ليل الكويتيين في الحظر… طويل
طويلاً كان ليل الكويتيين، أول من أمس، مع تطبيق قرار حظر التجول الجزئي، فمر كأنه شهر على قلوب عشاق الليل والخروج والتنزه، فيما تبادل رواد الديوانيات الهم والحسرات هاتفياً فور إطلاق أجهزة الإنذار صافراتها، فيما كانت إطلالة سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، في الكلمة المسائية التي وجهها سموه للمواطنين والمقيمين، رسالة أمن وتطمين بثت الهدوء والسكينة في نفوس الجميع.
عندما وصلت عقارب الساعة إلى الخامسة مساء، توقف كل شيء، فلا صوت في الشارع إلا حفيف الشجر، ومكبرات دوريات الشرطة التي تجوب الطرق لحفظ الأمن والتأكيد من الالتزام بالقرار. وبدءاً من المناطق الأكثر كثافة وحركة، كان المشهد في الأسواق والمحلات التجارية أمس استثنائياً، حيث أغلق أصحاب المحلات محلاتهم مبكراً على غير العادة، يحضهم رجال الأمن على الإسراع في المغادرة والدخول في البيوت حفاظاً على الصحة العامة، ولكن كما في كل قاعدة كان هناك بعض المتمردين على القرار، بعضهم بعذر وآخرون بلا عذر ما دفع دوريات الشرطة إلى استيقاف الجميع للاستفسار عن أسباب كسر الحظر ومخالفة القانون.
ومن المحيط الخارجي إلى الداخل، ألقى قانون حظر التجول بإيجابياته على الأسرة الكويتية التي اجتمع أفرادها أمس على غير العادة لمتابعة نشرات الأخبار وتبادل الأحاديث في شأن الأزمة وتصفح الإنترنت والهاتف المحمول، حيث ضج الواتساب بعشرات المقاطع الطريفة التي تناقلها الأصدقاء في ما بينهم و«كورونا» سيد الموقف في كل مقطع، كما كانت هناك حمى تبادل الرسائل عبر الهواتف للاطمئنان على المعارف.
وبين الحديث الطويل عن «كورونا» والتنقل بين المحطات الإخبارية لمتابعة ما يجري في العالم، كانت حالة من الضجر تتسلل إلى قلوب المواطنين، ووقت طويل من الفراغ والملل قطعه البعض بالوقوف على الشرفات وعلى عتبات البيوت للتمعن بنظرة لا تخلو من الحزن في الشارع المهجور، فيما حاول البعض منهم زيارة أقاربهم القاطنين في المنطقة ذاتها سيراً على الأقدام إلا أن دوريات الشرطة منعتهم من أجل صحتهم التي تدفع الدولة بكل ما لديها من إجراءات للمحافظة عليها من الأوبئة.
عين الغالبية منهم كانت على هواتفهم يتابعون، فرادى وجماعات، أحدث أخبار وتطورات هذا الفيروس الذي جعل الملايين حبيسي منازلهم، بينما أعين البعض الآخر كانت على النوافذ ترقب هذه الأوضاع الاستثنائية والتاريخية التي لا يأمل أحد في تكرارها.
تقارب أسري جبري فرضته الأوضاع، بينما كان في شدو المؤذنين في أوقات الصلوات المكتوبة، سكينة وهدوءاً ليلهج الجميع بالدعاء ملتحمين مع ما يردده المؤذنون، آملين من الله أن يكشف الغمة ويرفع الكرب ويقي البلاد والعباد مآلات السوء.
وفي خضم الأحداث الكبار، عادة ما يبحث الجميع عن كبير يطمئنهم، فكان الرد السريع عبر شاشات التلفاز بإطلالة بهية من حضرة صاحب السمو أمير البلاد، ليطمئن فيها كل من يتواجد على أرض الكويت، بينما لسان حال المتابعين لكلمة سموه كانت نحن طوع اشارتك ورهن توجيهاتك، ويا سعد شعب أنت قائده.
ليل أول من أمس كان طويلاً على الكويتيين والمقيمين، طويلاً على عشاق السهر والخروج والتنزه، ولكنه كان الأطول على عشاق الديوانيات الذين أطلقوا من داخل البيوت تنهداتهم ممزوجة بالأسى والتأفف، ولسان حالهم في الشوق إليها يقول «نهاري نهار الناس حتى إذا دجا الليل هزتني إليك المضاجع».