بعد شكاوى من أولياء الأمور.. متخصصون: لا إساءة للرسول (ص) في مناهج التربية الإسلامية
الكويت– النخبة:
المصدر – الراي:
مع غياب الشرح الكتابي التوضيحي، لحديث شريف ورد في منهج التربية الإسلامية للصف السادس، اعترض أولياء أمور على ما أسموه «إساءة للنبي» صلى الله عليه وسلم، قبل أن يوضح متخصصون في الحديث الشريف المعنى المراد من الحديث الذي لا يتضمن أي إساءة، فيما شدد موجه فني لمادة التربية الإسلامية على دقة ما يتم اختياره وتضمينه للمناهج.
الموضوع بدأ باعتراض أولياء أمور على حديث شريف في منهج الصف السادس، حيث حضروا إلى «الراي» للتعبير عن احتجاجهم على محاولات الإساءة للنبي الكريم، رابطين «بين اتهام خطيب مسجد بالغلو في مدح النبي، وبين الإساءة إليه في مناهج وزارة التربية، وبأنها موجة جديدة لننسى الرسول وإرثه وأخلاقه، وإلا كيف يعتمد حديث يسيء إلى صفوة الخلق ويمر على 6 موجهين للتربية الإسلامية من دون أن يستوقفهم؟»، وفقاً لأولياء الأمور.
وفيما نفى موجه تربية إسلامية لـ«الراي» وجود أي إساءة لصفوة الخلق في مناهج التربية الإسلامية، وأن الحديث المشار إليه منقول من كتب السنة ولا يتضمن أي إساءة للرسول الكريم، بيّن أولياء الأمور من ديوانية «الراي» أن الحديث المقصود في كتاب الصف السادس في باب الغسل المستحب مفاده (عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه أنه «رأى النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل») واعتبروا أنه «حديث يسيء إلى الرسول وحاشاه وهو ذو الخلق العظيم أن يراه أحد من الصحابة متجرداً»، مطالبين قطاع البحوث التربوية والمناهج بالتحقق من صحة الحديث لأسباب عدة، أهمها أنه يسيء إلى الرسول، ثم أنه يتناقض مع أحاديث أخرى في الصحاح رويت في باب غسل النبي وهو الذي يقول فيها لعلي بن أبي طالب «استرني بثوبك وولني ظهرك».
وبيّن أولياء الأمور «أننا بهذا الحديث نعلم أطفالنا في الصف السادس بأن التجرد من الملابس على الملأ أمر طبيعي لا شيء فيه، وهذا بالطبع سيقود إلى أمور أخرى أهمها زرع التعــــــري فــــي نفـــــوس الصغـــــار، إن كان قدوتهم حاشاه هكذا، واننا بهذا الحديث نسيء لخاتم الانبياء، أكثر من إساءة الغرب إليه في رســــــومهـــم وأفلامهم»، مؤكــــدين «تسجــــيل شكوى في وزارة التربية بهذا الشأن ولكن للأسف لم يتم الرد عليها».
من جهته، قال الموجه الذي نفى تضمن الحديث المذكور أي إساءة، لـ«الراي»، إنه «تم تشكيل لجنة لعمل الوثيقة الوطنية للتربية الاسلامية، وبدأت عملها رسمياً منذ العام 2005 شاملة جميع الصفوف من الأول إلى الثاني عشر، وبدأت في ضوئها تأليف المقررات، وأعضاء اللجنة هم من الأكاديميين المتخصصين في جامعة الكويت ووزارة التربية وكلية الشريعة».
وبيّن الموجه – الذي آثر عدم ذكر اسمه – أن «اللجنة سلمت كل المقررات المطورة إلى قطاع المناهج، وقد تم تطبيق المنهج الجديد في كافة الصفوف، حيث إن أبرز التعديلات التي شابت المناهج المطورة، هي اعتماد الوحدات المنفصلة في المقرر كالعقيدة والتفسير والقرآن والتهذيب وفق المجالات الشرعية، وتمت إضافة المفاهيم الجديدة التي اعتمدها مجلس الوزراء، وأهمها قيم التسامح واحترام الآخرين والمواطنة الصالحة، ولا سيما أن المنهج بحد ذاته قائم على الدعوة إلى الفضيلة ونبذ الطائفية بكل أشكالها».
وأوضح أن «تعديل المناهج تم وفق لجان أكاديمية تربوية تنأى بنفسها عن الإساءة إلى أي مذهب أو طائفة، وإنما هي مناهج معتمدة من قبل وزارة التربية وخصوصا أن تقسيم مادة التربية الإسلامية وفق الوحدات المنفصلة دفعت بعض الوحدات، كالعلوم الشرعية، إلى أخذ حقها في التناول المتشعب ورغم إجراء بعض التعديلات في موضوعاتها إلا أن مضمونها كان ثابتاً ولم يتضمن أي إساءة».
ونفى بشدة أن «تكون المناهج تسير باتجاه مذهب معين دون غيره، بل أن مصادرها هي القرآن الكريم والسنة النبوية وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم الواضحة الدلالة والسند»، مؤكداً أن «توجيه التربية الإسلامية كلما طرح موضوعاً جديداً في المدارس يرصد ردود الفعل إزاءه في الميدان التربوي، حيث يتم إعداد تقارير فنية في نهاية كل فصل دراسي، تدرج فيها ملاحظات أهل الميدان التربوي في المناطق الست، وكان أهمها تخفيف المحتوى الهائل للدروس المطبقة في منهج الصف الثامن وتعديل بعض الأمور المتعلقة برواية الأحاديث النبوية لتجنب الفهم الخاطئ عند البعض».
وأكد الموجه أن «قطاع المناهج يقوم كل سنتين بطباعة الكتب وفق عقود الطبع المبرمة مع الشركات، الأمر الذي يدفعنا دائماً إلى تدوين جميع الملاحظات وتعديلها في الطبعات القادمة»، كاشفاً عن تضمين مناهج التربية الإسلامية للاستراتيجات الحديثة كالحواسيب والبرمجيات.
بدوره، قال الاستاذ في قسم التفسير والحديث بجامعة الكويت الدكتور شافي العجمي لـ«الراي» إن «هذا الحديث مشهور عند أهل العلم، وهو حديث صحيح رواه الترمذي وغيره، والمقصود بالتجرد هو أن النبي اغتسل لوحده للإحرام كما يغتسل غسل الجمعة أو العيدين وليس المقصود أنه اغتسل أمام الناس».
وأضاف العجمي «اغتسال النبي صلى الله عليه وسلم مشهور وليس به منقصة، وتعظيم النبي لا يشك به مسلم، لكن ما جاء في الحديث يدل على استحباب الاغتسال عند الإحرام وليس فيه أي إساءة للنبي، فبعض الناس يظن أن النبي تجرد أمام الناس وهذا لم يقع أبداً».
وزاد «التجرد هنا هو التجرد من المخيط حتى يتخلص الإنسان من علائق الدنيا ويتـــذكر الموت ويقبل على الله سبحانه وتعالى وهذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم». واختتم قائلاً «الحديث حسّنه الترمذي وأهل العلم الحنابلة والشافعية والحنفية والمالكية، وليس هناك من أهل العلم من طعن فيه أو شك في معناه وكلهم فهموا أن الحديث يدل على استحباب الاغتسال عند الإحرام».
من جانبه، رأى الباحث المتخصص في الحديث الشريف علاء الدين عبدالكريم سلانكلي أن مبعث اعتراض أولياء الأمور أمران، أولهما ظاهر المعنى في كلمة «تجرد» في الحديث الشريف، التي لا تعني التجرد من الثياب، بل ترك المخيط ولبس الإزار والرداء للإحرام، كما ورد في سنن الترمذي، والثاني أن غياب الشرح الكتابي المرافق لدلالة الحديث الشريف، قد يأخذ الفهم إلى المعنى الظاهري، ولاسيما إذا أغفل المعلم شرح المغزى من الكلمة.