعو الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين) سورة يوسف.
أخرج البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الدين يسر ولن يُشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة».
عقيدتنا وشريعتنا الإلهية سمحة سهلة الأحكام والتكاليف، ولهذا نقولها للجميع «ما أيسر الدين الإسلامي وسهولة تكاليفه»، علينا أن نخلص النية لله، فالدين يتسع لنا جميعا دون وصاية، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين.