سعاد فهد المعجل تكتب: «عقاريم» والتطبيع
الكويت – النخبة:
المصدر – القبس:
اجتاحت وسائل الإعلام وأدوات التواصل الاجتماعي جدلية التطبيع مع إسرائيل، ولم يبقَ أحدٌ لم يدلِ بدلوه في هذا الموضوع، وليس أهل السياسة وصناع الرأي فقط.
لا شك في أن السلام بين البشر مسألة محببة وحسنة، فلا أحد يرغب في الحروب والعنف والدماء، لكن السؤال المتعلق بإمكان تحقيق تواصل أو سلام مع إسرائيل لا نملك نحن العرب وحدنا الإجابة عليه؛ فإسرائيل هنا معنية بالأمر، وربما أكثر منا، فهي المعتدية في معادلة العلاقة العربية – الإسرائيلية، وبالتالي يُفترض أن تكون خطواتها نحو تحقيق السلام مع الآخرين أكبر وأكثر سرعة وجدية، وهو بالتحديد جوهر المشكلة التي طالما وقفت حجر عثرة في جميع محاولات السلام من قبل. ومع كل المؤتمرات التي جرى عقدها دولياً وإقليمياً لوضع حدٍّ لحالة النزاع العربي ــــ الإسرائيلي المستمر، عملياً وفعلياً، إسرائيل لا تريد السلام. وتلك حقيقة أثبتتها نتائج كل اتفاقيات السلام التي جرى توقيعها معها حتى اللحظة، كما لا مؤشر على رغبة إسرائيل حقاً في سلام عادل وشامل يضمن استقرار المنطقة ويؤمّن العدالة والأمن لكل شعوبها. صحيح أن إسرائيل وقّعت اتفاقيات سلام مع دول عربية مواجِهة مثل اتفاقية كامب ديفيد مع مصر واتفاقية وادي عربة مع الأردن، وهذا بخلاف اتفاقيات أوسلو وجنيف ووارسو وغيرها، لكن كل المؤشرات على أرض الواقع تشير إلى أن تلك الاتفاقيات لا تعدو عن كونها مجرد خطوات إستراتيجية مرحلية تقف وراءها أهداف أيديولوجية كبيرة تسعى إسرائيل إلى تحقيقها، بل هي في جوهر وأساس قيامها كدولة يهودية، أو ما يسمى إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل.. وذلك وفقاً للرواية التوراتية في سفر التكوين.
من المؤسف اليوم أن نرى بعض المثقفين العرب يسابقون العامة في تأكيد الحقوق التاريخية لليهود في فلسطين، وهم إن كانوا يبررون مواقفهم هذه بكونها تمثل وجهات نظر من حقهم التعبير عنها، فإننا نذكرهم فقط بمقولة الشهيد «أبو أياد» حين قال: أخشى ما أخشاه أن تصبح الخيانة وجهة نظر!
ما نود أن نذِّكر هؤلاء به أن التطبيع أو أي سياسة أخرى تجاه إسرائيل ككيان محتل، لا تملكها السلطة الفلسطينية ولا مصر ولا الأردن ولا دول الخليج وحدها، فالقضية هنا ليست قضية فلسطينية – إسرائيلية، وإنما قضية عربية – إسرائيلية، ومسألة الزج بأسماء وشخوص هامشية للترويج لهوس التطبيع وكما هي الحال اليوم ما هي إلا مراوغات مفضوحة تسعى إلى تهيئة الناس لمشروع التطبيع، لكن من دون رصيد ملموس ومحسوس وواضح يعود على الجانب العربي هنا.
إن محاولات البعض لإلباس التطبيع سترة الحكمة والواقعية والإيحاء بأن رافضي التطبيع قد يجدون أنفسهم معزولين عن حقيقة الوضع، هي محاولات لن تجد صدىً، خصوصاً أن روح العداء العربي ـ الإسرائيلي تجددها كل يوم حملة مهووسة بالتمدد الاستيطاني ورفض إسرائيل لأي مبادرة سلام.. ففي النهاية تبقى الحقيقة الوحيدة عند الإسرائيليين بأننا جميعاً وليس الفلسطينيون وحدهم مجرد «عڤاريم» أنجاس.