هذه الرسالة هي برسم السيد مدير عام بلدية الكويت المحترم، وهو للعلم شخص دمث الأخلاق وتربطني به علاقة طيبة جداً، ولكن هذا لا يمنعنا من تسليط الضوء على بعض مكامن الخلل في الإدارات الواقعة تحت مسؤوليته، ومنها المقبرة الجعفرية!
قبل ستة شهور تقريباً، جمعني حديث هاتفي بالأخ الأكبر والصديق السيد حسن إبراهيم معرفي بوحامد، هو القائم والمتعهد بالمقبرة الجعفرية، وفي لحظة ما وجدني بوحامد صامتاً لبرهة ولا أعرف ماذا عليّ أن أقول، فسألني إن كانت لي حاجة، فقلت له إن لجدتي رحمها الله مقبرة خاصة اشترتها في مقابر وادي السلام في النجف لدفن موتى العائلة، وهو تقليد يفضله الكثير من أبناء الطائفة الجعفرية، وأن قبري في هذه القطعة محجوز وأنني أوصيت بدفني هناك حال وفاتي، لكنني أطلب منك طلباً لا أعلم إن كنت ستلبيه لي، فألح عليّ في أن أبوح عن طلبي، فقلت له إن خطتي كلها ستتغير لو استطاع أن يحصل لي على إذن بدفني حال وفاتي بجانب والدي، واختنق صوت بو حامد، وهو شخص طيب لدرجة ما عادت موجودة هذه الأيام، وبكى داعياً لي بطول العمر، لكنه اعتذر مني بأدبه الجم ذاكراً أن مثل هذه الأمور تم منعها تنظيمياً بقرارات وزارية وإدارية حرصاً على النظام العام في المقبرة، وأنه لو تُرك الأمر على حسب رغبة الناس لأحب كل شخص أن يدفن بجوار أحد أقاربه أو أحبابه، فتفهمت الأمر وشكرته وقلت له إذاً، سنبقي على خطتنا الأصلية والأعمار بيد الله.
قبل أيام، فوجئ بوحامد كما فوجئ الكثيرون بتدخل بعض النواب في البلدية من أجل مخالفة النظام ودفن إحدى الجنائز في قطعة أخرى في المقبرة، ولأكون واضحاً، فلا أنا ولا بوحامد نلوم أهل الميت أو الميتة، فتلك مشاعر نفهمها تماماً، لكن ما قام به بعض النواب من ممارسة ضغوطهم في جهاز البلدية من أجل التكسب الانتخابي هو أمر غير مقبول، ولإثبات صدق نواياهم، كان عليهم تقديم طلب – دامهم واصلين جذي – لمسؤولي البلدية بحجز قطعة أرض مجاورة لمن يحبون من الآن استعدادا ليوم لا بد منه – أطال الله في أعمارهم – لكنهم لم يقوموا بذلك على حسب علمنا واكتفوا بالتدخل لأسباب انتخابية غير مراعين للحالة العاطفية السيئة التي يكون عليها أهل من يموت له شخص، فظهرت «مراجلهم» و«أفا عليك» و«بويهي» كل هذا حتى يقال عنهم إنهم أصحاب مواقف، ويا ليت تلك الرجولة والشهامة تظهر في موقعها الحقيقي… مجلس الأمة، الذي لم نشهد فيه من البعض سوى الخضوع والخنوع و«حاضر طال عمرك»!
صديقي براك نبيل الفضل – تخيلوا أن أكثر من أشاكسه في «تويتر»، هو النائب أحمد الفضل وهو شقيق صديقي- حاول وضع علم الكويت فقط على قبر والده الراحل رحمة الله على روحه، فلم يتم السماح له بذلك لأسباب تنظيمية وقانونية، فلماذا يتم السماح لبعض النواب بالعبث في المقبرة الجعفرية، والتكسب الانتخابي بينما نرى التنظيم يسري على الطرف الآخر والذي لا يعترض احتراما للقانون.
باختصار… أيها المتاجرون بالموتى، تذكروا أنكم ستحملون لقبوركم مثلهم يوماً!
alkhadhari@gmail.com
Twitter: @dralkhadhari
