ايمان جوهر حيات تكتب ازمة هوية
«مشاة نلتقي.. مشاة نفترق الماشون أحياء.. والواقفون موتى، لكنك لست واقفاً أو ماشياً، فمن سيحل المسألة؟» من كتاب «مشاةً نلتقي.. مشاةً نفترق» للشاعر والكاتب الفلسطيني ـ السوري رائد وحش. وتساؤله آثار لدي تساؤلاً آخر: هل نحن نعيش أزمة في هويتنا؟ كتبنا المدرسية التي أذكرها علمتنا الوحدة والقومية والعروبة.. ولكنها لم تعلمنا أن ما تعلمناه مجرد أضغاث أحلام يصعب تحقيقها. تعلمنا كيف نتباهى ونفتخر بماضٍ لا نعلم كل حقائقه وخفاياه! تعلمنا أن نصفق ونمجد ولم نتعلم كيف نبني ونعمر! تعلمنا كيف نقف باحترام لنحيي العلم كل صباح ولم نتعلم ما تعنيه كلمة مواطنة! وهنا بدأ الصراع يتشكل، وأصبحت هويتنا العربية مجرد كلمات نسمع صداها في خطابات أغلب الساسة العرب في المؤتمرات والمنابر الدولية والإقليمية تحت شعار «الأمة العربية»، التي لا نرى منها اليوم إلا الشتات، والانفصال المستمر الذي تجاهل كل ما يجمع بيننا من روابط تاريخية وثقافية كثيرة. بعد هزيمة عام 1967 بدأ نجم القومية العربية، الذي بزغ بالتوازي مع تفكك الإمبراطورية العثمانية خلال أواخر القرن التاسع عشر في الأفول، وبين مجموعة من الأفكار والمعتقدات السياسية عاد شعار الأمة الإسلامية إلى السطوع من جديد، وأصبح مشروع القومية يستقطب أغلب الإثنيات العرقية المختلفة، فتحولت الهوية من هوية عربية «إثنية» إلى هوية إسلامية «دينية». وما أن تطورت الأمور ورسا الانفتاح على شواطئ بلداننا أصبح هناك عراك مزدحم آخر، تعدى صراع التيارات السياسية المختلفة التوجهات، التي تطمح الى الوصول الى السلطة، وتعدى الخلافات بين الفرق الإسلامية المختلفة، التي أغلب خلافاتها مصلحية بحتة، وقد شهدنا في هذا العصر التحولات التي سادت بعض الدول، وتحول خطاب الإسلام السياسي من التشدد المفرط إلى المغالاة في التساهل! أصبحت الهوية مضطربة بين مطرقة الموروث وسندان الحداثة. وأصبح العراك المحتدم هو غياب هوية الإنسان.. الشخصية التي لا تتكون إلا بوعيه لنفسه ولمحيطه ومدى مرونته للتكيف مع المستجدات والتغيرات التي تطرأ على حياته، أما ربط الهوية بمعتقد أو موروث ثابت يحصر الخير والصلاح في ذاته متعالياً على كل المختلفين، الذين ينظر لهم بتمييز وتحقير وتهميش، سواء كان معلناً أو مضمراً، هو سبب تفشي الكراهية بين فئات المجتمع المختلفة إثنياً وعقائدياً وفكرياً. وهي سبب شعور المواطن في غربة عن هويته الشخصية المنفردة، التي حُصرت في نطاق ضيق لا يحتوي الاختلاف والتنوُّع والتعدُّدية، ولا يستوعب المرونة والتفاعل، وهذا حسب علماء النفس والاجتماع أحد أسباب انتشار ظاهرة العنف، التي لم تعد مقتصرة على النزاعات الدولية، بل أصبحنا نشاهدها في أغلب المرافق العامة والخاصة، وكذلك يمكن رصد حدة ردود الأفعال المبالغ فيها في وسائل التواصل الاجتماعي على مواضيع سطحية وغير مستحقة، وكأنها عملية تفريغ لغضب أو مواراة لنقص! «علينا أن نتعلم العيش معاً كإخوة، أو نموت جميعاً كأغبياء»، كما قال مارتن لوثر كينغ. إيمان جوهر حيات Emanjhayat750@gmail.com
@the0truth