“من الأحمدية إلى الخارجية”… أناشيد المدارس في الأربعينيات حسب معلميها
ما بين المدرسة الأحمدية في ثلاثينيات القرن الماضي ووزارة الخارجية من الستينيات حتى الثمانينيات يسجل السفير السابق محمد جاسم السداح بعضا من ذكرياته في كتاب يصدر قريبا عن دار ذات السلاسل بعنوان «من الأحمدية إلى الخارجية».
وتقدم صحيفة “القبس”، بعض فصول هذا الكتاب الذي يضم معلومات مهمة عاصرها المؤلف. قال السفير السابق محمد السداح: عندما نقلت الى المدرسة القبلية في الاربعينيات كانت الاناشيد كلها حماسية وقومية تدعو إلى الكفاح والجهاد وأغلبها وطنية عراقية، ومرجع ذلك أن أول مدير للمدرسة القبلية كان عبدالملك الصالح الذي كان متأثراً بالجو السائد في العراق بسبب دراسته هناك، ومثال ذلك النشيد الحماسي:
مشوا والوالدات مشجعات خرجن وراءهم والوالدون:
ونشيد آخر يقول: بانت جيوش الأعادي فهلموا للجهاد
عاشت بلادي عزيزة هيا هيا هيا هلموا للجهاد
أما المدرسة الشرقية فعندما درست فيها سنة أولى ثانوي كانت الأناشيد تختلف عن القبلية، حيث كان النشيد هو: الكويت أخت سورية ومصر والعراق.. فلماذا بتعدوها والحياة في وفاق، وكان ذلك بسبب وجود مدرسين سوريين في الشرقية بجانب بعض الأناشيد القومية مثل موطني، لإبراهيم طوقان.
وعندما ذهبنا إلى المدرسة المباركية عاد النشيد الوطني المعروف: أشعب الكويت لك البشرى
فمجدك يا وطني ازدهر وعلا فخراً.
وكان يترنم بها الطلاب، وكانت الأناشيد تختلف من مدرسة إلى أخرى حسب نوعية المدرسين الموجودين، والمنهج الدراسي.
وفي عام 1947 قرأت خبرا عن قرار إدارة المعارف بإنشاء مدرسة الصباح في شارع دسمان (حالياً بجوار مخفر شرق). وبنيت كمدرسة نموذجية وتم افتتاحها في 1949/9/15 وتتكون من صفوف دراسية ومكاتب وحوش وليوان. وتقدم الطلاب للتسجيل في أول شهر سبتمبر، وكان عدد الطلاب أكبر من تقدير المعارف، لأن مدارس المعارف يدخلها كل من يعيش على أرض الكويت سواء كويتي أو غير كويتي.
واجتمع مجلس المعارف وقرر فتح مدرسة قريبة من الصباح وتم شراء بيت بن حقان في المطبة وأطلق عليها مدرسة النجاح، ومقرها لجنة المناقصات حالياً، وخلال شهرين تم افتتاح المدرسة بعد تعديل المبنى ليصلح كمدرسة. وكان دكان والدي قريبا من شارع الدهن بمنطقة المباركية، قريباً من كشك مبارك. وكانت هناك لوحة للإعلانات الحكومية على زاوية الكشك، وكنت أقرأ للناس الإعلانات.
وفي أحد الأيام رأيت إعلان المعارف عن الحاجة لمدرسين كويتيين في نهاية شهر نوفمبر، وقدمت شهادة الثانوية لإدارة المعارف وكنا حوالي 13 شخصا، وقابلت أحد المدرسين في الإدارة، وقال لي أنت الوحيد الذي تم قبولك وسيكون دوامك اعتبارا من 28 نوفمبر في مدرسة النجاح، وكانت بداية الدراسة في النجاح يوم 26، وفي البداية قمت بتدريس اللغة العربية والحساب للمرحلة الابتدائية.
1949 مدرسة النجاح النموذجية
وفي نهاية العام الدراسي 1949 – 1950، تسلم إدارة مدرسة النجاح الأستاذ عبدالله أحمد حسين وهنا لا بد من الإشارة إلى عدة أمور، الأول أن الشيخ أحمد الجابر توفي في أول فبراير 1950 وعُطلت المدارس لمدة ثلاثة أيام (الإثنين والثلاثاء والأربعاء).
وداومنا الخميس. وجاءتنا رسالة شكر من مدير المعارف الأستاذ أحمد درويش صالح، أما الثاني فقد كانت مكتبة المعارف العامة في سوق التجار تحضر الصحف والمجلات من مصر. واجتمع مجلس المعارف وقرر الاستغناء عن البعثة المصرية، وكانت الحكومة المصرية تتحمل رواتب المدرسين، وكلف مجلس المعارف نصف اليوسف بالبحث عن بعثة بديلة وذهب إلى بيروت واتفق مع الأستاذ درويش المقدادي من فلسطين. وفي صيف عام 1950 بعد سفر البعثة المصرية، حضرت البعثة الفلسطينية وحدثت بعض المشاكل في العمل وتم الاتفاق على تولي الأستاذ عبدالعزيز حسين إدارة المعارف، بعد استدعائه من جنيف، حيث كان يُعد للماجستير في التربية.
وبكل أمانة نستطيع القول إن النهضة التعليمية في الكويت بدأت مع الأستاذ عبدالعزيز حسين، ولعب أيضاً دورا مهماً في العمل الثقافي، وانتشرت مدارس المعارف في أنحاء الكويت في الجهراء وحولي والأحمدي وغيرها، وكان التعاون جيداً بين الرئيس الشيخ عبدالله الجابر الصباح والمدير الأستاذ عبدالعزيز حسين، وأُنشئت ثانوية الشويخ والكلية الصناعية، وكان حريصاً على الثقافة والتنوير، وتصدى لتعليم الفتاة ودعم تطويره، وتعليم اللغة الإنجليزية للبنات، وكانت هناك موجات رفض لتعليم البنات، لكنه تصدى لذلك ونجح، كما نجح في تدريس التربية البدنية في المدارس للبنات. وكان هناك رفض شديد لهذا الموضوع لكنه نجح في تثبيتها. وتصدى بشكل جيد لمحاولات الضغط لمنع انتشار التعليم والثقافة، وتلقى دعما كبيرا من الشيخ عبدالله الجابر الصباح، في هذا الاتجاه، وبذل جهداً كبيراً في نشر الثقافة العامة والفنون. وكان يعاونه الأستاذ أحمد العدواني.
1950 صباح الأحمد كرَّم المعلمين وفي عام 1949 – 1950 نظم نادي المعلمين -وكان يرأسه أمير الكويت الحالي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد، وكان مقره البنك المركزي حاليا على شاطئ الخليج- دورة لمكافحة الأمية وفتحت فصول في بعض المدارس وتقدم عدد كبير من الأميين للدراسة، وفي نهاية الدورة أقام الشيخ صباح الأحمد باعتباره رئيساً لنادي المعلمين حفلا تكريميا في مزرعته في حولي (مكان مجمع الرحاب في شارع تونس)،