كويتيون ضحوا بأرواحهم في معسكر المباركية
بطولات وقصص وحكايات من قلب المعارك، ومواقف ستظل خالدة في ذاكرة التاريخ، وكويتيون ضحوا بأرواحهم وجادوا بدمائهم لتحرير بلدهم من دنس المعتدين المغتصبين. ومنذ اللحظات الأولى سلّم ضباط وأفراد الجيش والجهات الأمنية والمتطوعين أنفسهم لمعسكراتهم للالتحاق بالكتائب لمقاومة المحتل وصولا إلى اقتلاعه ودحره من ارضنا. وروى بعض المشاركين في حرب التحرير لـ القبس جانباً من هذه البطولات والأحداث، أبرزها الضباط الكويتيون الذين استبسلوا دفاعا عن معسكر المباركية حتى نزفوا دماءهم وجادوا بأرواحهم ونالوا شرف الشهادة في سبيل الوطن. روى العقيد الركن المتقاعد هادي ناصر العجمي في حديثه مع القبس خبر سماع الغزو الغاشم بالقول «يوم الغزو توجهت إلى مقر عملي في معسكر المباركية المعروف باسم الجيوان، وكانت وسائل الاتصال معدومة بين القيادات الدنيا والقيادات العليا»، حيث التحق بصفوف المقاتلين أبناء الكويت البررة. وأضاف: كان الالتحاق في المعسكر بداية التحام الأفراد مع ضباطهم لكن «وبسبب القصور في المعلومات عن الموقف الحالي وعدم تدفق التعليمات والأوامر من القيادات العليا للقيادات الدنيا وفقدان السيطرة على الموقف، اصبحت التعليمات تؤخذ من الضابط الأقدم المتواجد في الميدان»، نظرا لوجود محاولات اختراق عنيفة لسور المعسكر. وذكر العجمي أنه حصلت اشتباكات كثيرة مع القوات الغازية من الصباح الباكر وكانت هناك محاولات منهم لخرق سور معسكر المباركية (الجيوان)، ما سبب لهم الكثير من الخسائر، ومن بعد الساعة الـ10 صباحاً بدأت القوات الغازية باستخدام مدفعية الهاون، ما أجبرنا على أن نأخذ ساترا من نيران المدفعية، ونتج عن هذه النيران سقوط 3 شهداء برتبة وكيل (جميعهم من فئة البدون) بالإضافة إلى عدد من الإصابات. تعليمات صارمة وتابع: بعد تبادل اطلاق والمحاولات العنيفة لدخول المعسكر الكويتي، وعند الساعة الـ10 ليلا تلقينا تعليمات مؤكدة «بأن نترك الموقع، وفعلاً تم الخروج من بوابة سلاح الهندسة المقابلة لمنطقة الرقعي وكان هناك عدد ما لا يقل من 3 شهداء يرحمهم الله عند بوابة الخروج، وكانت المنطقة أشبه بمدينة أشباح عند خروجنا، حيث لا يوجد مارة ولم أشاهد إلا آليات عسكرية عراقية مدمرة». حفر الباطن وأشار العجمي: في نهاية شهر اغسطس 1990 التحقت بالقوات الكويتية في مدينة الملك خالد العسكرية القريبة من حفر الباطن، وانضممت لكتيبة القوات الخاصة، وتم تدريبنا على العديد من البرامج المخصصة لوحدات من هذا النوع، وكان التركيز على القتال في المناطق المبنية. وفي فجر تاريخ 24 / 2 / 1991 ومع بداية الحرب البرية، تحركنا إلى الحدود الكويتية السعودية، تمهيداً لدخولنا أرض الكويت، نظراً لوجود معركة بالدبابات في محيط مطار الكويت الدولي، فتم تأجيل دخولنا. وفي تاريخ 1990/2/26 تم دخولنا إلى الكويت واتجهنا إلى مطار الكويت الدولي لتأمينه وبعد اتمام المهمة تم تكليف كتيبة القوات الخاصة بمهمة تأمين وحماية الشيخ جابر الأحمد -يرحمه الله- حيث كان في ديوان البابطين في منطقة النزهة، ومن قبله الشيخ سعد العبدالله- يرحمه الله- في ديوان الشايع في منطقة الشامية. تحرير قاروه ومن البر إلى البحر كانت جهود الكويتيين مستمرة لتحرير وطنهم الغالي، حيث شكلت في الخارج قوات من المتطوعين وجرى تدريبهم على حمل السلاح والمهمات الخاصة وحرب الشوارع، وكان أول تشكيل للمقاومة البحرية انطلاقا من كتيبة كويتية موزعة على زورقين «الاستقلال» و«سنبوك» بإجمالي أكثر من 50 مقاتلاً. ويؤكد أحد المشاركين في الكتيبة البحرية الذي كان لا يتجاوز حينها 18 عاماً، وهو المتطوع المقاتل مشعان ناصر الهاجري أن التدريب الأول كان في الإمارات لمدة شهر في معسكر سويحان وكان التشجيع المستمر من والده للمشاركة في تحرير الكويت وحب الوطن الدافع من وراء التطوع القتالي. وأضاف الهاجري: طلبت القيادة العسكرية بعد انتهاء الدورة تشكيل فريق من المتطوعين ونقلهم إلى البحرين للالتحاق بدورات صاعقة هناك لمدة 3 أشهر، وهو ما تم فعلاً وعليه تم تأسيس مشاة بحرية كويتية وبعد انقضاء المهلة، وفي إحدى الليالي جاءت الأوامر لتشكيل فريق موزع على زورقين انطلق من البحرين إلى الكويت. ألغام بحرية وحتى البحر لم يسلم من ألغام الغزاة، حيث أكد الهاجري أنه عند اقتراب الزوارق الكويتية من المياه الإقليمية تفاجأنا بكمية كبيرة من الألغام في المياه الإقليمية وعليه جرى استدعاء كاسحة الألغام البحرية. Volume 0% وبعد 5 أيام وصلت الكاسحة وتم تمشيط المنطقة البحرية أمام الزوارق ودخلت إلى المياه الإقليمية واشتبكت مع قوة عسكرية عراقية في جزيرة قاروه نتج عنها مقتل 3 تقريبا من أفرادهم واعلان الآخرين الإستسلام وعليه كان تحرير جزيرة قاروه وذلك في 24 يناير 1991 وتم رفع العلم الكويتي. وزاد الهاجري: دخولنا قاروه كان بارزاً حيث تعتبر اول منطقة برية يتم تحريرها في البلاد، وتم استمرار السيطرة عليها حتى اعلان التحرير في 26 فبراير 1991 بقيادة الضابط المسؤول حينها ملازم اول منيف العجمي وواجهنا محاولات عديدة لقصفنا وإعادة احتلال الموقع إلا أن بسالة المقاومين والمشاركين في الفريق كانت سداً منيعاً لهم. وقائع من الغزو الغاشم روى كويتيون ومقيمون وقائع من الغزو الغاشم، مشيرين إلى أن هذه الأيام العصيبة لا يمكن أن تُنسى من الذاكرة، مؤكدين أن الغزاة دخلوا الكويت وفي نيتهم تدمير كل ما تطوله أيديهم. وأشاروا إلى أن المقاومة الكويتية الباسلة تصدت للعراقيين، وضحى أبناء الوطن بدمائهم وأرواحهم في سبيل الكويت، كما جسدوا التكاتف والتلاحم وضربوا أروع الأمثلة في التضحية من أجل الوطن. وروى هؤلاء الذين شهدوا هذه الأحداث جانباً من البطولات التي سطرها الكويتيون، مشيرين إلى أن شهداء «القرين» قاوموا الغزاة حتى الموت، وتعرضوا لقصف مدفعية الهاون، ولم يهابوا جحافل الغزو الغاشم.