#النخبة| المالية: الاقتراض من «احتياطي الأجيال» الأعلى تكلفة
أكد وزير المالية، الدكتور نايف الحجرف، أن الاقتراض من صندوق احتياطي الأجيال القادمة حالياً، سيكون الأعلى تكلفة، مقارنة بالخيارات الأخرى المتاحة للدولة في ضوء العوائد السنوية التي يحققها الصندوق.
وبيّن الحجرف في رد على سؤال برلماني، أن الاقتراض يتم لصالح صندوق الاحتياطي العام، والذي من خلاله يتم تمويل كافة بنود الميزانية العامة للدولة، وفقاً للاحتياجات الفعلية للجهات الحكومية، بما في ذلك المصاريف الرأسمالية والجارية، ويتم سداد القروض من إيرادات الدولة التي تورد إلى صندوق الاحتياطي العام.
وكشف الحجرف أن حجم الدين بلغ 5.8 مليار دينار كما بنهاية مارس الماضي،، في حين بلغت تكلفة خدمة الدين 177 مليون دينار للسنة المالية 2018 /2019.
وأكد بحسب “الراي”، ان الدولة لم تستنفد الخيارات الأخرى المتاحة لها، والأقل تكلفة من الاقتراض من صندوق الأجيال القادمة، ومن هذه الخيارات، الاقتراض من السوق المحلي، مشدّداً على ضرورة الإسراع في إقرار القانون الذي يسمح للدولة بالاقتراض، وإصدار سندات دولية، وإلزام جميع المؤسسات والهيئات الحكومية التي تسهم فيها الدولة بتحويل أرباحها السنوية والمجمعة إلى صندوق الاحتياطي العام، إلى جانب تفعيل وتطبيق الإصلاحات المالية، وتقنين الصرف خارج بنود الميزانية العامة.
وفي السياق القانوني، لفت الحجرف إلى أنه لا يمكن الاقتراض من صندوق احتياطي الأجيال القادمة إلا بقانون، وهذا غير متوافر، وقد تم سابقاً ولمرة واحدة الاقتراض من هذا الصندوق بقانون بعد تحرير الكويت من العدوان العراقي، إذ إن خيارات الدولة آنذاك كانت محدودة ومكلفة ولم تستطع الاقتراض من السوق المحلي، أو تصدر سندات دولية، نظراً لضيق المدة المتاحة لتنفيذه هذا الخيار، وارتفاع تكلفة الاقتراض من البنوك التجارية بسبب ارتفاع المخاطر المالية والأمنية المحيطة بالكويت آنذاك، وكان الاقتراض من صندوق الاحتياطي الأجيال القادمة الأسرع تنفيذاً والأقل كلفة، وقد تم تسديد القرض لاحقاً من إيرادات الدولة.
مبررات وأسباب
وحول أسباب ومبررات اقتراض الدولة، مع وجود هذا الكم الكبير من المبالغ النقدية غير المستغلة، أشار الحجرف إلى أن مبررات اقتراض الدولة تتمثل في المساهمة بتغطية المصاريف الحكومية (مصروفات جارية ورأسمالية) من خلال صندوق الاحتياطي العام، وأنه بناء على نتائج الدراسات التي قام بها المستشارون وتقارير صندوق النقد الدولي، التي أكدت على ضرورة الحفاظ على حد أدنى من السيولة النقدية تعمل كمصدر مالي للدولة في حال حدوث أزمة مالية مفاجئة، إذ إن عملية الاقتراض تساعد في تحقيق هذا الهدف، إلى جانب دعم وتطوير أسواق المال من خلال بناء «منحنيات العائد» للسندات الحكومية الكويتية، وذلك عن طريق إصدار سندات ذات آجال مختلفة، والمحافظة على التصنيف الائتماني للكويت من خلال تعزيز السيولة النقدية في صندوق الاحتياطي العام.
ونوه الحجرف إلى أن الهيئة العامة للاستثمار، تقوم باستغلال جميع المبالغ النقدية من خلال الاستثمار في الودائع والصناديق المالية المختلفة، والتي تعتمد اعتماداً كاملاً على الاستثمار في أذونات، وسندات خزانة قصيرة الأجل.
تنويع الأوعية
وقال الحجرف «انطلاقاً من الدور الرئيسي للهيئة العامة للاستثمار، وهو تحقيق عائد على الاستثمار طويل المدى للاحتياطيات المالية للدولة، والتي كلفت بإدارتها نيابة عن الحكومة، مستخدمة في ذلك أعلى المعايير المهنية العالمية (Best Practices)، تحرص الهيئة على تنويع الأوعية الاستثمارية، بما يساعد على تحقيق العوائد المستهدفة وبأقل المخاطر الممكنة، حيث تتوزع استثماراتها على مختلف أنواع الأصول الاستثمارية».
وبيّن أن من تلك الأوعية الاستثمارية «النقد» والذي لا بدّ من الاحتفاظ بجزء منه في كل محفظة استثمارية، تحيناً لفرص استثمارية قد تلوح في الأفق جراء تقلب الأسواق العالمية الدائم، ومن ثم يمكن اغتنامها في الحال، كما أن الإبقاء على كمية جيدة ومدروسة من النقد في المحفظة الاستثمارية يعد من قبيل التحوط باعتبار ذلك شكلاً من أشكال الحماية للأموال المستثمرة، يمكن الركون إليه في الفترات التي تشهد فيها الأسواق حالات من عدم اليقين نتيجة لظروف سياسية أو اقتصادية أو غيرها، إلى جانب أن النقد يعد أحد الأوعية الاستثمارية المدرة للدخل.
ولفت إلى أن عدم تحول المبالغ النقدية إلى سندات، مرتبط وبشكل كبير بأداء أسواق السندات العالمية بشكل عام ومدى جاذبيتها في خلق العوائد المستهدفة، حيث اتسمت تلك الأسواق بالتخمة المالية نتيجة التدفقات الاستثمارية الكبيرة التي شهدتها جراء تهافت المستثمرين على استثمار أموالهم في أوعية استثمارية أقل عرضة لتقلبات الأسواق العالمية (Safe Haven Investments) لكن هذا التدفق الكبير من الأموال في أسواق السندات لا بدّ وأن يكون على حساب العوائد المتوقعة منها.
نضوب النفط
وفي شأن وجود رؤية أو خطة لجعل الاستثمارات مصدر دخل رئيسياً للدولة عوضاً عن النفط، أكد الحجرف أن الدور الرئيسي الذي تضطلع به الهيئة العامة للاستثمار، هو إدارة أموال صندوقي الاحتياطي العام والأجيال القادمة، نيابة عن الحكومة لتحقيق عوائد استثمارية طويلة الأجل، تكون بمثابة مصدر إيراد مُكمل، أو بديل عن الإيرادات النفطية، لتوفير سُبل العيش الكريم لمواطني الدولة في الفترة التي تعقب نضوب النفط، أو انخفاض أسعاره لاكتشاف مصادر طاقة بديلة عنه أقل كلفة، وهذا ما نص عليه القانون رقم (47 لسنة 1982) بإنشاء الهيئة.
ومن ناحية أخرى، فإن الاستراتيجية الاستثمارية المتبعة (Investment Mandate) تتحرك ضمن أفق استثماري طويل الأجل لديه القدرة على تحمل المخاطر واستيعاب التقلبات السوقية قصيرة المدى لتحقيق أعلى العوائد الممكنة وبأقل المخاطر الممكنة، وتكون عوائدها متاحة لأجيال الكويت القادمة، ويأتي ذلك تطبيقاً لقانون رقم (106 لسنة 1976) الخاص بإنشاء صندوق الأجيال القادمة.