عشرات الفتيات أمام #الجنايات بتعاطي المواد المخدرة وبعضهن بمعيّة أزواجهن! والرعاية غائبة!
الكويت – النخبة:
المصدر – الجريدة
لم يكن مثول المتهمين أمام المحاكم الجزائية بقضايا المخدرات أمراً جديداً، لكن المشهد غير المألوف، الذي تشهده المحاكم، على نحو قد يكون أسبوعياً، هو مثول فتيات مواطنات أمام المحاكم بتهم تعاطي المواد المخدرة والاتجار بها؛ سواء بمفردهن أو بصحبة أزواجهن.
بينما يستعد الجمهور خارج قاعات جنايات محكمة الاستئناف، انتظارا لانعقاد جلسات المحكمة التي ستنظر في القضايا الجنائية المتهم فيها عدد من المتهمين بمختلف القضايا، يلتقي أحمد بمحاميه خارج القاعة، ليسأله عن كيفية التعامل مع الأسئلة التي سيوجهها إليه القاضي بأنه متهم بحيازة وإحراز مواد مخدرة بقصد التعاطي، ويخبره بأن عليه أن يجيب بكلمتين فقط: «غير صحيح»!
وبينما يتبادلان الحديث عن مصير الاستئناف الذي أقامته النيابة العامة ضده، بعدما حصل على حكم من محكمة أول درجة بالبراءة، لأن إجراءات القبض عليه كانت باطلة، يخرج حاجب القاعة مناديا للحضور قائلا: «قاعة 4 هنبدأ الجلسة»، فيهمّ الجميع بالدخول الى قاعة المحكمة، ويطلب أفراد الشرطة من الجميع الالتزام بالهدوء وإغلاق الهواتف وعدم الحديث، وما هي إلا دقائق حتى يرفع الحاجب صوته، معلنا بدء الجلسة، صائحا: «محكمة»، ليقف الجمهور عند دخول القضاة الى قاعة المحكمة، إلى حين جلوسهم، فيأذن رئيس الهيئة القضائية لهم بالجلوس.
إنكار
يبدأ الحاجب بالمناداة على أسماء المتهمين في الرول الأول، فيتلو عليه القاضي الاتهامات المنسوبة إليه من النيابة، فيقر بعدم صحتها، ويطلب الدفاع معه الحكم برفض الاستئناف المقام من النيابة، وبتأييد حكم براءته من الاتهامات المنسوبة اليه، ثم ينادي الحاجب على الرول الثاني، فتتقدم فتاة ربما لا يتجاوز عمرها العشرين عاما، فيسألها القاضي: هل أنت فلانة؟ ترفع رأسها قليلا بوجه القاضي مجيبة: نعم، يهز القاضي رأسه، ومن ثم يمعن قليلا في قراءة ورقة الاتهام، ويسألها: هل أنت متهمة بحيازة مواد مخدرة عبارة عن مؤثرات عقلية بقصد التعاطي؟ فترد بهز رأسها بالإنكار، فيطلب القاضي منها الإجابة، فتعيد هز رأسها دون أن تنظر للقاضي!
فيطلب القاضي من أمين سر الجلسة إثبات أنها منكرة للاتهام، ويطلب من محامي المتهمة الترافع، فيطلب الأخير تأييد حكم محكمة أول درجة ببراءة المتهمة أو احتياطيا بإيداع موكلته بالطب النفسي للعلاج، فيأتي رد القاضي: هي منكرة، فكيف يمكن قبول طلب إيداعها بالطب النفسي؟ فيفوض المحامي المحكمة بالأمر، فتنصرف الفتاة، وينادي الحاجب على الرول الذي يليه.
وفي القضية الأخيرة التي نظرتها المحكمة ينادي الحاجب على اسم فتاة، وشاب آخر للمثول أمام القاضي، فيسألهما القاضي: هل أنتما متهمين بحيازة وإحراز مواد مخدرة عبارة عن هيروين ومؤثرات عقلية (ترامادول)؟، فترد الفتاة: غير صحيح، والشاب بكلمة: ما حصل، فيسأل القاضي: هل المواد المضبوطة بالقضية عثر عليها معكما، فيكون الرد بكلمة «غير صحيح»، فيسأل القاضي الفتاة: «ما سبب وجودك مع المتهم الأول»؟ فتجيب: زوجي، فيطلب القاضي من المحامين الترافع عنهما والرد على الاتهامات المنسوبة إليهما من النيابة العامة.
سابقة
ترفع الجلسة وينصرف الحضور وحتى الفتيات والشبان المتهمون في القضايا الى خارج القاعة، فيسأل المحامي موكله أحمد: وهل نظرت الى الفتيات المتهمات بقضايا تعاطي المواد المخدرة؟ فيرد: «التعاطي منتشر بين الفتيات، لكنني لم أتوقع أن أشاهدهم أمام المحكمة اليوم»، فيرد المحامي بأن مثول الفتيات الكويتيات أو حتى الأجانب أمام دوائر الجنايات بقضايا تعاطي المواد المخدرة، لدرجة أن فتاتين بجلسة واحدة هو بمنزلة سابقة تنبئ عن مدى تفشي ظاهرة تعاطي الفتيات للمواد المخدرة، وعدم اقتصارها على الشباب الذكور وامتدادها الى الفتيات.
مصادر مسؤولة في النيابة أكدت أن عدد القضايا التي حققت فيها النيابة العامة في العام الماضي مع فتيات متهمات بقضايا التعاطي أو الاتجار بالمواد المخدرة فاق الـ20 قضية، وهو عدد لم يكن بهذا المتناول في الأعوام الماضية، لافتة الى أنه رغم أنه لا يمثل عددا كبيرا بقضايا المخدرات، فإن من يلاحظ عدد الضبطيات لجرائم تعاطي المواد المخدرة للفتيات، والتي كانت لا تتجاوز 10 حالات بأنها ترتفع الى هذا العدد، يشير الى ارتفاع معدلات حالات الضبط، رغم وجود حالات يتم استبعادها من قبل جهاز مكافحة المخدرات إذا تم ضبط الفتاة أو الشباب بقطعة مخد لا تذكر جدا، فيتم توقيعه على تعهّد بحضور ولي أمره بعدم تكرار الواقعة.
ولفتت المصادر الى أن تعاطي المواد المخدرة من قبل الفتيات والشباب بسبب انتشار المؤثرات العقلية بينهم وسعيهم الى فكرة التجربة التي قد تنهي مستقبلهم وحياتهم، فضلا عن تأخر الجهات المسؤولة قبل 3 أعوام على تجريم الكيميكال والشبو وحبوب اللاريكا، ساهمت في تعاطي الشباب للمؤثرات العقلية في تجمعاتهم أو لقاءاتهم.
1725 قضية
وأوضحت أن عدد القضايا التي حققت فيها النيابة العام الماضي قرابة 1725 قضية تعاط واتجار، وأن أكثر من 1172 شكوى إدمان قدمت من الأسر ضد أبنائهم المتعاطين، وهو الأمر الذي ينبئ عن ارتفاع جرائم تعاطي المواد المخدرة والاتجار بها، لاسيما أن أغلبية مرتكبي هذه الجرائم من أعمار 18 الى 35، لافتا الى أن هذا العدد الكبير لا يجد استيعابا في المصحات العلاجية في الدولة، ممثلة بمركز علاج الإدمان الذي يسع نحو 300 سرير فقط، في حين أن حجم المحالين لعلاج الإدمان من النيابة أكثر من ألف حالة، أي ثلاثة أضعاف القدرة الاستيعابية.
وبينت المصادر أن انتشار المواد المخدرة بين الشباب مع ارتفاع عدد الضبطيات يستلزم إعادة النظر في أحكام قانون الجزاء المجرّم لتعاطي المخدرات وإعادة النظر في وضع المتعاطي بالتشريع الكويتي الى وصفه كمريض مع إيجاد المصحات العلاجية المناسبة التي تتلاءم مع مرضى التعاطي على المواد المخدرة ضمن برامج تضمن لهم الإقلاع عن التعاطي وتحافظ على السرية.
وقالت إن عددا من الأسر الكويتية يرسل أبناءه للعلاج في السعودية ومصر في مصحات متخصصة هناك، ويرفض علاج أبنائه داخل الكويت، بسبب الخشية من تسرب المعلومات عن علاج أبنائهم الشباب أو الفتيات من تعاطي المواد المخدرة، وهو ما يتطلب العمل معه على توفير مصحات نسائية في الكويت تضمن السريّة والخصوصية للمتعاطين، مع ضمان عدم إمكانية إدخال المواد المخدرة الى تلك المراكز.
وطالبت المصادر وزارتي التربية والإعلام بتكثيف جهودهما لإعداد برامج تعمل على توجيه الطلاب من خطر آفة التعاطي للمواد المخدرة، مع إيجاد خطوط تواصل مع الأسر التي يجهل كثير منها إمكان إعفاء أبنائهم من العقاب في جرائم تعاطي المواد المخدرة إذا تم الإبلاغ عنهم الى النيابة العامة عبر شكوى إدمان، ويتم إيداعهم للعلاج بمركز علاج الإدمان، وذلك تداركا لضبطهم بجريمة تعاطي المواد المخدرة، التي يعاقب عليها القانون الكويتي بالسجن 5 سنوات، وبغرامة 5 آلاف دينار، مع مصادرة المضبوطات، وإذا كان مرتكب الواقعة أجنبيا يتم إبعاده من البلاد.