هل تمنع «الأوقاف» الكفيفات من حفظ القرآن؟
الكويت – النخبة:
أثار توجه ادارة شؤون القرآن الكريم التابعة لوزارة الأوقاف الأخير القاضي بإغلاق حلقات التحفيظ والتجويد في مركز منارات «النبراس» المسائي لذوي الاحتياجات الخاصة في منطقة صباح الناصر، غضب واستنكار الفتيات الصم والكفيفات وذوات الإعاقات الذهنية اللواتي كن يحفظن كتاب الله فيه، كما استنكره بشدة اولياء امورهن.
وتعد الحلقات نواة لعمل خيري جماعي التفّ حوله الكثيرون في المركز، لتولي تأهيل وتعليم وتحفيظ القرآن الكريم تعليما شرعيا لجميع فئات ذوي الاحتياجات الخاصة بمن فيهن «متلازمة الداون» والتوحّد وبطيئات التعلم من سن السابعة وحتى 77 عاما.
ورغم الأثر الإيجابي الذى أحدثته هذه الحلقات في حياة الحافظات وتعديل سلوكهن نفسيا واجتماعيا وتعليما، فإن قرار الإغلاق يهدد بحرمان 64 طالبة.
ناشد أولياء أمور حافظات للقرآن من ذوي الاحتياجات الخاصة عبر القبس وزارة الأوقاف، عدم إغلاق حلقات التحفيظ والتجويد في مركز منارات «النبراس» المسائي في صباح الناصر، وهو الوحيد في البلاد الذي يخدم جميع الإعاقات في محافظة الفروانية، مشددين على ضرورة توفير مثل هذه المراكز المتخصصة في تحفيظ ذوي الإعاقة لتشجيعهم على حفظ كتاب الله تعالى وعدم عزلهم وإخراجهم من ظلمة الإعاقة إلى نور القرآن الكريم وتعاليم ديننا الحنيف.
ولخّصت أم دلال رحلة ابنتها ذات الأعوام الـ12 (من فئة متلازمة الداون) في حفظ القرآن الكريم، بقولها: «كان للقرآن أثره الواضح في حياة ابنتي وسلوكها»، لافتة إلى أنها التحقت بحلقات التحفيظ في مراكز عدة عندما كانت في الخامسة من عمرها.
وقالت لـ القبس إنها لمست تغييرا جوهريا في ابنتها بعد انتسابها لحلقات التحفيظ في منارات النبراس، من حيث النطق والتخاطب وطلاقة اللسان والتوازن النفسي، مشيرة إلى معاناتها في البداية في البحث عن مراكز متخصّصة في تحفيظ كتاب الله لذوي الإعاقة.
وأبدت أم دلال أسفها من توجّه «الأوقاف» لإغلاق المركز لأسباب مجهولة، وقالت ان المساجد لا تستقبل ذوي الاحتياجات الخاصة، ولا تجيد التعامل معهم وفقا لكل إعاقة.
مناخ تربوي
من جهتها، قالت رئيسة «منارات النبراس» ليلى البراك، لـ القبس إن المركز يخدم جميع الإعاقات بجميع المحافظات، بحيث توزع الحلقات على كل المراكز المتخصصة في تحفيظ القرآن الكريم والنوادي والمؤسسات المعنية بذوي الاحتياجات.
واضافت ان رسالة المشروع تقوم على السعي لتحقيق تميّز كمّي ونوعي في تعليم وتحفيظ القرآن الكريم لذوي الاحتياجات لبناء شخصية قرآنية متميزة فهما وسلوكاً وتلاوة وحفظا، من النشء والشباب وغيرهم من الفئات العمرية، ليكونوا خير قدوة في المجتمع باستخدام أحدث الوسائل التعليمية والبرامج القرآنية والتربوية.
وذكرت ان من مهام المركز ايضا تنمية مهارات الطلبة على استخدام اللغة العربية وتقويم ألسنتهم بلغة القرآن الكريم، وتقديم كل جديد من برامج وأنشطة، من شأنها الدفع بعجلة الرقي والتميز الى الأمام وتصب في خدمة كتاب الله تعالى وخدمة حامليه.
وأوضحت البراك أن تطبيق حلقات التحفيظ بدأ في نوفمبر 2015 على فئة متلازمة الداون، التوحّد إعاقة ذهنية بطيء وصعوبة التعلم، إضافة إلى فئتي الصم والمكفوفين، وتم خلاله اعتماد شراكات خارجية مع وزارة التربية بقسميها الخاص والعام.
واشارت الى ترشيح 10 طالبات من ذوات الاعاقات المختلفة للاختبارات النهائية وأقيمت في المركز وضمت حافظات المشروع إلى حافظات مركز منارات الصم وعددهن 32 طالبة، ليخدم جميع الفئات وتمت تسميته منارات النبراس للاحتياجات الخاصة والنوعية.
وبيّنت انه بناء على نجاح المشروع، تم اعتماده من قبل إدارة شؤون القرآن الكريم وازداد الطلب على الانتساب للمركز، وتوسعت الحلقات وفتحت حلقات جديدة تخدم كل من فئة متلازمة الداون في مدارس النبراس النموذجية (التعليم الخاص) بــ 21 طالبة حافظة، وفي مدرسة الجابر الأهلية بواقع 21 طالبة حافظة، إضافة إلى فئة بطيئي التعلم في مدرسة ماما أنيسة المتوسطة ــــ بنات (حكومية) بـــ 25 طالبة حافظة، وانتساب 21 حافظة في مدرسة الجابر الأهلية و35 طالبة حافظة من فئة الصم والبكم.
ولفتت إلى أن المركز تميّز بالأنشطة المتنوعة والفعاليات والدورات والندوات لتنمية قدرات الموظفات والمحفظات، بالتسجيل في مسابقة الكويت الكبرى، مشيدة بأهمية حلقات التحفيظ في دمج الحافظات وعدم تهميشهن وحرمانهن من تعلم القرآن الكريم وتلقّي علومه، فضلا عن تعديل مخارج الحروف، لا سيما لحافظات متلازمة الداون وفهم العبر بالقرآن وخلق جو تفاعلي للدراسة مع المحيط.
تحديات وجهود
وعن التحديات التي تواجه المركز، لفتت البراك إلى الحاجة الماسة لتوفير بعض المتطلبات وتسخير الإمكانيات وتذليل بعض العقبات الإدارية وتضافر الجهود لوضع المنهج التعليمي وطباعته وتحديد البرامج والأنشطة السنوية، من خلال خطة عمل الفريق، وتصميم برنامج آلي لقاعدة بيانات من مختلف الجوانب التعليمية والإدارية والفنية، فضلا عن تصميم صفحة ويب للمركز لاستعراض أنشطة المركز، من خلال برامجه والترويج لنشاط المركز، وبالتالي للإدارة وتأثيثه، علاوة على وضع الخطة الاستراتيجية والتشغيلية للمركز.
وأشارت إلى التحدي الأكبر الذي يواجه المركز حاليا والمتمثل في السعي إلى إغلاق حلقات التحفيظ التي تخدم الفئة، إلى جانب عدم كفاية الميزانية المخصصة للمركز وللحفل الختامي المقام نهاية كل فصل مما يرهق ميزانية الموظفات ورئيسة المركز ويحبط الحافظات.
وعن آلية التحفيظ التي يعتمدها المركز وفقا لكل إعاقة، قالت البراك: يتم إخضاع الاعاقات الذهنية من فئة متلازمة الداون والتخلف البسيط أولا إلى اختبار تحديد مستوى لتصنيفهن
واعتماد طريقة التدريس التي تلائم كل حالة، مبينة أن المستوى الأول يعتمد على الحركات الجسدية وحركة الوجه بهدف توصيل الفكرة ومن بعدها التلقين والتكرار، في حين يركز المستوى الثاني والمستويات الأخرى على التلقين وتصوير الآيات باستخدام أفلام أو مجسّمات مبسّطة لتوصيل الفكرة.
وتابعت بالقول: بالنسبة الى بطء وصعوبة التعلم، فإننا نعتمد وسيلتي التكرار والترديد من المحفظة والمذياع، في وقت تعتمد حافظات الصم على لغة الإشارة و«الداتا شو» ــــ جهاز لعرض البيانات ــــ على أن يتم اختبارهن كتابيا. وذكرت أن المركز يحتضن في دورته الحالية 35 حافظة من الصم من عمر 8 سنوات الى 77 عاما ومحفظة واحدة لهن، و22 حافظة من متلازمة الداون والإعاقات الأخرى، تحت إشراف محفّظتين فقط مكلّفتين، وتم انهاء تكليف واحدة منهما لأسباب مجهولة، رغم أنها من أكفأ الموظفات، كما يستوعب المركز 10حافظات كفيفات تحت إشراف محفظة واحدة، مختتمة حديثها لــ القبس بالإشارة إلى الرؤية المستقبلية للمركز بأن يكون المرجع والمؤسس الذي يخدم ذوي الإعاقة في جميع الدول العربية.
مراكز مختصة
ذكرت البراك أن رؤية المركز تتبلور في إنشاء مراكز تعليمية مختصة في تحفيظ القرآن الكريم تضم ذوي الاحتياجات الخاصة، ويكون تابعاً للتعليم النوعي في مراقبة حلقات البنين، إضافة إلى الريادة في تعليم وتحفيظ القرآن الكريم ورعاية أهله وبيان علومه وغرس قيمه لمختلف شرائح المجتمع.
تكريم 64 حافظة
أشارت البراك إلى ان إجمالي الحافظات المنتسبات للمركز خلال الفصل الدراسي الماضي بلغ 105 حافظات، تم تكريم 77 منهن، وتخلّفت الاخريات لظروف السفر وقت الاختبارات النهائية المعتمدة من الوزارة، كاشفة عن أن المركز بصدد تكريم 64 حافظة من الصم والكفيفات وباقي الإعاقات ممن اجتزن الدورة الحالية.
مسابقة دولية
اقترحت ليلى البراك تنظيم مسابقة دولية سنوية لذوي الاحتياجات الخاصة، وفتح حلقات تحفيظ في جميع مراكز الأوقاف لخدمتهم، يكون تابعا لمنارات النبراس، فضلا عن زيادة الدورات وورش العمل المخصصة للموظفات وتفعيل الدور الإعلامي في إبراز جهود المركز.