معلمو صباح الأحمد: نرى الموت بأعيننا يومياً في طريق الخطر
في سبيل أداء رسالة ورثة الأنبياء، وخلال السعي لتوفير متطلبات «الاختبار المريح»، لقيت مربيتان وجه ربهما، وهما تسلكان طريقا كانتا «تلتمسان فيه علما» لأبنائهما من طلبة الصف الخامس في إحدى مدارس مدينة صباح الأحمد السكنية، ووافتهما المنية في حادث مروري مروع، ليس الأول من نوعه على طريق الخطر. ولم يكد يمر عام على وفاة معلم اللغة العربية محمد نجاح، إثر حادث مروري مرّوع على طريق الوفرة، وهو في طريقه إلى عمله بإحدى مدارس مدينة صباح الأحمد السكنية، حتى أودى الطريق نفسه- طريق الموت- بحياة هاتين المعلمتين جراء انقلاب سيارتهما، خلال خروجهما في تكليف من المدرسة إلى منطقة الفحيحيل لاقتناء أغراض وهدايا تشجيعية لتلاميذ الصف الخامس بمدرستهما، من أجل تطبيق ما يسمى «الاختبار المريح» للطلبة. علمت القبس من مصدر مطلع أن المعلمتين هدية العدواني والجازي العجمي كانتا في طور التجهيزات الخاصة باختبارات منتصف العام، تنفيذاً لتعليمات وزارة التربية الخاصة بمراعاة توفير الأجواء الملائمة لأداء اختبارات الطلبة، وتوصية المناطق التعليمية الإدارات المدرسية بتطبيق الاختبار المريح، وتهيئة الأجواء النفسية ليتسنى لجميع الطلبة تأدية اختباراتهم على أكمل وجه. وإثر ما ألمّ بهاتين المربيتين، رحمهما الله، خيمت حالة من الحزن على جميع المعلمين، لاسيما العاملين في مدينة صباح الأحمد السكنية، استذكر العديد منهم فاجعة رحيل معلم اللغة العربية محمد نجاح العام الماضي الذي راح ضحية طريق الوفرة الخطر. وقال معلمو مدارس صباح الأحمد لـ القبس إنهم يرون الموت بأعينهم كل يوم بسبب هذا الطريق المتهالك، مطالبين المسؤولين بالالتفات إلى معاناتهم والخطر المحدق بهم. وقال المعلم ماهر محفوظ «رحل نجاح وهو ابن 28 ربيعاً قبل أن يُكمل عامه الأول في الكويت، وبعد زفافه بخمسة أشهر، تمكن خلالها من إحضار زوجته لتخفف عنه آلام الغربة»، مضيفا «كان من المفترض أن تكون حادثة العام الماضي بمنزلة قرع ناقوس الخطر، ونذير من تكرار تلك الحالة المؤلمة، إلا أن الجهات المعنية يبدو أنها لم تتأثر، فالخطر ما زال يهدد جميع العاملين في المدينة يومياً»، معبرا عن حزنه لرحيل المعلمتين، ومعتبرا أن الخبر كان فاجعة على القلوب. وأضاف: يرصد المراقب صرخات متتالية ومتعالية من العديد من المُعلمين العاملين بمدينة صباح الأحمد طوال السنوات الأربع الماضية، منذ افتتاح مدارسها، منددين بوعورة طريقها وصعوبة التردد عليه كل يوم، وواصفين إياه بـ«طريق الموت»، ومحذرين من تكرار مثل تلك الكوارث لسالكيه. المطلوب حلول من جهته، عبّر المعلم عصمت يوسف عن أمله في أن تُحل أزمة العاملين بمدارس تلك المدينة قريباً، مؤكداً وجود معاناة جراء وعورة الطريق وخطورته على جميع من يقصد تلك المنطقة، مطالباً وزارة الأشغال بإنجاز ما تبقى من الطريق القديم وإصلاحه في أسرع وقت، تفادياً للحوادث شبه اليومية التي تقع على هذا الطريق الخطر. وأشار إلى أن بعض رواد الطريق يسيرون بسرعة جنونية للوصول الى المدارس، في ظل عدم تفعيل كاميرات المراقبة حتى الآن- وفق قوله- مشدداً على أن أغلب الحوادث التي تقع على الطريق خطرة وضحاياها كثر، ولافتاً الى أن الطريق أضرّ بمركبات المعلمين وكلفهم مبالغ مالية لاصلاحها. إلى ذلك، انتقد تربويون لـ القبس الأعباء الاضافية التي يتحملها المعلمون من أجل إرضاء المسؤولين أو الادارات المدرسية، لافتين إلى أن بعض المعلمين يتحملون تكاليف تطبيق الاختبار المريح، حيث يتم شراء جميع المتطلبات على حسابهم الشخصي، مؤكدين أن كل الفعاليات و تجهيزاتها يكلف بها الكادر التعليمي. «الاختبار المريح» وأشاروا إلى أن كذبة «الاختبار المريح» وتزيين مدخل المدرسة وبواباتها، وصبغ الجدران وتفعيل الفرص بدع لا فائدة منها، ولا نفع تعليميا وسلوكيا للمتعلم منها، وايقافها ومنعها اصبح ضرورة، فهي مجرد استعراض لم يؤثر مطلقاً في نسب النجاح. كما طالبوا بعدم إسناد أو تكليف المعلمين والمعلمات بأي أعمال إضافية، سواء ورش تعليمية أو برنامج اذاعية أو فعاليات وأنشطة، وغيرها من المتطلبات غير العامة التي تستنزف جهود المعلم جسدياً ونفسياً ومالياً. وفتحت حادثة وفاة المعلمتين هدية العدواني والجازي العجمي، النار على وزارة التربية وتوجيه اللوم عبر النوافذ الاعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، لأن الحادث المروري وقع أثناء وجودهما في مهمة خارج المدرسة، وليست من اختصاصهما، حيث أصيب الميدان التربوي بحالة من الحزن والاستياء بسبب تجاهل صيحات المعلمين والمعلمات على مدار سنوات ماضية، ومطالبتهم بعدم تكليفهم بأعباء إدارية إضافية. وبينما أكدت المعلمة فريال المطيري أن المهنة الأساسية للمعلم هي التدريس فقط، تساءلت: إلى متى والمعلم يقوم بدور الإداري والباحث والمراسل والبائع في المقصف؟! وأضافت «لقد أصبحت مهنة المعلم شاملة كل شيء: تنظيف ومراقبة وتوصيل وتدريس، وبسبب تكليف المعلم بمهام خارج اختصاصه فقدنا قبل أيام مربيتين فاضلتين، مطالبة وزارة التربية بفتح تحقيق موسع في هذا الأمر ومحاسبة المسؤولين». من جهتها، قالت المعلمة رباب القطان إن بعض الإدارات المدرسية تجبر المعلمات على القيام بمهام إضافية، وفي كثير من الأحيان تخرج المعلمة من المدرسة خلال أوقات الدوام لتنفيذ أوامر المديرات، وفي حال اعتراض أي معلمة يتم تهديدها بتقرير عدم التعاون مع الادارة المدرسية، كما أن هناك مديرات متسلطات يهددن المعلمات بتقييم الكفاءة آخر العام.