الكويت – النخبة:
كتبت مقالاً، مُسح بطريق الخطأ، فانتابني شعور بالحزن لما بذلته من جهد ووقت في هذا المقال.. إلا إنني سعدت أكثر وأكثر عندما وجدت تقريراً شدّ اهتمامي، نُشر في صحيفة القبس.
يتحدث هذا التقرير عن الجرائم التي تقع في الكويت يوميا.. وشدني عنوان جانبي، يقول ان تزوير الجنسية والشهادات والبصمة والمرضيات هو الأكثر ارتكاب يوميا.. فهناك كل خمس ساعات بالضبط متهم بتزييف الحقيقة، بغض النظر عن هوية هذه الحقيقة.
هذا الموضوع الذي أتحدث عنه بأرقامه واحصائياته صادر عن النيابة العامة وينشر لاول مرة.
خمسة متهمين وثلاث جرائم تزوير تقع يومياً في الكويت، بمجموع 1100 قضية و1700 متهم سنوياً.. بمعنى انه في كل خمس ساعات تقريبا يُضبط مزور.
السؤال: هل هذه الأرقام الكبيرة هي تفسير لزيادة الضغط والتشدد على كل حالات التزوير التي انتشرت بشكل غير طبيعي في كل مكان، بدءا من تزوير البصمة والتوقيع وصولا إلى تزوير الجنسية، أم أن غياب القانون وحالة اللامبالاة والجو الملوث شجعت على زيادة انواع التزوير وخرق القانون وتكراره يوميا مع حالة الاسترخاء وضعف المتابعة؟!.. وان كانت النتيجة واحدة في كلتا الحالتين!
هناك مشاهد انطلاقا من مقولة «شر البلية ما يضحك».. الأول ان بعض المثقفين حسب ما ورد في التقرير اعتبر ان طوفان قصة التزوير على السطح إيجابي. وذلك حتى تتحرّك الحكومة وتعاقب كل من تسوّل له نفسه من المزورين والمتساهلين معهم والذين حرصوا على تمرير أوراقهم وكأنها حقيقة لا لبس فيها.. حتى اختلت التركيبة السكانية عندنا وأصبح الكثير من الكويتيين سبب الفساد وعالة على المجتمع، اكثر من كونهم مواطنين محبين غيورين يخافون على بلدهم، ويحرصون على «صحته».
أما القضية الطريفة الثانية فهي عندما وقف متهمون بتزوير الجناسي.. أمام القاضي وجّه الابناء الكلام للقاضي بان من يقف معهم خلف القضبان هو ابوهم.. ردّ الاب قائلا: هم ليسوا أبنائي، ولا اعرفهم ولم أزوّر أسماءهم.
تلوموننا اذا شددنا على يد الفاضل صالح الفضالة، وقلنا له: شد حيلك وافرز الصالح من الطالح.. ولا تلتفت الى ما يقال هنا وهناك، لا من نواب ولا من مغرّدين، ولا من ناس عاديين او اكثر من ذلك.
بالكويت نحن اليوم في أمسّ الحاجة الى من ينقّي مجتمعنا من اي شوائب دخلت عليه من الشبابيك، وليس من الابواب.. دخلت بالتزوير وليس بالحقيقة.. دخلت بسبب جرائم ارتكبها البعض ممن كان ولا يزال في موقع المسؤولية.. لا يهمه الا ما يريد تحقيقه من اهداف قصيرة المدى تصب في المصلحة الخاصة والضيقة جدا.. لا اكثر ولا اقل؛ فكاد يضيّع البلد، وتضيع رائحته ونكهته.
كل 5 ساعات تقريباً يُضبط مزوِّر.. فهل يُعقل هذا؟!
