“مظلّة”… تحمي المواطنين من منصّات “النّصب”
تواكب عمليات النصب والاحتيال التي يتعرّض لها مواطنون ومقيمون في الكويت التطورات التكنولوجية المتسارعة، فيما تقف جهات رقابية عدة مكبّلة بسبب عدم قدرتها على التحرّك في محاسبة «النصابين» وحماية «المخدوعين».
وتعرّض كثيرون لعمليات احتيال منظمة من منصات النصب العقارية، وتداولات الأسهم والفوركس، والذهب، والتي ذاع صيتها بالفترة الأخيرة من دون التعرّض لأي مواجهة رقابية.
وما زاد من تضرر المواطنين مالياً أكثر، تأخر معالجة كثير من حالات النصب، بسبب تبادل الجهات الرقابية لقفازات المسؤولية، ما أسهم في نمو أعمال الوهم، التي تعمل بعض منصاتها على مستوى الخليج، وتتخذ من الكويت مقراً لها، مستغلة عدم وجود مظلة رقابية واحدة لديها سلطة التدخل السريع.
فبذريعة أن «نشاط الشركة غير مرخص لدينا، ولا يحق لنا إغلاقها»، تأخر التدخل الرقابي في تفادي العديد من حالات النصب المالي، التي ظهرت بعد اختفاء بعض هذه المنصات مع أموال عملائها، وهنا يمكن استذكار العديد من الأمثلة الصارخة، التي تعظم الحاجة لتأسيس جهة رقابية بعضوية الجهات التي لديها القدرة القانونية والرقابية على مواجهة هذه المنصات منذ انطلاق أعمالها تحت مظلة واحدة.
وفي الفترة الأخيرة برزت العديد من ظواهر التسويق المالي، لخدمات وتداولات عبر منصات غير موثوقة، تحت شعارات رنانة، أكثرها جذباً، أنه بإمكان العميل تحقيق عوائد مغرية تتجاوز أحياناً 100 في المئة، ما زاد من زخمها، لتنجح مع ذلك، وبسرعة كبيرة في ركوب موجة التكنولوجيا، وصولاً إلى جيب المواطن والتلاعب به، دون تقديم ضمانات تتيح مساءلة هذه المنصات قضائياًَ، حال التعرض للنصب.
وكعادة المنصات التي تسعى للإغراء، استخدمت للترويج مشاهير نجحت معهم في تجميع مستويات عالية من الأموال، دون أن تواجه من يدقق على أعمالها منذ بدايتها، رغم زخم إعلاناتها، وتصدرها حتى لنقاشات الدواوين.
ومع أكثر حالات الاشتباه التي ظهرت في الفترة الأخيرة، وتمت إحالتها إلى هيئة أسواق المال بسبب شكاوى تتعلق بتهم نصب، جاءت الإجابة في البداية بأن هذه «المنصة غير مرخصة لدينا، ولا يمكن لنا معاقبتها».
وعندما انتقلت الشكوى نفسها إلى وزارة التجارة والصناعة لفحصها، زادت الحيرة، بسبب أن منصات الأعمال الرقمية غير مرخصة من «التجارة»، وأن أكثر ما تستطيع الوزارة فعله مخالفة الشركة لعدم التزامها بنشاطها المسجل لدى الوزارة، وعندما خرج الملف إلى وزارة الإعلام، كان الخيار الإجرائي حظر موقع المنصة، الذي سرعان ما يتم تفعيله بفضل التطور الرقمي.
وهل لدى بنك الكويت المركزي ضمانات معيّنة للتدقيق على حسابات هذه المنصات؟ الجواب أن مثل هذه المنصات تستخدم حسابات بنكية عدة في تحريك أموالها، وينحصر دور «المركزي» بتوجيه البنوك نحو تجميد حسابات مثل هذه الجهات، إذا تلقى طلباً من النيابة، أو الجهة الرقابية المعنية.
وأمام هذا الواقع، بات لزاماً التحرّك الحكومي نحو تشكيل مظلة رقابية موحدة توقف «المتاهة الرقابية»، على غرار مركز الكويت للأعمال (النافذة الواحدة) بعضوية الجهات المعنية من وزارات كالتجارة والداخلية والإعلام وجهات أخرى معنية كهيئة الأسواق والبلدية والبنك المركزي وغيرها، لحماية المواطنين والمقيمين من التعرض للنصب المالي من خلال سرعة التحرك والتعامل مع أي شبهة أو شكوى في هذا الشأن.