مجلس الأمة يواجه معضلة الابتزاز الانتخابي
حذرت مصادر مطلعة من الخضوع إلى الابتزاز النيابي في تعديل القوانين، لا سيما تلك التي تمس الوضع المالي للدولة من أجل تحقيق مكاسب انتخابية، مشددة على أن الضغط من أجل تعديل نظام الاستبدال المعمول به منذ 43 سنة بسلاح الاستجواب، يلحق ضررا جسيما بالمؤسسة التشريعية وبالاستقرار المالي.
وقالت المصادر ان نظام الاستبدال أقر بقانون منذ عام 1976 ولا يمكن إلغاؤه أو التحول إلى نظام بديل من دون النظر إلى تبعات التعديل على الوضع المالي للمؤسسة.
وأضافت أن القرار الذي اتخذه وزير المالية د.نايف الحجرف برفض الإخلال بأسس تعديل القوانين، والمساس بالأنظمة المستقرة، وعدم الخضوع للابتزاز النيابي، يجب أن يحظى بدعم من مجلس الأمة، فالقضية ليست مجرد هدية لنائب من أجل حشد أصوات انتخابية، وانما منظومة اقتصادية تأمينية ومالية. وقالت المصادر إن النائب محمد هايف لوح باستجواب الحجرف إن لم يقر تعديلات القانون، قبل أن يتقدم هو نفسه بتعديله إلى لجنة الشؤون المالية البرلمانية في مجلس الأمة، وبالتالي لم يكن هناك أي تعديلات مقترحة، وهو أمر يؤكد أن القضية هي محض لعبة انتخابية مكشوفة، بحسب “القبس”.
واعتبرت أن صعود الوزير الحجرف منصة الاستجواب، الذي تقدم به هايف، قبل مرور 24 ساعة من تقديمه، استند إلى منطلقات العقل والمنطق، وأبجديات العمل التشريعي، رغم ما أحاط بالملف من ملابسات شعبوية، موضحة أن الحديث عن تصاعد مؤيدي طرح الثقة لا يعد تحديا يواجه الحجرف بقدر ما هو تحد يواجه أعضاء مجلس الأمة أنفسهم إذا قرروا التخلي عن أسس العمل الديموقراطي تحت ضغط الترهيب السياسي والحسابات الانتخابية الضيقة.
قطع الطريق
وأكدت مصادر اللجنة المالية البرلمانية لـ القبس، أن استجواب هايف قطع الطريق أمام التفاهمات التي بدأت مع الحكومة بشأن إجراء تعديلات مدروسة على قانون الاستبدال، مشيرة إلى أن مؤسسة التأمينات الاجتماعية تقدمت بحزمة من المعلومات والأرقام والبيانات المتعلقة بالقانون، وكان من المقرر تبادل الرأي بشأنها ودراستها وعقد أكثر من اجتماع للوصول إلى صيغة توافقية، إلا أن تحول الأمر إلى أزمة سياسية ومقايضة مواقف خرج بالقضية عن سياقها الفني وعقد المشهد.
وذكرت المصادر أن القانون بحاجة إلى وقت ودراسات متأنية ولا يمكن اتخاذ قرار متعجل حتى لا يحصل الإضرار بمؤسسة التأمينات الاجتماعية التي تدير أموال المتقاعدين، مشيرة إلى أن الرغبة النيابية لتحقيق مكاسب للمتقاعدين لا تختزل في نائب واحد، لكن العبرة بالآليات المتبعة للوصل إلى هذه النتيجة.
التقاعد المبكر
وتطرقت المصادر إلى قانون التقاعد المبكر الذي استغرق أكثر من 5 أشهر في الدراسات والمداولات داخل اجتماعات اللجان البرلمانية من أجل الوصول إلى تعديلات منصفة وتوافقية، مشيرة إلى أن تمرير التعديلات التشريعية بأداة التصعيد والتلويح بالاستجواب وطرح الثقة يعد ضربا للمؤسسة التشريعية، وتلاعبا بأداة التشريع. وأكدت المصادر أن جدول سداد نظام الاستبدال يحدده القانون، وليس القرار من الوزير أو المدير العام، مشددة على أن النظام ليس قرضاً ربوياً أو قرضاً حسنا أو مقابل رسوم أو رهنا وإنما هو نظام تكافلي ذو طبيعة خاصة يحكمه قانون التأمينات ولا يستهدف الربح، وهذه الأمور أكدها وزير المالية خلال جلسة مناقشة الاستجواب.
وسبق أن أكد الحجرف أمام مجلس الأمة، مثالب المقترح المقدم من النائب المستجوب، حيث يفتقر الى مبادئ العدل والمساواة وغير مبني على أساس التكافل، وهو ما يدل على الحاجة الماسة للتأني في دراسة كل الاقتراحات والخروج بالصيغة الأمثل.
«الإخاء الوطني»
تشيد بالحجرف أشادت الجمعية الكويتية للإخاء الوطني بكلمة وزير المالية د.نايف الحجرف خلال تفنيده محاور استجواب النائب محمد هايف، مثمنة ما ورد في هذه المرافعة من إعلاء للانتماء الوطني على أي انتماء آخر.
وقال رئيس الجمعية راكان بن حثلين في تصريح صحافي إن الجمعية كجمعية نفع عام ليست معنية بالاستجواب والمسائل السياسية، ولكنها تثمن عاليا ما أورده الوزير من كلمات ينبغي أن تكون منهجا وسلوكا لكل مواطن في البلد.