المصروفات السرية والتعزيزات العسكرية بين مطرقة المشرّع وسندان التشريع
أثير مؤخرا وفي عدة مناسبات في مجلس الأمة موضوع المصروفات السرية ومصروفات التعزيزات العسكرية، كما كانت تلك الموضوعات مادة من مواد الأسئلة البرلمانية وبعض الاستجوابات، كما تم تناول بعض الملاحظات بشأنها منها ما يتعلق بأسس تنظيمها وطرق الرقابة عليها، ولعل من المهم ان يتم توضيح بعض الجوانب المتعلقة بهذين الموضوعين، سواء من الجانب الفني او التشريعي قبل ان يتم تقييم كل ما يطرح بشأنهما من آراء:
أولا: المصروفات السرية:
فيما يتعلق بتنظيم المصروفات السرية، فمن الملاحظ انه لم يرد الا حكم واحد يتعلق بالتعامل مع مثل تلك المصروفات، وهو ضمن احكام القانون رقم 30 لسنة 1964 بإنشاء ديوان المحاسبة وتعديلاته، حيث نصت المادة رقم 80 منه على الآتي (فيما يتعلق بمراجعة المصروفات السرية يكتفى في شأنها بإقرار يوقعه الوزير المختص كل ثلاثة أشهر يتضمن بيان قيمة المبلغ المصرف خلال هذه المدة من اعتماد المصروفات السرية المخصص لوزارته بالميزانية وشهادة بان هذا المبلغ قد تم صرفه في حدود الاعتمادات المقررة وفى الأغراض التي خصصت من أجلها.
ويبعث الوزير بهذا القرار بصفة سرية إلى رئيس الديوان وذلك خلال عشرة أيام على الأكثر من تاريخ انتهاء المدة المحرر عنها الإقرار وعلى رئيس الديوان الا يطلع أحدا عليه وان يحتفظ به لديه).
كما انه من الملاحظ أيضا ان المصروفات السرية الواردة بالمادة المشار اليها تدرج اعتماداتها المالية ضمن حساب خاص بدليل الحسابات الصادر بتعميم وزارة المالية رقم 4 لسنة 2015 بشأن دليل رموز وتصنيفات الميزانية – الأساس النقدي – تحت ما يسمى (22260101 مصروفات خاصة)، حيث عرف الدليل هذا الحساب بالآتي (تتمثل في المصروفات ذات الطابع الخاص لاعتبارات المصلحة العامة).
ويعاب على الإجراءات المتعلقة بإدراج الاعتمادات المالية المتعلقة بالمصروفات السرية ضمن الحساب المشار اليه (مصروفات خاصة)، بانها أصبحت لا تتسق مع ما نصت عليه المادة 80 المشار اليها، مما يسبب هذا الخلل من حيث الشكل (بالتسمية) في وجهة نظري الى عدم انطباق مفهوم المصروفات السرية على ما يتم ادراجه من اعتمادات ضمن حساب المصروفات الخاصة والذي لم يشر لا من قريب ولا من بعيد بتعريف الحساب الى المادة 80 من القانون 30 لسنة 1964، الامر الذي يستلزم قانونا خضوع المصروفات الخاصة للرقابة من الأجهزة الرقابية المختلفة.
اما فيما يتعلق بدور وزارة المالية بشأن تنظيم موضوع المصروفات السرية، وفيما اذا كانت تنطبق عليها التعليمات المالية الصادرة من وزارة المالية والمتعلقة بتنفيذ الميزانية على النحو الذي أشار اليه العضو الفاضل رياض العدساني في احد تصريحاته، وذلك تعليقا على إجابة السيدة وزيرة المالية على السؤال المتعلق بهذا الموضوع، حيث افاد بأن من الواجب على وزارة المالية وديوان المحاسبة الاطلاع على بند المصروفات الخاصة والا يكتفيان بالتنسيق البسيط بهذا الشأن وعدم الاطلاع عليها، بالإضافة الى موضوع النقل بين البنود التي طرفها المصروفات الخاصة، فنودّ الإفادة بانه اذا تجاوزنا المسألة الجوهرية المتعلقة بالشكل والمتعلقة بالمصروفات الخاصة وتم اعتبارها هي المصروفات السرية وفقا لأحكام المادة 80 من قانون انشاء ديوان المحاسبة، فان افادة السيدة وزيرة المالية في هذا الشأن جاءت متسقة مع التشريعات الصادرة من مجلس الأمة في هذا الأمر، والتي نوجزها بالآتي تأسيسا على المادة سالفة الذكر:
٭ ينحــصــر مــوضــوع المصروفات السرية فيما بين الوزير المختص ورئيس ديوان المحاسبة دون غيرهما، وبالتالي فإن الجهاز الفني بديوان المحاسبة غير معني بهذا النوع من المصروفات، ولا يحق له ممارسة اختصاصاته على النحو الوارد بالأحكام الأخرى بقانون انشاء ديوان المحاسبة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تكليفه بأعمال الرقابة عليها او أي جهة أخرى بذلك، حيث حظرت المادة على رئيس الديوان ان يطلع أحدا على تلك المصروفات.
٭ يتضح ان التصرف باعتمادات المصروفات السرية اختصاص اصيل للوزير المختص، ويمكن التفويض به استنادا الى مرسوم بالقانون رقم 116 لسنة 1992 في شأن التنظيم الإداري وتحديد الاختصاصات والتفويض فيها، كما انه اختصاص اصيل لرئيس ديوان المحاسبة مع عدم إمكانية التفويض به وفقا للحظر الوارد بالمادة 80.
٭ تم تحديد كيفية المراجعة على المصروفات السرية وتعتبر مراجعة شكلية، حيث تم تحديدها بأن يكتفى ان يقدم الوزير المختص إقرارا موقعا منه وذلك كل ثلاثة أشهر، ويتضمن الإقرار بيانا بقيمة المبالغ المنصرفة من الاعتماد المخصص خلال تلك الفترة، بموجب شهادة من الوزير بأن هذا المبلغ قد تم صرفه في حدود الاعتمادات المقررة، وفى الأغراض التي خصصت من أجلها.
٭ يبعث الوزير المختص بهذا الاقرار بصفة سرية إلى رئيس الديوان، وذلك خلال عشرة أيام على الأكثر من تاريخ انتهاء المدة المحرر عنها الإقرار، وعلى رئيس الديوان إلا يطلع أحدا عليه وان يحتفظ به لديه.
٭ ينحصر دور رئيس ديوان المحاسبة في وجهة نظرنا بالتأكد من ان المصروفات المتعلقة باعتمادات المصروفات السرية قد قدمت بالشكل المحدد بأحكام المادة وحفظها طرفه، دون تسلم اي مستندات متعلقة بها او بيان تفصيلي بها، ودون اتخاذ اية إجراءات متعلقة بالتدقيق عليها.
٭ لم توضح احكام المادة اي إجراءات يتم اتخاذها من قبل رئيس ديوان المحاسبة في حال عدم تقيد الوزير المختص بأحكام المذكورة، او الجهة المسؤولة عن ملاحظات رئيس الديوان بهذا الشأن، كما هو معمول به بالنسبة لنتائج اعمال ديوان المحاسبة في الجوانب الأخرى وفقا لما نصت عليه المادة 20 من قانون انشاء الديوان والتي نصت على الآتي (يضع رئيس الديوان تقريرا سنويا عن كل من الحسابات الختامية المشار إليها في المادة السابقة يبسط فيه الملاحظات وأوجه الخلاف التي تقع بين الديوان والجهات التي تشملها رقابته المالية ويقدم هذا التقرير إلى رئيس الدولة ومجلس الأمة ومجلس الوزراء ووزير المالية في موعد أقصاه آخر شهر يناير التالي لانقضاء السنة المالية).
ومن خلال تحليل ما ورد من نصوص احكام في المادة 80 القانون رقم 30 لسنة 1964 بإنشاء ديوان المحاسبة وتعديلاته، يتضح بشكل واضح حدود ودور وزير المالية بصفته المسؤول الأول عن الشؤون المالية بالدولة، وكذلك حدود دور رئيس ديوان المحاسبة فيما يتعلق بالرقابة على المصروفات السرية.
ويسري ذلك برأينا على تحديد الاعتمادات المتعلقة بالمصروفات السرية باعتبار ان الإفصاح على الغرض من المصروفات بشكل تفصيلي ما هو الا الإفصاح عن أوجه الصرف، مما لا يتفق مع احكام المادة 80، ويسري ذلك على طلب المناقلات لتعزيز الاعتماد المخصص للمصروفات الخاصة (السرية جوازا)، والتي من اختصاص وزير المالية وفقا لأحكام المادة 22 من المرسوم بقانون 31 لسنة 1978 بإعداد الميزانيات العامة والرقابة عليها والحساب الختامي، والتي تنص على الآتي (لا يجوز لأية جهة تجاوز اعتماد محدد لأي مصرف من المصروفات. ويجوز النقل من الوفر المحتمل في اعتماد مصرف إلى اعتماد مصرف آخر من نفس الباب والقسم، ويحدد وزير المالية أوضاع وشروط النقل)، الا ان هذا لا يعني ان تغل سلطة وزير المالية في تحديد الاعتمادات النهائية للمصروفات السرية.
وبعدما تم توضيح الجانب المتعلق بالتشريع لموضوع المصروفات السرية وانعكاسه على الجانب الفني، يتبين حدود الرقابة على تلك المصروفات.
وحيث ان المشرع له متطلبات تتعلق بدوره الرقابي الذي يمارسه وفقا لما هو محدد بأحكام الدستور واللائحة الداخلية، لكن تلك المتطلبات تصطدم بالجانب التشريعي القائم في هذا الشأن، لذا يستلزم الامر ان يمارس المشرع دوره التشريعي والرقابي معا والذي يحقق تلك المتطلبات، وذلك اما من خلال وضع قيود ضمن قانون ربط الميزانية في هذا الشأن، مع الاخذ بعين الاعتبار الجدل القانوني في شأن مدى قانونية ان يتضمن قانون ربط الميزانية أي احكام تتعارض مع احكام قوانين قائمة، باعتبار ان قانون ربط الميزانية يعتبر قانونا من الناحية الشكلية، اما من الناحية الموضوعية فهو عمل تنفيذي اداري، وهذا جدل قانوني يحسمه الدستوريون، واما بإعادة النظر بالتشريع القائم بما يحقق المتطلبات الرقابية للمشرع.
ثانيا: التعزيزات العسكرية:
ووفقا لما تم نشرة في وكالة الانباء الكويتية (كونا) فإن مجلس الأمة وافق في جلسة تكميلية بالإجماع على مشروع القانون بالإذن للحكومة في أخذ مبلغ من المال الاحتياطي العام بقيمة ثلاثة مليارات دينار كويتي، لوضع ميزانية استثنائية لفترة عشر سنوات مالية لتعزيز الدفاع في البلاد وذلك بمداولتيه الأولى والثانية وإحالته للحكومة، ونصت المادة الأولى من القانون على أن (يؤذن للحكومة في أن تأخذ من المال الاحتياطي العام مبلغ «ثلاثة آلاف مليون دينار كويتي» لوضع ميزانية استثنائية لفترة عشر سنوات مالية تخصص لتعزيز الدفاع في البلاد وذلك لتغطية حاجة وزارة الدفاع من التسليح والمعدات العسكرية على أن يتوافق ما يخصص سنويا مع الحالة المالية للدولة وألا يصرف من هذه المبالغ لأية أغراض أخرى، ويعد لها حساب ختامي منفصل سنويا).
ونصت المادة الثانية على أن (يفوض مجلس الدفاع الأعلى في تخصيص المبالغ اللازمة لكل سنة مالية وذلك خلال عشر سنوات ابتداء من السنة المالية 2015/2016 على أن يرحل ما لم يتم صرفه كل سنة إلى السنة المالية التالية، ويتولى مجلس الدفاع الأعلى الإشراف على تنفيذ عقود التسليح والمعدات العسكرية المطلوبة).
وذكرت اللجنة المشتركة بين لجان الشؤون المالية والميزانيات والدفاع والخارجية البرلمانية في تقريرها، أن وزارة الدفاع استعرضت خلال الاجتماع معها كلا من الجانب الأمني الذي يهدد البلاد بناء على ما تم جمعه من وحدة استخبارات الجيش والجانب العملياتي الذي تحتاجه القوات المسلحة من تطوير المعدات والآليات العسكرية، وبيان مدى تقادم أعمار تلك المعدات في القطاعات الحربية الثلاثة البرية والبحرية والجوية إضافة إلى تطوير الدفاعات الجوية وما يساعدها من معدات للحرب الإلكترونية.
وأضافت اللجنة أن المبالغ المرصودة لوزارة الدفاع سيتم تخصيصها لشراء معدات وأسلحة ومصاريف صيانة وتدريب القوات العسكرية على استخدام هذه المعدات.
وكانت اللجنة قد أوصت بتخفيض المبلغ الذي سيؤخذ من الاحتياطي العام من 6.2 مليارات إلى 3 مليارات دينار، نظرا إلى أن الاحتياج الفعلي الحالي لا يتطلب المبلغ الإجمالي كله، على أن يتم إصدار قانون باعتماد اضافي للسنة المالية 2015/2016 بمبلغ 200 مليون دينار.
من جهته، أكد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية ووزير النفط بالوكالة في ذلك الوقت خلال مناقشة المجلس مشروع القانون أن قانون الميزانية هذا يخضع لرقابة ديوان المحاسبة ورقابة الفتوى والتشريع في التعاقد وجهاز المراقبين الماليين، كما يحدد ما يصرف منها المجلس الاعلى للدفاع.
وبالاطلاع على نص القانون رقم 3 لسنة 2016 بشأن الاذن للحكومة في اخذ مبلغ من المال من الاحتياطي بعد صدوره، فيما يلي الجوانب الفنية المتعلقة بهذا الموضوع:
٭ ان المبالغ المخصصة بالقانون المشار اليه مقصورة على متطلبات وزارة الدفاع فقط ولأغراض التسليح والمعدات العسكرية وفقا لما ورد بالمادة الأولى من القانون.
٭ ان المبالغ المخصصة من الاحتياطي العام المذكورة غير مدرجة ضمن الميزانية العامة للدولة والمنظمة وفقا للمرسوم بقانون 31 لسنة 1978 بإعداد الميزانيات العامة والرقابة عليها والحساب الختامي، حيث تناول المرسوم الاحكام المتعلقة بالميزانيات العامة للدولة وذلك استنادا الى المادة 140 من الدستور والتي نصت على الآتي (تعد الدولة مشروع الميزانية السنوية الشاملة لإيرادات الدولة ومصروفاتها وتقدمه الى مجلس الامة قبل انتهاء السنة المالية بشهرين على الأقل، لفحصها وإقراره)، وبرأينا ان تلك المبالغ المخصصة لا تخضع للمرسوم بقانون 31 لسنة 1978وان أورد نص القانون 3 لسنة 2016 ضمن ديباجة هذا المرسوم بقانون، لأن تلك المبالغ ما هي الا مبالغ مستقطعة من الاحتياطي العام وفق الإذن الممنوح للحكومية وفق احكام هذا القانون، ولا تعتبر في حكم نوع الميزانية المنصوص عليها في المرسوم بقانون المشار اليه.
٭ ووفقا للتأسيس الموضح في الفقرة السابقة، برأينا أن ما يتم صرفه من المبالغ المستقطعة من مال الاحتياطي العام للأغراض الواردة في القانون 3 لسنة 2016، لا تخضع لأحكام وقواعد تنفيذ الميزانية التي تصدر من قبل وزير المالية بالتزامن مع صدور قانون ربط الميزانية السنوية استنادا الى المادة 17 من المرسوم بقانون والتي تنص على الآتي (يصدر وزير المالية التعميمات الخاصة بتنفيذ الميزانية على نحو يضمن مطابقة هذا التنفيذ لأحكام القوانين واللوائح وتبلغ هذه التعميمات إلى الجهات المعنية، في نفس الوقت الذي يبلغها فيه بقانون الميزانية)، والتي هي مخصصة للجهات الحكومية (الوزارات والإدارات الحكومية والهيئات ذات الميزانيات الملحقة).
٭ ان المجلس الأعلى للدفاع هو المسؤول عن الاشراف على تنفيذ عقود التسليح والمعدات العسكرية، وان المجلس لا يعتبر ضمن الجهات الحكومية المنصوص عليها في احكام المرسوم بقانون 31 لسنة 1978 بإعداد الميزانيات العامة والرقابة عليها والحساب الختامي.
٭ على الرغم من ان القانون قد حدد جهة الاشراف على تنفيذ عقود التسليح والمعدات العسكرية، الا ان القانون لم يحدد بشكل صريح المسؤول عن تنفيذ الصرف على تلك العقود والسجلات المحاسبية الخاصة بها والمسؤول عن اعداد الحساب الختامي، حيث خلت نصوص القانون من تحديد الجهة التي تنفذ الصرف على تلك العقود ومتابعة الصرف واعداد الحساب الختامي، وكيفية اعداده طالما لا تخضع إجراءات الصرف لأحكام المرسوم بقانون 31 لسنة 1978 في هذا الشأن.
٭ وفقا لتصريح الحكومة في جلسة التصويت على مشروع القانون من ان قانون الميزانية هذا يخضع لرقابة ديوان المحاسبة في التعاقد، وعلى الرغم من عدم اتفاقي على تسمية الحكومة لهذا القانون (بالميزانية) لعدم ورود تلك العبارة في احكام القانون (الا الإشارة بالمادة الأولى من ان الاذن للحكومة بالأخذ من الاحتياطي العام بغرض وضع ميزانية استثنائية)، الا انه يلاحظ عدم الاشارة في ديباجة القانون الى قانون انشاء ديوان المحاسبة رقم 30 لسنة 1964 وتعديلاته، مع الاخذ بعين الاعتبار ان المادة 5 من قانون انشاء ديوان المحاسبة قد حددت بشكل دقيق الجهات التي تشملها رقابة الديوان والتي نصت على الآتي (تشمل الرقابة المالية التي يختص بها الديوان الجهات الآتية: أولا – كافة الوزارات والإدارات والمصالح العامة التي يتألف منها الجهاز الإداري للدولة. ثانيا – البلديات وسائر الهيئات المحلية ذات الشخصية المعنوية. ثالثا – الهيئات والمؤسسات والمنشآت العامة التابعة للدولة أو البلديات أو لغيرها من الهيئات المحلية ذات الشخصية المعنوية العامة. رابعا – الشركات أو المؤسسات التي يكون للدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة الأخرى نصيب في رأسمالها لا يقل عن 50% منه أو تضمن لها حدا أدني من الارباح)، مما يطرح تساؤلا هنا: هل يخضع هذا القانون لرقابة ديوان المحاسبة بذات الاحكام والقواعد التي تخضع لها الجهات المنصوص عليها بالمادة 5 المشار اليها والمتعلقة بميزانياتها وتنفيذها؟ ام يخضع هذا القانون للمادة 25 من قانون انشاء ديوان المحاسبة والتي تنص على الآتي (يقوم الديوان بفحص ومراجعة كل حساب او عمل اخر يعهد اليه بفحصه ومراجعته مجلس الامة او مجلس الوزراء. ويبلغ رئيس الديوان ملاحظاته في هذه الحالة إلى الجهة طالبة الفحص او المراجعة. ويجوز له ان يضمن تقريره السنوي كل ما يبدو له من الملاحظات بشأن الحساب او العمل السالف الاشارة اليه).
٭ على الرغم من تأكيد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية ووزير النفط بالوكالة خلال مناقشة المجلس لمشروع القانون بأن قانون الميزانية هذا يخضع لرقابة جهاز المراقبين الماليين، الا انه في حقيقة الأمر وفقا لصياغة القانون بهذا الشكل، مع التأكيد على عدم اتفاقي على تسمية الحكومة لهذا القانون (بالميزانية)، فإنه برأيي مصروفات التعزيزات العسكرية وفقا لهذا القانون لا تخضع لرقابة الجهاز، وذلك أولا بأنه لم يرد في ديباجة القانون اية إشارة الى قانون انشاء جهاز المراقبين الماليين رقم 23 لسنة 2015، ثانيا ان تلك المصروفات لا تنطبق عليها احكام المادة 1 من قانون انشاء جهاز المراقبين الماليين من حيث تم تعريف الجهات الخاضعة لرقابة الجهاز والتي نصت على الآتي (… الجهات الخاضعة لرقابة الجهاز: الوزارات والإدارات الحكومية والجهات ذات الميزانيات الملحقة والمستقلة).
٭ وفقا لأحكام القانون رقم 49 لسنة 2016 بشأن جهاز المناقصات العامة وعلى وجه التحديد الفقرة(1/ثانيا)من المادة 2 بشأن نطاق تطبيق القانون، فقد نصت الفقرة على الآتي (يصدر مرسوم بناء على عرض رئيس مجلس الوزراء بتشكيل لجان متخصصة لشؤون مشتريات المواد العسكرية لكل من وزارة الدفاع ووزارة الداخلية والحرس الوطني ويحدد المرسوم هذه المواد وتشكيل اللجان وآلية وإجراءات عملها والرقابة عليها. كما يسري هذا الاستثناء على مقاولات المنشآت العسكرية).
٭ صدر المرسوم رقم 95 لسنة 2017 بتشكيل لجان مشتريات المواد العسكرية ومقاولات المنشآت العسكرية وآلية وإجراءات عملها والرقابة عليها، وفيما يلي الجوانب الواجب ابرازها في هذا المرسوم:
١- على الرغم من الإشارة الى المرسوم الاميري رقم 12 لسنة 1960 بقانون تنظيم إدارة الفتوى والتشريع لحكومة دولة الكويت في ديباجة هذا المرسوم، الا انه لم يبين المرسوم بشكل واضح الإجراءات المتعلقة بعرض التعاقدات على إدارة الفتوى التشريع وفق لنصابها المحدد بالمرسوم الاميري، حيث ان عضوية إدارة الفتوى والتشريع في اللجان المتخصصة لشؤون مشتريات المواد العسكرية للجهات المعنية الموضحة بالمرسوم رقم 95 لسنة 2017 في رأيي لا يعني اعفاء العرض على إدارة الفتوى والتشريع ما لم ينص المرسوم صراحة على ذلك.
٢- الإشارة الى القانون رقم 30 لسنة 1964 بشأن ديوان المحاسبة وتعديلاته في ديباجة هذا المرسوم، الا انه لاتزال التساؤلات التي تمت اثارتها سابقا بشأن خضوع التعاقدات لرقابة ديوان المحاسبة في ظل احكام المادة 5 و25 من قانون ديوان المحاسبة سالفتي الذكر.
٣- الإشارة الى المرسوم بقانون رقم 31 لسنة 1978 بقواعد اعداد الميزانيات العامة والرقابة على تنفيذها والحساب الختامي وتعديلاته في ديباجة هذا المرسوم، الا انه لم يتبين لنا أي ربط بين المرسوم بقانون وهذا المرسوم ووفقا لما تمت اثارته سابقا في هذا الشأن.
٤- ورد ضمن ديباجة المرسوم الإشارة الى قانون انشاء جهاز المراقبين الماليين رقم 23 لسنة 2015، الا انه بالإضافة الى الملاحظة التي سبق ذكرها بهذا الشأن، لوحظ أيضا عدم ذكر أي دور لجهاز المراقبين الماليين في احكام المرسوم المشار اليه، وبالأخص تشكيل اللجان المتخصصة بالشراء، على الرغم من ان المرسوم لاحق لقانون انشاء الجهاز ولائحته التنفيذية الصادرة بالمرسوم رقم 333 لسنة 2015، حيث جاء بالفقرة رقم 7 من المادة 12 من قانون انشاء جهاز المراقبين بشأن اختصاصات المراقبين الماليين ما يلي (حضور لجان المزايدات والممارسات والمناقصات التي تشكلها الجهة المعين بها، وإبداء الرأي والملاحظات)، هذا مع التأكيد على ملاحظتنا السابقة بشأن نطاق تطبيق القانون 23 لسنة 2015 وفقا لتعريف الجهات الخاضعة لرقابة الجهاز في مادة الأولى.
٥- على الرغم من تسمية المرسوم جاءت على النحو التالي (بتشكيل لجان مشتريات المواد العسكرية ومقاولات المنشآت العسكرية وآلية وإجراءات عملها والرقابة عليها)، الا ان المرسوم تركزت أحكامه على آلية عمل لجان المشتريات واجراءاتها فقط، اما فيما يتعلق بأعمال الرقابة عليها فانحصرت فقط في مادتين، وهما المادة 50 والمتعلقة بإنشاء وحدة للرقابة على اعمال اللجنة، ويحدد القرار الذي يصدر من الوزير المختص او رئيس الحرس الوطني ويحدد القرار نظام عملها، وترفع الوحدة تقريرا ربع سنوي متضمنا نتائج اعمالها وإجراءاتها، والمادة 52 والمتعلقة بتشكيل لجنة للتظلمات، وكل ما ورد من احكام في تلك المادتين يتعلق بإجراءات التعاقد فقط.
وعلى ما سبق يتضح من خلال المذكرة الايضاحية للقانون رقم 3 لسنة 2016 ان المشرع على الرغم من مستهدفاته في هذا القانون، وهو توفير احتياجات وزارة الدفاع من أسلحة ومعدات عسكرية متطورة للحفاظ على جاهزية القوات المسلحة من خلال التأسيس على المادة 142 من الدستور والتي تنص على الآتي (يجوز أن ينص القانون على تخصيص مبالغ معينة لأكثر من سنة واحدة، إذا اقتضت ذلك طبيعة المصرف، على أن تدرج في الميزانيات المتعاقبة الاعتمادات الخاصة بكل منها، أو توضع لها ميزانية استثنائية لأكثر من سنة مالية)، الا ان المشرع لم يقم بصياغة هذا القانون على النحو الذي نصت عليه 142 من الدستور وذلك من خلال ادراج المبالغ المخصصة لتلك الأغراض ضمن الميزانيات المعنية بهذا القانون، على الرغم من انه تمت الإشارة في المادة الأولى من القانون (.. بأن يتوافق ما يخصص سنويا مع الحالة المالية للدولة..) مما خلق إشكالية تشريعية في متابعة تنفيذ الجوانب المالية والرقابية والقانونية المتعلقة بهذا القانون.
علما أن المشرع قد تنبه لتلك الإشكالية عند تنفيذه للمرسوم بالقانون رقم 46 لسنة 1992 والخاص بزيادة المبالغ المخصصة لتعزيز الدفاع في البلاد، حيث أصدر مجلس الأمة القانون رقم 7 لسنة 1994 بشأن تعديل بعض احكام المرسوم بالقانون 46 لسنة 1992، والذي أضاف تعديلا على المرسوم بقانون بإضافة فقرة الى المادة الثانية منه نصها كالتالي (على ان تدرج المبالغ المخصصة لتعزيز الدفاع عن البلاد لكل سنة مالية ضمن اعتمادات وزارة الدفاع في ميزانية الوزارات والإدارات الحكومية).
لذلك نرى من الأهمية ان نلفت انتباه المشرع الى ضرورة اجراء التعديلات التشريعية المطلوبة على كل من القانون رقم 3 لسنة 2016 والمرسوم رقم 95 لسنة 2017، وذلك لمعالجة الملاحظات التي تمت اثارتها سابقا، وحتى تقوم الجهة المعنية بتنفيذ تلك الميزانية وفقا للقوانين والتعليمات المنظمة للشؤون المالية بالدولة، وكذلك تقوم الجهات الرقابية بممارسة اختصاصاتها على الاعتمادات المقررة لتعزيز الدفاع وفقا لقوانين انشائها، بما في ذلك قيام مجلس الامة بدوره في هذا الشأن، وذلك باعتبار أن هذا القانون لا يمثل قانون ميزانية وإنما قانون بتفويض الحكومة في اخذ مبلغ من الاحتياطي العام بهدف تخصيص ميزانية والذي لم يتم حتى الآن تشريع قانون بهذا الشكل.