«صحافة الحلول».. هل تقيل مهنة صاحبة الجلالة من عثراتها؟!
الكويت- النخبة:
المصدر – القبس:
عادة ما تتسابق الصحف على التميز بأخبارها الحصرية وبالنشر المتواصل لموادها الإعلامية على مواقعها الالكترونية، لكن بعضها وفي خضم معاناة الصحف الورقية من استبداد مواقع التواصل الاجتماعي وسيطرة الأخبار الكاذبة، بدأ يفكر ويطرح أسئلة جدّية حول جدوى الاستمرار في نشر أخبار سلبية.
وعما إذا كانت هناك آفاق أخرى للصحافة بعيداً عن المشاكل والرؤى الضيقة، يمكن ان تستقطب المزيد من القراء، وتمنحهم فسحة أمل وتفاؤل عوضاً عن أن تزيدهم تعباً وألماً.
في 2003 خلال اجتماع هيئة التحرير في جريدة الشروق اليومية الجزائرية، قال مدير النشر آنذاك عبدالله قطاف: «علينا أن نركز أيضا في عملنا الصحافي على الجوانب الإيجابية، وعلى بعث الأمل والتفاؤل في نفوس القراء». كانت الجزائر حينها قد خرجت من حرب أهلية، وتتعافى من كارثة فيضانات باب الوادي، وبعدها زلزال بومرداس. ولم تتطور فكرة التحول إلى التركيز على الجوانب الإيجابية في الجريدة لأسباب عدة، أبرزها دخول الصحيفة معتركاً قضائياً بسبب نزاع بين الملاك، لكن الفكرة تحولت اليوم إلى اتجاه. بدأت صحف عالمية عدة في تبنيه بهدف تجاوز أزمة الوجود، التي تعاني منها الصحافة الورقية.
ويهدف هذا التيار الجديد في الصحافة الورقية، الذي يطلق عليه «صحافة الحلول» وفق تقرير نشرته مجلة Elle الفرنسية، الى رسم الابتسامة على شفتي القارئ، وهو يقرأ الخبر بدل تعكير يومه. وتشير دراسات حديثة إلى أن الأخبار التي تتضمن حلولاً وبدائل هي من تحصد اليوم مشاهدات أكثر، وليس تلك العناوين الكبيرة التي تدق ناقوس الخطر، مثل التغير المناخي، وعدم كفاءة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وأزمة المهاجرين وصعود الفكر المتطرف، لذلك يبدو أن الصحافة التي تقدم الحلول، هي الأمل بالنسبة لهذه المهنة التي تعيش اليوم أزمة حقيقية.
دائرة مفرغة
لا تعاني الصحافة المكتوبة اليوم فقط مادياً، وانما تعاني ايضا من أزمات أخرى تتعلق باستقلاليتها، وبالأخبار الكاذبة وضرورة فحص المعلومات وتراجع الثقة في الأخبار في زمن النشر الفوري، علاوة على سأم الناس من الأخبار السيئة، التي تعكر مزاجهم، كلما اتصلوا بالانترنت أو شغّلوا الراديو في السيارة أو التلفزيون في البيت، لذلك يؤكد مختصون أن الوقت قد حان لأن تتخلص الصحافة من سوداويتها وتتيح المجالا لألوان زاهية وأكثر وضوحاً.
ولا تعني صحافة الحلول أن تعتمد المهنة على صحافيين يشبهون «الأم تريزا»، ولا على معلومات جيدة فقط، ولكنها تدعو الصحافيين الى الاهتمام بالمبادرات البناءة والفعلية، وأولئك الذين يعملون في صمت لإيجاد حلول لمشاكلنا، لأن وضع القلم على الجرح اليوم لم يعد كافيا وإن كان ضرورياً.
ويقول كريستيان بواسرودون، مؤسس موقع سبارك نيوز، في مقابلة مع المجلة ذاتها: «تؤكد كل استطلاعات الرأي أن وسائل الاعلام، تنشر أخباراً سلبية جداً، ورغم أن الناس يبحثون دوماً عن معرفة المزيد من الأخبار فإنهم لا يريدون دوماً أن يتعكر مزاجهم».
ويتابع: «تستطيع الصحف أن ترفع نسب المقروئية من خلال مقالات عن المشاريع الايجابية والواقعية من دون السقوط في فخ الصحافة المثالية».
وبادر كريستيان بواسرودون بإعلان يوم عالمي للصحافة المؤثرة يصادف الـ16 يونيو من كل عام، بعد النجاح المنقطع النظير الذي حققه كتابه «أمل حول العالم»، مما دفعه لاطلاق موقعه الالكتروني. ومنذ 2012 قررت أكثر من 50 مؤسسة إعلامية رائدة عالميا إنشاء شبكة عالمة لصحافة الحلول والاحتفال بهذا اليوم، بنشر مقالات حول مبادرات محلية بنّاءة.
ويقول بواسرودون ان المقاربة الجديدة تعتمد على طرح مشاكل المجتمع وتحليلها، ولكن أيضا تسليط الضوء على الحلول والاجابات الممكنة من خلال مبادرات محلية.
قصص رائعة
من المشاريع الملهمة والمبادرات الإيجابية، التي يمكن أن نقرأها على موقع «سبارك نيوز» قصة طبيب النساء الذي أطلق مؤسسة للكشف عن سرطان الثدي، بالاعتماد على نساء يعانين من العمى، أو قصة مكتبة في بوغوتا التي تم افتتاحها لإنقاذ الكتب التي ترمى في القمامة، او مبادرة الشركة الاميركية التي صنعت حذاء يكبر مع الطفل، لتوزيعه في الدول الفقيرة.
ومثل هذه المواضيع تدفع القارئ من دون شك الى التفاؤل بغد افضل.
ورصد الموقع منذ تاسيسه في 2012 أكثر من 5000 مبادرة تنشرها مجانا أكثر من 50 صحيفة عبر العالم، بينها «أساهي» اليابانية التي تبيع يوميا 11 مليون نسخة، والوطن الجزائرية، مرورا بصحيفة China Post التايوانية، وL’orient-Le Jour اللبنانية.