القاهرة – أيسل محمد:
بينما يجزم الباحثون بخطورة مياه الصرف الصحي على التربة والزراعات ومن ثم على الإنسان، يعتقد كثير من المزارعين في دشنا أن ري أراضيهم بمياه يمنح التربة الزراعية العناصر التي تفقدها.
إبراهيم عبداللاه، مهندس وباحث زراعي، يقول إن مخلفات الصرف الصحي، تشكل خطرا بالغًا على الأراضي الزراعية، خاصة في مواسم الجفاف، لافتا إلى أن هذه المخلفات السائلة لا تزال محملة بتركيزات عالية من الملوثات المختلفة العضوية وغير العضوية، أو الميكروبيولوجية.
يتابع عبداللاه أن تلك المخلفات تحتوي على مواد عضوية تشمل المخلفات الآدمية والصابون والمنظفات الصناعية، ومواد دهنية وشحومات ومواد غذائية ومخلفات ورقية وأملاح معدنية وخاصة الفوسفور والنترات، بالإضافة إلى البكتريا والفيروسات التي تزيد من ملوحة التربة.
ويقول جمال الحبالى، باحث في المحاصيل الزراعية، إن الري المتكرر والمستمر لسنوات طويلة بمياه غنية بالأملاح والصوديوم يشكل خطرًا على سلامة التربة، ويمكن أن يؤدي إلى تآكل بنيتها وإضعاف خصوبتها، مع تدهور تدريجي لصلاحية هذه الأرض للزراعة على المدى الطويل.
كما يؤدي ذلك إلى اختلال توازن المواد الغذائية في التربة، وازدياد نسبة الأيونات السامة “Toxic ions”، ما يساعد على تراكم المعادن الثقيلة في التربة، ويؤدي إلى تلويث المحاصيل الزراعية والتأثير سلبا على الكائنات النباتية والحيوانية الموجودة في التربة الضرورية لخصوبتها.
وتشير دراسة للدكتور نبيل فتحي السيد، بمعهد بحوث الأراضي والمياه والبيئة، التابع لمركز البحوث الزراعية، إلى أن المخاطر السمية التي تتعرض لها الأرض الزراعية نتيجة الري بمياه الصرف الصحي غير المعالجة، سواء كانت مخلفات المصانع أو المحال التجارية أو المنازل تؤدي إلى ارتفاع نسبة عناصر البورون والكلوريد والصوديوم والعناصر الثقيلة بتركيزات تزيد عن الحدود المسموح بها، ما يسبب احتراق أوراق النبات، وبالتالي تقليل إنتاجيته.
وتوضح الدراسة أن المخاطر الصحية التي يتعرض لها الإنسان نتيجة النيتروجين الذائب، الذي يتأكسد إلى نترات، يعرض الإنسان إلى أمراض كثيرة، إذ يصل أيون النترات والنتريت مع مياه الري أو الصرف أو تختزنه بعض النباتات في أنسجتها بنسبة عالية مثل (البنجر- الجزر- الكرنب- الفجل- الكرفس- الخس- السبانخ- الخيار- الفاصوليا)، ما يفقدها الطعم ويغير لونها ورائحتها.
وتنتقل النترات عبر السلاسل الغذائية للإنسان، فتسبب فقر دم عند الأطفال وسرطان البلعوم والمثانة عند الكبار.
أما العناصر الثقيلة التي تنتقل عبر مهلفات الصرف، فمثل النيكل- الكوبالت- الزئبق- الرصاص- الكادميوم- الفلوريد- السلينيوم، والزئبق والمنجنيز يؤثران على المخ والأعصاب، والكوبالت واليود يؤثران على الغدة الدرقية، والزئبق والكادميوم يؤثران على الكلى.
أما السلينيوم يؤثر على الأسنان واللثة، والرصاص يسبب أمراض الدم والقلب والسرطان، والحديد والنحاس والزنك والمنجنيز وجودها بتركيزات عالية جدا يؤدي إلى تحويل النباتات الغذائية إلى نباتات سامة.
إلى جانب وجود العديد من بويضات الطفيليات المسببة لكثير من الأمراض البلهارسيا والأنكلستوما والإسكارس والديدان الكبدية، بالإضافة إلى وجود البويضات التي تسبب الأمراض للماشية والتي تنتقل للإنسان مثل التينيا سوليوم والتينيا ساجنيتا، وكذلك التدهور في كل الصفات النباتية ونسبة الإنبات، بسبب التلوث بعنصري الرصاص والنيكل.
ويذكر عبداللاه أنه من الممكن استخدام مياه الصرف، ولكن بعد معالجتها بطرق المعالجة الأولية، وفيها يتم التخلص من حوالي 90% من المواد الصلبة والعالقة في المياه، وذلك بالترسيب في أحواض كبيرة أو برك، وقد تضاف مواد تساعد على تجمع الحبيبات وترسيبها مثل أملاح الشبة وأملاح الحديد، وهذه العملية تقلل من المحتوى الميكروبي للمياه.
ويتابع أنه يمكن أن يستخدم نظام الأحواض المائية الزلطية، الذي يعتمد على المعالجة البيولوجية في تنقية المياه، إذ يقوم النظام بتنقية المياه العادمة وتخليصها من المواد الملوثة بكفاءة عالية، وجعلها مطابقة للحدود المسموح بها.
ويتكون هذا النظام من أحواض أو قنوات طولية لا تسمح بتسرب المياه، إذ إنها ذات ميول تساعد على حركة الماء داخلها ممتلئة بحبيبات زلطيه ذات أقطار مختلفة ومنزرعة بأحد أو بعض النباتات ذات القدرة العالية في تنقية المياه.
No related posts.