وصف رئيس مجلس إدارة جمعية المحامين شريان الشريان، مهنة المحاماة بأنها رسالة سامية تقوم على مبادئ وقيم عالية تُعدُّ ثوابت ينبغي للمحامي المتميز أن يتخلَّق بها حتى تتهيَّأ له بيئة مناسبة لأداء عمله على أكمل وجه وبكل حيادية، وتمده بالقوة في مواجهة التحديات ومعالجة المعوقات حتى يكون قادراً على تحقيق مجرى العدالة وإعادة الحق إلى أصحابه. وقال الشريان لـ القبس إن مهنة المحاماة تواجه العديد من التحديات الخارجية التي لا دخل للمحامي ولا للمؤسسات المنظمة للمهن في إيجادها، وفي الوقت ذاته لها تأثير كبير على حسن أداء المهنة وتطورها، ومنها ما يتعلق بالقوانين والتشريعات؛ كالتغيُّرات المُستمرة والمتسارعة في القوانين والأنظمة، وعدم مواكبة بعض التشريعات للتغيرات، خصوصاً قانون تنظيم المهنة، والنقص في المراجع الفقهية والمكتبات المتخصصة. أوضح الشريان أن من التحديات كذلك ما يتعلق بالمنظومة القضائية؛ كالإجراءات البطيئة لحسم القضايا والمنازعات، وكذلك العلاقة بين الهيئات القضائية وهيئات الدفاع، إضافة إلى عدم مواكبة التكنولوجيا الحديثة في العديد من المجالات. ووفق الشريان، هناك تحديات تتعلق بالطبيعة المجتمعية والظروف الاقتصادية كزيادة الضغوط الذهنية والجسدية على المحامي، وارتفاع تكاليف إدارة المكاتب، والمعيشة العائلية، إضافة إلى النظرة المجتمعية السلبية لعمل المحامي، وعدم توافر العمالة المدربة في سوق العمل. وأشار إلى أن هناك تحديات ترتبط بمنظومات التعليم والتدريب، كافتقار التعليم الجامعي للجوانب التطبيقية، والنقص الكبير في المواد التدريسية للعديد من التخصصات المهمة، وعدم الربط بين المقررات واحتياجات سوق العمل، وضعف نظم التدريس والتقييم والاعتماد على الأساليب التقليدية كالتلقين والحفظ، كما أن التدريب في ما بعد التعليم الجامعي يتكلف نفقات باهظة قد لا يستطيع المحامي الحديث تحملها، وعدم اشتماله على برامج المحكمة الصورية لتطوير المهارات، إضافة إلى مشكلات تقييم المحامين المتدربين. شخصية المحامي وفي ما يتعلق بالمعوقات الذاتية التي تؤثر على مهنة المحاماة، خصوصاً في المراحل الأولية لممارسة المحامي للمهنة، والتي تقف حجر عثرة أمام تقدمه وتميزه ونجاحه، أوضح الشريان أن من تلك المعوقات المعرفية القصور في الدراسة الأكاديمية، والقدرة على تفسير النصوص التشريعية، وعلى الربط بين النصوص واستخلاص النتائج، وضعف المهارات المكتسبة في مرحلة الدراسة الأكاديمية، والنواحي الإجرائية، إضافة إلى ضعف مهارات الصياغة القانونية باللغة العربية. كما أن تكوين الشخصية القانونية للمحامي من الأمور المهمة المؤثرة في نجاحه وتميزه، سواء من حيث المظهر الشخصي، القدرة على إدارة الحوار، وعلى الإنصات، القدرات اللغوية، وعلى التحليل والنقد، وعلى الإقناع، ترتيب الأفكار وتسلسلها والربط بينها، إضافة إلى قدراته على مواكبة التطور التكنولوجي. وشدد الشريان على أهمية التدريب، مستشهداً بدراسة أنجزت مؤخراً من قبل كلية الحقوق بجامعة هارفارد أكدت أن شخصية المحامي تلعب دوراً في النجاح في مهنة المحاماة، فكلما كانت أنظمة التدريب حقيقية وفعالة، حصلنا على محام مزاول على مستوى عال، والعكس صحيح، إذ تعد كثرة الخريجين العقبة الأساسية أمام المحامي المتدرب ومستقبله في سوق العمل. كما تؤثر في فعالية نظام التدريب قلة أو غياب الحوافز المالية؛ فأي نظام حتى ينجح يجب أن يرافقه مقابل مالي. معوقات المهنة وذكر الشريان أن الجمعية وصفت أهم التحديات والمعوقات التي تواجه ممارسة المهنة، وعكفت على وضع آليات مواجهتها وفق استراتيجية شملت مجموعة من البرامج القصيرة والمتوسطة والطويلة المدي. وقال إن كثيراً من المواطنين لا يعرفون سلوك السبل القانونية في استرداد حقوقهم؛ لذا يبحثون عن مكتب محاماة يتسم بالمصداقية والثقة، ولا يتأتَّى هذا إلا بتسلُّح المحامي بالمعرفة القانونية والثقافية بوجه عام، والتسلُّح بالمبادئ والأخلاق السامية حتى يكون عوناً للناس في حصولهم على حقوقهم وتحقيق مجرى العدالة وسيادة القانون. وأضاف أنه لتحقيق ذلك ساهمت الجمعية من خلال العمل على تعديل قانون تنظيم المهنة، حيث تقدمت بمشروع قانون لتنظيم مهنة المحاماة ضمن بنوده النص على اعتبار ميثاق آداب مهنة المحاماة جزءا لا يتجزأ من القانون ووجوب الالتزام به، وقد عكفت على إعداده بالشكل الذي يلبي متطلبات ممارسة المهنة ويحقق العديد من المزايا لجموع الزملاء والزميلات، وكذلك اعتبار معهد الكويت للمحاماة، الذي قامت بتأسيسه الجهة المنوط بها تدريب وتطوير مهنة المحاماة في الكويت، مما يعد نقلة نوعية على مستوى الدول العربية، وتزويد المعهد بالبرامج التي توفر محامين قادرين على الدفاع عن الحقوق، ويمنح المحامي المستجد الخبرة العملية لتعزيز المعلومات النظرية التي حصل عليها في دراسته الأكاديمية ويصقل من شخصيته القانونية والتمكن من مستجدات المهنة ومتطلباتها العلمية والعملية، وبما يسهم في تطوير مهنة المحاماة وبناء كوادر مؤهلة للمنافسة في سوق العمل المحلي والدولي. برامج مشتركة وحول علاقات الجمعية على المستوى المحلي والإقليمي والعربي والدولي، قال الشريان: بُذلت جهود مشهودة بدعم علاقات التعاون مع مختلف الوزارات والهيئات والمؤسسات داخل الكويت، وإعداد مذكرات التفاهم والبرامج المشتركة مع كل الجهات، ولدينا تفاصيل كاملة بهذه الأنشطة. ودلل على نضج ونمو العلاقات على مستوى دول مجلس التعاون بأن الأمين العام لاتحاد المحامين الخليجيين في هذه المرحلة كويتي، وكذلك على المستوى العربي فإن من يعتلي منصب الأمين العام لاتحاد المحامين العرب حالياً ولأول مرة زميل كويتي، بل وعلى المستوى الدولي فلأول مرة أيضاً يتم تقليد إحدى الزميلات المحاميات منصب المستشارة لرئيس الاتحاد الدولي للمحامين عن منطقة الشرق الأوسط. وختم الشريان بأن هذه الإنجازات ترتبت في ظل مجلس الإدارة الحالي ونتيجة الجهود المخلصة من جميع الزملاء والزميلات، معربا عن خالص الشكر والتقدير للجميع، متطلعاً إلى مزيد من الإنجازات للسمو برسالة المحاماة وتحقيق العدالة.
