لا تتردد الحكومة احيانا في قول الشيء ونقيضه.. ففي الوقت الذي تسعى فيه منذ سنوات طويلة لزيادة عدد المواطنين العاملين في القطاع الخاص لتخفيف العبء عن القطاع الحكومي الذي وصلت فيه البطالة المقنعة إلى نحو %50، وَقَعتْ “القبس” على وثيقة حكومية مؤرخة في 14 يوليو الماضي، تحمل الكثير من التوصيات الواجب تنفيذها للارتقاء بالعمل الحكومي.
لكن اللافت ورود توصية بارزة نصها الآتي: «على كل الجهات التنسيق مع مجلس الخدمة المدنية ووزارة المالية للسعي نحو استقطاب الطاقات والكفاءات الوطنية الشابة، وتوفير العوامل الجاذبة والبيئة الوظيفية المناسبة لمنع تسربها إلى القطاع الخاص».
مصادر مطلعة ومعنية رسمياً بالتكويت، لفتت القبس إلى هذه التوصية، مستغربة كيف يمكن لها أن ترقى لتكون أجندة عمل حكومية مطلوبا تنفيذها؟! وقالت تلك المصادر المطلعة والمعنية: «إن استقطاب الطاقات والكفاءات إلى الإدارة العامة أمر في غاية الأهمية، وأكثر من ضروري لتجديد الطاقم القيادي والإشرافي الموجود كلياً أو جزئياً، لأن عدداً من مشكلات الدولة يكمن في عدم وجود كفاءات شابة قادرة على اتخاذ أفضل القرارات».
لكن المصادر استغربت بشدة اقحام عبارة «منع تسربها إلى القطاع الخاص»، كما لو أن القطاعين في منافسة حادة بينهما على هذا الصعيد. وسألت المصادر: عن أي تكويت يتحدثون إذا كانت هذه توصيتهم؟ أي قطاع خاص يريدون إذا منعوا الشباب المتعلم من العمل في هذا القطاع، وقدموا له كل «المميزات» التي تبقيه «أسير» العمل في الجهات الحكومية؟ وكيف للقطاع الخاص أن ينافس الحكومة في ما تقدمه من مميزات وامتيازات للشباب المتعلم وأصحاب الكفاءات والطاقات الواعدة؟ إذ ان لب مشكلة التكويت في «الخاص» يكمن في أن الوظيفة الحكومية مغرية أكثر رغم أن إنتاجيتها أقل بكثير من الإنتاجية المطلوبة في القطاع الخاص. وخلصت المصادر المعنية إلى القول: يجب سحب تلك التوصية من تقرير جرى تعميمه على عدة مستويات، حتى لا تكون حجة يستغلها البعض لضرب القطاع الخاص ضربة قاصمة بشكل مباشر أو غير مباشر.
