أعتذر من السادة السفراء عن هذا العنوان المستفز، فهو أقل استفزازاً مما يعتمل في نفسي من تعامل مع من يتقاعد منهم بعد سنوات الغربة، تمثيلاً ودفاعاً عن سياسات بلده، وشرحاً لها في جميع المحافل الدولية، رغم كل ما يتخلله العمل الديبلوماسي من مخاطر وإحباطات لا يعيها إلا قامات بحجم صاحب السمو أمير البلاد شيخ الديبلوماسية الدولية، والذي نرنو جميعاً إليه لإنصاف أبنائه ممن خدم الكويت في هذا السلك شديد الصعوبة!
سبب كتابتي هذا المقال كان لقاء عابراً مع مجموعة من الأعمام والأصدقاء من السفراء المتقاعدين، والذين حدثني بعضهم عما يقاسيه بعد تقاعده، بعد سنوات من تمثيل الكويت خارجياً يتخللها البعد عن البلاد وفوات الفرص الاستثمارية والتجارية وآلام الغربة، وبعض المخاطر التي طالت تهديد حياة الكثير منهم في مراحل مختلفة من عملهم، يكافؤون بأن تسحب منهم جوازاتهم الديبلوماسية حال عودتهم إلى البلاد بعد التقاعد، ناهيك عن عدم صرف مكافاءات نهاية خدمة تليق بطبيعة عملهم، بل وحتى ما يتم مناقشته في مجلس الأمة حالياً بخصوص الديبلوماسيين لا يبدو في الأفق أنه سيتم تطبيقه على من تقاعد منهم، وهي عبارة عن امتيازات مالية وصحية، هم أحوج الناس لها في عمرهم الكبير هذا – أمد الله في أعمارهم-!
أكثر من أثار حنقي أيضاً هو في عدم تكريمهم – حسب علمي – بشيء من أوشحة الدولة أو أوسمتها الرفيعة وعدم الاستفادة منهم كمستشارين، رغم تكدس الجهاز الإداري للدولة بالمستشارين غير الكويتيين، بل إنهم حتى لا يحظون بمكتب بسيط لتخليص معاملاتهم في جهة عملهم، وهم في هذا العمر وهذا التاريخ الحافل في خدمة البلاد، ولا أعلم ماذا حدث لاقتراح الأخ النائب السابق أحمد القضيبي بإنشاء ناد للديبلوماسيين خاص بهم، أسوة بمهن أخرى.
الكثيرون قد يتخيلون الديبلوماسي – رجلاً أو امرأة – هم أناس مرفهون ويحيون حياة سعيدة بعيدة عن الكويت ومشاكلها، وأيامهم ولياليها لا يقضونها إلا في الاستقبالات وتلبية دعوات الاحتفالات والالتزامات الديبلوماسية الأخرى، ولا يعلمون بما يقاسيه الكثير منهم على المستويات المالية والأسرية والنفسية من أجل خدمة وطنه، ولا أخال ما يحدث معهم هو الجزاء الذي يستحقونه بعد تقاعدهم، فنحن لا نرضى على من خدم هذه الأرض بمنتهى التفاني أن يقال له من أحدهم عندما يشتكي سوء الحال… ومحشومون طبعاً: قلعتك… منو قال لك تصير سفير…!
