إعلان “بيع كلية مواطنة كويتية”… يرجع قضية “بيع الأعضاء البشرية” للواجهة
أثار إعلان مواطن «بيع كلية مواطنة» بمبلغ 200 ألف دينار بمنطقة قرطبة، بسبب تراكم الديون عليهما، موجة رفض واستنكار كبيرين، في الأوساط الطبية والشرعية والقانونية، التي استهجنت طريقة عرض الإعلان والأسلوب الذي كتب فيه، وسط شكوك بأن يكون هدف الإعلان استدرار عطف الناس لمساعدته، كظاهرة جديدة للتسول.
كما أثار الإعلان قضية بيع وشراء الأعضاء البشرية، وأعادها إلى الواجهة مجددا، فاتحاً المجال أمام اتفاق الآراء الطبية والقانونية والفتاوى الدينية في الحكم على «رفض بيع الأعضاء». وفي حين لم تقف القوانين والفتاوى الدينية حاجزا أمام عمليات التبرع بالاعضاء البشرية، بل ساهمت في تحفيز وتشجيع الناس عليها، لما يعنيه ذلك من المساعدة على إحياء الروح، إلا أن الرأيين الديني والقانوني اتفقا على أن الأعضاء البشرية ليست ملكاً للإنسان حتى يتم التفاوض عليها، كما أن الأعضاء الآدمية محترمة ومكرمة والبيع ينافي الاحترام والتكريم.
وعن الرأي الطبي في «عملية البيع»، قالت مصادر في وزارة الصحة، إن «القانون الكويتي يجرم تجارة الاعضاء»، مبينة أن «مثل هذه الإعلانات تتعارض مع القانون ويجب عدم نشرها ولكن للأسف الصحف والمجلات الإعلانية تقوم بنشرها». وذكرت المصادر لـ«الراي»، أن «هناك لجنة مستقلة تقابل المتبرعين من غير الاقارب، ومن المفترض أنها ترفض كل متبرع اذا شكت بوجود بيع وشراء».
وفي الرأي القانوني، قال المحامي علي الصابري، إن «البيع لا يجوز وفق القانون والشرع ويعتبر جسد الانسان حرمة ومن النظام العام وأي عقد يكون موضوعه بيع الاعضاء يعتبر باطلا بطلاناً مطلقاً»، مشيرا إلى أن «عملية التبرع او البيع سواء من حي الى حي او من ميت الى حي تم تنظيمها وفق مرسوم بالقانون رقم 55 لسنة 1987 في شأن زراعة الأعضاء»
وبشأن التبرع، أوضح الصابري أن «القانون والشرع سمحا في التبرع من الحي الى الحي، وفق شروط الاهلية، واحاطته بالحالة، ولا يسبب هذا التبرع ضرراً له يؤدي للموت، وموافقة كتابية إلى جانب التوصية الطبية»، مشيراً إلى أن «القاعدة لهذه العملية الضرورات تبيح المحظورات».
ولفت إلى أن «استئصال الاعضاء من جثة المتوفى يجب ان يكون وفق شروط، منها موافقة اقاربه الكتابية، وألا يكون المتوفى ترك وصية نص فيها عدم المساس في الاعضاء الخاصة فيه»، مشيراً إلى أن «ثمة استثناء وفق المادة 6 من قانون زراعة الاعضاء بانه يجوز لوزير الصحة اصدار قرار اذا استدعى الامر في استئصال عضو المتوفى لبقاء حياة انسان رغم عدم موافقة الاقارب ووجود وصية».
وعن عقوبة البيع، قال الصابري إن «العقوبة ثلاث سنوات أو ثلاثة آلاف دينار غرامة وفق المادة 10 من القانون والتي تشمل كلا من البائع والشاري والطبيب».
بدوره، أكد المحامي بدر الحسيني ضرورة التفريق بين التبرع والظاهرة المتفشية (بيع وشراء الأعضاء البشرية)، مبينا أن «التبرع مبادرة إنسانية عظيمة لإنقاذ حياة الآخرين، وقد نظم المشرع الكويتي مسألة التبرع بالأعضاء وفق شروط وضوابط وذلك من خلال القانون 55 /1987 في شأن زراعة الأعضاء، والذي اشتمل على 13 مادة، نظمت إجازة عملية نقل الأعضاء من شخص حي أو متوفى».
وذكر أن «القانون اشترط كمال الأهلية والموافقة الكتابية من المتبرع مع وجود شهود لصحة هذا التصرف، وألا يشكل هذا التبرع خطراً على صحة المتبرع»، لافتا الى أن «عمليات التبرع بعد الوفاة نظمها ذات القانون تلك العملية بشروط في مقدمها موافقة أقارب المتوفى كاملي الأهلية بموافقة كتابة صريحة، وألا يكون المتوفى أوصى بعدم المساس في اعضائه».
وفي حال تعاقد شخصان على بيع عضو بشري، ومدى قانونية هذا العقد، قال الحسيني إنه «في ما يخص عملية المتاجرة والبيع، فإن عقد البيع عقد باطل بطلاناً مطلقاً لحرمة جسد الانسان، ولا يجوز قانونا وفق المادة العاشرة من قانون نقل وزراعة الأعضاء»، داعيا إلى تفعيل دور الجهات الرقابية في محاربة هذه التجارة غير الانسانية قبل ان تكون غير قانونية.
وفي الجانب الديني، أكد عضو لجنة الافتاء في وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية الدكتور أحمد الحجي الكردي لـ«الراي»، أنه «لا يجوز للانسان بيع اي عضو من اعضائه لا كلية ولا غيرها»، مبينا أن «الانسان كله ملك الله فكيف له ان يبيع ما لا يملك». واضاف أن «المتبرع بكلية يهديها للشخص المريض من دون قيد أو شرط أو طلب فهذا جائز، ويجوز للمريض إن كان ميسرا أن يقدم للمتبرع هدية نظير ذلك، ولكن من دون طلب او شرط من المتبرع».