#النخبة| تجارة “الأخشاب”.. ازدهرت في الكويت قديما وشغلت مكانة مرموقة بالاقتصاد الوطني
شغلت تجارة الأخشاب مكانة مرموقة في الاقتصاد الكويتي قديما إذ كانت البلاد تورد الأخشاب إلى دول المنطقة لا سيما تلك الواردة من الهند أو إفريقيا.
ونظرا إلى ما تتمتع به من موقع استراتيجي فريد شكلت الكويت قديما مركزا لعبور القوافل التجارية بين دول المنطقة ما أسهم في ازدهار الحركة التجارية فيها وخصوصا المتعلقة بالأخشاب.
ووفقا لما تذكره الكتب والمراجع التاريخية يعد أحمد بن حسين الأسعد المولود في الكويت عام 1725 ميلادية أول من تاجر في الأخشاب بالكويت كما يعد أول من استخدم السفن الكبيرة للسفر من البلاد وإليها.
وفي هذا الصدد قال الباحث في التراث الكويتي صالح المذن لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) أمس الخميس إن الكويت كانت تورد الأخشاب إلى دول الخليج قاطبة باستثناء عمان التي كانت تمتلك أسطولا بحريا كبيرا.
وأوضح المذن أن أكثر الأخشاب كانت تجلب من الهند أما خشب (الجندل) فكان مصدره إفريقيا حيث يستخرج من مناطق معينة وعرة صعبة التضاريس.
وأضاف أن تجار الأخشاب في الكويت قديما كانوا يضعون بضاعتهم في (العماير) وهي عبارة عن متاجر أو مخازن عادة ما كانت توجد قبالة البحر وتجاوز عددها ال70.
وذكر أن التجار كانوا يقومون بتخزين وبيع أنواع الأخشاب المستوردة سواء المخصصة لبناء السفن والمحامل أو لبناء أسقف البيوت والنوافذ والأبواب.
وحول طريقة وصول وتحميل الأخشاب في السابق أوضح المذن أن حمولة الأخشاب كان يتم تفريغها في منطقة اسمها (طوينة) – موقع مدرسة ثانوية الشويخ – إذ تتميز المنطقة بانخفاضها لذا كان يتم إنزال وتجميع الأخشاب فيها في عملية تسمى (شواش).
وذكر أن سبب تسمية عملية إنزال وتخزين الأخشاب يعود إلى سماع صوت وشوشة تصدر عن ألواح الخشب وقت تجميعها وربطها بالحبال ودفعها بال(مردي) وهي خشبة طويلة يدفع بها الملاح السفينة الصغيرة التي ينقل بها الخشب من السفينة الكبيرة إلى مكان التجميع في (العماير).
وأشار المذن إلى أنه بعد انتهاء عملية النقل البحري للأخشاب وإيصالها إلى العماير تبدأ عمية تجفيف الالواح الخشبية ويكون ذلك في أيام البوارح -الفترة ما بين يوليو وأغسطس سنويا- وبعد أن تجف تماما يتم تشريحها والعمل فيها.
واستطرد قائلا إن أهل الخليج كانوا يتاجرون بالأخشاب مع الكويتيين عن طريق توصية أهل الكويت بجلب الأخشاب لا سيما (الجندل) و(الباسجيل) التي كانت تستخدم في تسقيف البيوت وتجلب من الهند وشرق إفريقيا.
ولفت إلى أن تجار الكويت قاموا بجلب أخشاب (الساي) أو الساج باللغة العربية وهو خشب هندي يستخدم عادة في صناعة الأثاث وخشب (المنتي) أو (المرنتي) وهو خشب صلب يصلح لصناعة الأبواب.
وأضاف المذن أن تجار الكويت كانوا يستوردون خشب (البوحز) الذي كان يوضع للأسقف قبل اكتشاف مادة الاسمنت ويصل طول الخشبة الواحدة إلى 6 أمتار بسماكة نحو 20 سنتيمترا وسمي (بوحز) لأن وجه اللوح من الأمام مدبب فيكون سهل النقل.
وأكد أن تجارة الأخشاب قديما لم تكن سهلة لذا كان أهل الكويت يتداولون مثلا حول تلك التجارة بأنها (الحمل الي مايطفح) لمخاطرها.
وأوضح أن تجار الكويت عملوا على استيراد بعض الأنواع النادرة من الأخشاب مثل (المنغروف) من غابات إفريقيا و(بومشارة) الذي يقطع بالمنشار و(بو طبر) ذلك الخشب العريض الذي يقطع ب(الطبر) أي نوع من السكاكين الكبيرة ويتم تقطيعه وهو منزوع القشرة من إفريقيا لأنهم يستخدمون القشرة المنزوعة لأصباغهم فيصل إلى الكويت أملس.
وفي ما يتعلق بالأخشاب التي كانت تستخدم في صناعة السفن الشراعية أفاد المذن بأنها من أنواع (الفيني والساج والجنقلي والقنص والفن والميط والقرط وخشب باكة).
وأشار إلى أن أن خشب الجندل كان يصبغ في الماضي بال(سيالي) وهو مادة القار حيث يوقدون تحته النار ويقومون بدهن اخشاب الجندل به حتى لا تأكلها حشرات (الارضة) وليكسب الخشب قوة وسماكة.
وقد ذكر الشيخ عثمان بن سند في كتابه (سبائك العسجد.. في أخبار أحمد نجل رزق الأسعد) كما قال المؤرخ سيف الشملان في أحد مؤلفاته إنه “من المرجح أن الشيخ أحمد هو أول من استخدم السفن الكبيرة للسفر في الكويت وعثر بعضهم على كتاب له بعث به الى أحد ولاة بغداد يخبره فيه عن وصول الاخشاب التي طلبها من النيبار في الهند وأنها في إحدى سفنه بطريقها إلى البصرة”.
وفي هذا الصدد قال الكاتب عبد الله الحاتم إن “أول من جلب الأخشاب الضخمة لصناعة السفن الشراعية بمختلف أحجامها هو الشيخ أحمد بن رزق الأسعد وكان ذلك في مطلع القرن ال13 الهجري”.