الدكتور ناصر المطيري يكتب إيران وأمريكا.. خيارات الرد واحتمالات المواجهة.
الأمر الذي يمكن الجزم به هو أنه لا خيار لإيران سوى أن ترد على الضربة الأمريكية الموجعة المؤثرة التي أدت إلى مقتل قاسم سليماني ، فهذا الرجل ليس شخصا عاديا بالنسبة لطهران بل هو رأس حربة النظام الإيراني العسكرية على مدى ثلاثين سنة، ولكن ماهي خيارات هذا الرد الإيراني وسقفه؟ وهل يمكن أن يرقى لمواجهة عسكرية مع أمريكا ؟ وماهي حسابات الربح والخسارة سياسيا وعسكرياً ؟
من المعلوم أن إيران لا تمتلك حاليا القدرة العسكرية أو الاقتصادية لمواجهة الولايات المتحدة مواجهة تقليدية، خصوصا بعد ما تعرضت له طهران من استنزاف جراء العقوبات الاقتصادية الأمريكية.
ورغم حدة التهديد الذي أطلقته هيئة الأركان الإيرانية فور مقتل سليماني والذي أشارت فيه إلى “رد مزلزل” ضد الولايات المتحدة إلا أن هذا الصوت الانفعالي كان موجها بشكل خاص إلى الأذرع الإيرانية في بعض العواصم العربية ، ولا يعكس الاتجاه نحو المواجهة العسكرية الشاملة المباشرة مع أمريكا ، فطهران توجه من خلال هذا التهديد رسالة لأذرعها الخارجية مفادها أن مهمة الانتقام لمقتل سليماني تقع على عاتقهم جميعا.
لذلك نعتقد بأن السيناريو المرجح يتمثل بأن يتبادل الجانبان هجمات مباشرة أو وبالوكالة، يكون مسرحها اليمن وسورية والعراق وربما لبنان ، وفي هذه الحالة، يمكن أن تستمر المواجهات أشهراً طويلة من دون حسم، على اعتبار أنها غير مُكلفة للجانبين وتتيح لكل منهما تسجيل تفوّق بالنقاط، يمكن استثماره داخليا، وصولاً إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نهاية العام 2020.
عامل الوقت مهم في ترجيح ماهية الرد الإيراني ومستواه ، ففي حال تراخت إيران بعض الوقت في توجيه ضربتها فهذا يعني “تبريد للأزمة” ، ومن ثم يترجح خيار الضربات التي توجهها الأطراف والأذرع الإيرانية في الساحة العراقية أو السورية أو اليمنية وربما في دول الخليج للمصالح الأمريكية، لذلك نرى أنه وفق الحسابات الاستراتيجية للبلدين وموازين الربح والخسارة سوف يبقى التوتر الإيراني الأمريكي تحت خط السقف الأحمر من المواجهة.
د. ناصر خميس المطيري