زيارة طبيب الأسنان ليست من الأشياء المحببة بالنسبة لغالبية الناس، فهي تتضمن غالباً عمليات مؤلمة ومخيفة بالنسبة للبعض، مثل حفر الأضراس لإزالة الأعصاب ووضع حشو صناعي، أو حتى إزالة السن أو الضرس بالكامل، وكلها أمور تسبب ألماً وتوترا يستمر لفترات طويلة، ويتطلب غالباً أكثر من زيارة واحدة.
لكن يبدو أن عمليات حشو الأسنان أو إزالتها على وشك أن تصبح شيئاً من الماضي، حيث أعلن العلماء في دراسة تم نشرها حديثاً أنهم قد نجحوا في التوصل إلى مادة تمكن الأسنان من إعادة بناء مادة المينا، أو الإينامل “Enamel” بطريقة ذاتية، بحيث تختفي التجاويف الموجودة بالأسنان (التسوس)، بدون الحاجة لوضع حشو صناعي.
حاول العلماء، لعقود عديدة، التوصل لمادة يمكنها جعل المادة المكونة للأسنان (المينا) تعيد بناء نفسها بشكل طبيعي، لكن دون نجاح حقيقي، فالنتيجة كانت دائما غالباً مختلفة عن مينا الأسنان الطبيعية، من حيث الكثافة والقوة. الطريقة الجديدة التي تبناها مجموعة من الباحثين من جامعات مختلفة، وتم نشرها في بحث علمي بصحيفة “Science Advamces”، اعتمدت على استخدام جزيئات شديدة الصغر من فوسفات الكالسيوم، وهي المادة المكونة للمينا الطبيعية للأسنان، والتي تتجمع وتتراكم على بعضها، لتكون مينا مماثلة تماماً للمينا الطبيعية التي ينتجها جسم الإنسان، وذلك بحسب ما نقلته جريدة “ديلي ميل” الإنجليزية على موقعها الإلكتروني.
يقول دكتور “زاومنج ليو”، الأستاذ بجامعة “زيجيانج” الصينية، وأحد المشاركين في البحث، إن هذه الطريقة حاليا غبر صالحة للاستخدام البشرين حيث إن التجارب قد أثبتت نجاحها في إعادة تكوين مينا الأسنان بشكل طبيعي، لكن في المعامل فقط، والباحثون حاليا غير متأكدين من نجاح هذه المادة في أداء مهمتها داخل البيئة الصعبة والمتغيرة للفم البشري.
الطريقة غالباً ستتطلب عدة سنوات قبل أن تصبح معتمدة لدى منظمات الصحة والأطباء، لكن الباحثين يأملون في بدء التجارب الفعلية على البشر في غضون عام أو اثنين، وهو ما يعجل من ظهور هذه الطريقة إلى النور واستخدامها بشكل طبيعي على البشر.
دكتور “ألفارو ماتا”، من جامعة “كوين ماري” بالعاصمة البريطانية لندن، يقول إن الطريق مازال طويلاً تجاه بدء الاستخدام الفعلي للمادة على البشر، ولكن هذه الطريقة بالتأكيد تعتبر خطوة كبيرة في هذا الطريق، وأصبح الأن لدينا أمل في اعطاء البشر القدرة على إعادة بناء أسنانهم بشكل طبيعي بعد بضع سنوات، وهو وقت قصير مقارنة السنوات الطويلة التي شهدت تجارب لمية للوصول لهذا الانجاز.
حتى تصبح هذه الطريقة متاحة للاستخدام الفعلي، ينصح الباحثون الناس بالحرص على غسل أسنانهم بمعجون الفلورايد مرتين أو ثلاث مرات يوميا، وذلك للوقاية من تسوس الأسنان وعدم الاحتياج لأي حشو أو علاج، حيث إنه بالرغم من أن مينا الأسنان تعتبر فعليا هي المادة الأكثر صلابة في جسم الإنسان، إلا أنها للأسف لا يمكنها التجدد وإعادة بناء نفسها. أو كما يقول أحد الباحثين، لا يمكنها التجدد تلقائيا، حتى الآن.
