هل تحولت مجالس الآباء إلى وسيلة تربح ولقاءات صورية؟!
تهدف مجالس الآباء والأمهات والمعلمين التي تكونها المدارس في الأصل، الى توعية ذوي التلاميذ بما يحتاجه أبناؤهم وتعزيز تعاون الأسرة والمدرسة، ولكن الواقع يشير إلى عزوف العديد من أولياء الأمور عن حضور هذه المجالس وفعالياتها المختلفة، حتى تحولت تلك المجالس الى مجرد «لقاء بروتوكولي» عديم الفائدة!
وفيما أظهرت الاحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة التربية تشكيل نحو 600 مجلس في مدارس التعليم العام والديني والتربية الخاصة سنوياً، لخّص مصدر مسؤول لـ القبس رؤية الميدان التربوي لمجلس الآباء والمعلمين في الوزارة بكلمات موجزة: «مجلس صوري.. شكلي.. ووسيلة للواسطة والمحسوبيات».
وذكر المصدر أن هذا المجلس الذي يضطلع بدور مهم يهدف الى تعزيز مشاركة أولياء الأمور في صناعة القرار داخل أسوار المدارس، أصبح اليوم مجلسا منسيا، يجمع عدد من مديري المدارس على ألا قيمة له، مع قلة الاجتماعات التي يعقدها، بل وتحوله الى وسيلة للتكسب.
وأشار الى الكثير من التجاوزات التي تشوب عملية تشكيل هذه المجالس، حيث يحرص بعض مديري المدارس على اختيار أولياء أمور متنفذين ويشغلون مناصب حساسة ومن ذوي الدخول المرتفعة، في مجلس الآباء، ويحرصون على ايصالهم لهذا المجلس بغية تعزيز علاقاتهم والاستفادة لاحقاً منهم في انجاز معاملات والتكسب مادياً منهم، ويساعدهم في ذلك عزوف أغلب أولياء الأمور عن المشاركة.
ويستدرك قائلاً: يحرص كثير من أعضاء المجلس على تقديم الهدايا لمسؤولين ومعلمين واقامة احتفاليات في هذه المدارس، وهم بذلك يشترون نجاح ابنائهم ويضمنون حصولهم على درجات عالية، حيث تكثر توصيات مديري المدارس للمعلمين ورؤساء الأقسام بالاهتمام بأبناء أعضاء مجلس الآباء.
غياب الرقابة
ويعتبر المصدر ان المشكلة الحقيقية تكمن في غياب رقابة المناطق التعليمية على أداء هذه المجالس، وقلة الاجتماعات التي يعقدها المجلس، حيث لا تتجاوز اجتماعا واحدا أو اثنين فقط في الفصل الدراسي، ويضيف ان المشكلة تكمن كذلك في عدم وجود ميزانية مخصصة لهذا المجلس، تمنحه نوعاً من الوسائل لتنفيذ أي مقترح يخلص له الأعضاء.
كما يشدد على ضرورة اختيار اثنين من أعضاء مجلس الآباء للمشاركة في اجتماعات مجلس ادارة المدرسة، ليكون على بينة بالقرارات والمقترحات التي تناقش، وينقلون مقترحات أولياء الأمور ومطالبهم.
ويؤكد في الاطار ذاته، ان هناك ضرورة ملحة أمام الوزارة لوضع آلية عمل واضحة ومحددة لمجالس الآباء في المدارس، تتضمن تحديد طريقة الانتخاب وتشكيل المجلس وعمله، وتخصيص ميزانية معينة ومنحه صلاحية محددة.
صعوبات بالجملة
من جانبه، اوضح أحد مديري المدارس لـ القبس، ان مجلس الآباء في كثير من المدارس مجلس صوري، أي على الورق، حيث يعمد بعض مديري المدارس الى ارسال كتاب وهمي للمناطق التعليمية يفيد بتشكيله مجلسا للآباء واجراء انتخابات، وهو في حقيقة الأمر لا يعير هذه المجالس أي أهمية، فيما يحرص مديرون آخرون على تهميش دور هذه المجالس، وتجاهل أي مقترحات تتقدم بها.
بدورهم، يواجه الباحثون الاجتماعيون والنفسيون في المدارس العديد من الصعوبات عند تشكيل المجلس، وفي مقدمتها انخفاض المستوى الثقافي والتعليمي لبعض أولياء الأمور، مما يؤثر سلباً على نجاح الجهود على مستوى المجتمع، وقلة الوعي لفهم دور الباحث الاجتماعي في تنظيم المجتمع وعدم تعاون المؤسسات الخارجية، إضافة الى عدم تجاوبهم مع تنفيذ البرامج والأنشطة التي تعود بالنفع على الطلبة في المدارس.
ومن أبرز الصعوبات أيضاً: عدم تخصيص ميزانية للصرف على مشروعات المجلس وبرامجه، وعدم تعاون أولياء الأمور من الآباء والأمهات والمشاركة في اللقاءات والندوات وحضور اللقاءات الجماعية والتوعوية التي تحددها المدارس لخدمة أبنائهم، فضلاً عن عزوف بعض المعلمين عن زيادة لجان المجالس الطلابية بسبب ضغوط العمل وكثافة الجدول الدراسي، وغياب الدور الإعلامي الذي يساهم في نشر الوعي بأهمية دور مجالس الآباء والمعلمين بالمدارس.
تفعيل مجلس المنطقة
شددت مصادر تربوية على ضرورة تفعيل دور مجالس الآباء والمعلمين في المدارس، والقيام بالتوعية الإعلامية لأولياء الأمور بأهمية دورها في خدمة العملية التربوية، إضافة الى تخصيص ميزانية خاصة بها لتنفيذ المشاريع والبرامج وتحقيق الأهداف المرجوة، فضلا عن تخصيص حوافز تشجيعية للكفاءات الفاعلة من الأعضاء، وتفعيل مجلس المنطقة لدعم الحركة التعليمية وتحفيز القياديين لها.
إدارات مدرسية غير مهتمة!
أكدت المصادر أن بعض الإدارات المدرسية غير مهتمة بتشكيل هذه المجالس بسبب كثرة الأعباء الوظيفية أو عدم تفهم دور مثل هذه المجالس في دعم العملية التعليمية، كما أن فكرة المشاركة بمجالس الآباء والمعلمين ترتبط في أذهان بعض أولياء الأمور بأنها تقتصر على التبرعات المادية.