أملاك دولة بمليار دينار..«ضائعة»!
علمت القبس ان وزارة المالية، ممثلة في إدارة أملاك الدولة، باتت عاجزة عن تحرير وتطوير الكثير من الأراضي والمجمعات التجارية التابعة لها، والتي تقدر قيمتها بمئات الملايين من الدنانير، وقد تصل إلى مليار دينار، بسبب البيروقراطية التي تمر بها معاملات تحريرها وتطويرها في بلدية الكويت؛ إذ كشفت مخاطبات رسمية صادرة عن الوزارة أن البلدية تجاهلت الكثير من الطلبات المتعلّقة بإصدار شهادات أوصاف لأراضٍ مملوكة للدولة، تمهيدا لطرحها في مزاد علني، وفق المرسوم بالقانون رقم 105 لسنة 1980، فضلاً عن عدم ردها على الكثير من المراسلات بهذا الخصوص. حمَّلت مخاطبات وزارة المالية ــــــ التي حصلت القبس على نسخ لكثير منها ــــــ بلدية الكويت مسؤولية عدم الاستجابة والتعطيل لمشاريع تجارية ضخمة، خصوصا انها هي الجهة المنوط بها إصدار شهادات الأوصاف والمخططات والموافقات اللازمة، ما تسبّب في تعطيل طرح عدد كبير من أراضي أملاك الدولة في مزادات علنية، كما تعطيل إعادة تأهيل المجمعات القديمة التي بات شكلها يشوِّه منظر قلب عاصمة الكويت. وقالت مصادر معنية إن ردود «البلدية» على الجهات الرسمية والمستثمرين والمعنيين تأتي متأخّرة ولا تحمل الإجابات المطلوبة أحياناً، كما تتضمن أسئلة واستيضاحات، من شأنها الإمعان في تعطيل معاملات أملاك الدولة، خصوصا ان هناك مستثمرين متعاقدون مع الدولة، وعدم تمكينهم من تطوير مشاريعهم يضيّع عليهم الوقت الخاص بالتطوير، وكذلك يفوّت فرصة استغلال العقار المؤجر من الدولة، خصوصا ان هناك شركات وطنية مدرجة في بورصة الكويت، تمتلك تلك العقود، ما يعني تفويت فرص تحسين أدائها المالي الذي سينعكس على آلاف المساهمين فيها، والذين هم بالنهاية غالبيتهم مواطنون. وكشفت المصادر المعنية أيضاً أن أبرز أملاك الدولة معطلة الاستغلال والتطوير، بسبب إجراءات البلدية، ومنها، على سبيل المثال، لا الحصر: «السوق الكبير، سوق الصفاة، سوق المناخ، سوق المسيل، سوق المتحدة، سوق الزل ساحة الصرّافين، ملعب الغولف..»، والكثير من المجمعات التجارية والأراضي الأخرى المملوكة للدولة، والتي ليس لها حتى الآن شهادة أوصاف، أو رأي تنظيمي ومخطط مساحي يسهّل على وزارة المالية إعادة طرحها للمستثمرين، سواء بالبيع او حق الانتفاع، وذلك لعدم معرفة مساحتها بشكل دقيق، او لاستحالة ترميمها، وتطوير المرهونة بوجود شهادة أوصاف وتحديد مساحات ومتممات أخرى، وغيرها من الأوراق الرسمية التي لا تصدر الا من خلال بلدية الكويت. وأوضحت المصادر ان تلك المعوّقات تنسحب أيضا على ملف «الشاليهات» المؤجرة من قبل أملاك الدولة؛ إذ تسبّب غياب المخططات لبعض الشاليهات في تداخل في ما بينها في الكثير من المناطق المسموحة بها إقامة شاليهات، الأمر الذي أدخل أصحابها في تداخل حدوي مع جيرانهم، فضلاً عن تداخلها مع أراضٍ خاصة بأملاك الدولة. وأكدت أن تلك العراقيل تنطبق على عدد كبير من العقارات التابعة لأملاك الدولة بجميع أغراضها، سواء التجارية والاستثمارية والحرفية، بل حتى السكنية. وفي السياق نفسه، يرى مستثمرون معنيون أن هذه الملفات الشائكة تستوجب تحركاً جدياً من قبل وزير البلدية، مع المطالبة بتشكيل لجنة برئاسته تضم رئيس المجلس البلدي أسامة العتيبي والمدير العام للبلدية أحمد المنفوحي والوكيل المساعد لشؤون أملاك الدولة د. غازي العياش (الجهات المعنية بهذا الملف)، وذلك لدراسة كل العراقيل ومعرفة أين الخلل، ووضع الحلول المناسبة لتفادي المزيد من التأخير وتذليل العقبات أمام أملاك الدولة أو المستثمرين. وفي رأي المعنيين أن تلك اللجنة ستكون الحل الأفضل لتسريع الإجراءات المتعلقة بأملاك الدولة، سواء تحريرها أو ترميمها تمهيداً لبيعها أو تأجيرها، مع تحديد جدول زمني للانتهاء من كل المشاكل، خصوصاً أن تلك العقارات تفوت على المال العام مئات ملايين الدنانير الضائعة.