بيئتنا تنفست براً وبحراً وجواً
تنفست بيئتنا، وجاء الحظر الذي فرضه فيروس كورونا بما يشتهيه البر والبحر والجو، حيث انخفضت معدلات التلوث وانتعشت الأحياء البرية والبحرية، واخضرت النباتات بسبب قلة الأنشطة البشرية واختفاء الزحمة والتكدس. وشهدت البيئة الكويتية تحسنا ملحوظا منذ بداية الحظر الجزئي في البلاد، حيث باتت درجات الحرارة في معدلات منخفضة اقل مما كانت عليه في هذه الفترة من العام الماضي، علاوة على نقاء الهواء وتحسن في البيئتين البرية والبحرية. رصدت الهيئة العامة للبيئة وفرقها هذا التحسن والتعدد البيئي في بعض المظاهر، علاوة على ملحوظات أخرى لناشطين في المجال البيئي، حيث ظهرت بعض انواع الحيوانات البرية المعرضة للانقراض مثل الحصيني على طريق الفحيحيل وبالقرب من منطقة سلوى، إلى جانب مشاهدة سنجاب في الخالدية وكثرة جحور الضب وخروجه في البر إلى جانب مظاهر إيجابية في السواحل البحرية. القبس رصدت أبرز ملامح تحسن الوضع البيئي، وأسباب ذلك، واستطلعت الآراء في كيفية استثمار انخفاض معدلات التلوث والإبقاء على هذا التطور الإيجابي في المستقبل. أكدت رئيسة قسم المحميات الطبيعية في هيئة البيئة لينا العوضي أن الزيارات الميدانية أكدت التحسن الملحوظ في البيئة البرية، وذلك من خلال رصد ازدهار النباتات البرية الطبيعية نتيجة لانخفاض الضغوطات الناتجة عن العوامل البشرية، كوجود الرعي الجائر وحركة الآليات والمركبات المرتبطة بعمليات التخييم، إضافة الى انخفاض عمليات الصيد الجائر للطيور المهاجرة. جودة الهواء وذكرت العوضي انه لوحظ تحسن ملحوظ في جودة الهواء من قبل محطات رصد جودة الهواء بالهيئة، وأيضا استشعار من غالبية المواطنين والمقيمين بتحسن في نقاء الهواء الجوي، ويرجع ذلك الى انخفاض النشاطات البشرية التي تؤثر سلبا في جودة الهواء ومنها كثرة السيارات والتي تزيد نسبة العوادم بالجو وتطاير الاتربة بسبب حركة السيارات المستمرة وكذلك نشاطات المصانع وانبعاثات المواد الغازية منها. البيئة البحرية اما بالنسبة للبيئة البحرية، فلفتت العوضي إلى أن عدم خروج أفراد المجتمع إلى السواحل أفاد البيئة البحرية، مشيرة إلى تعافي المخزون السمكي للدولة إضافة الى تجنب الممارسات الخاطئة على البيئة الساحلية والجزر، وقلة النفايات التي تلقى عليها. وفي الوقت الذي صنفت فيه منظمة الصحة العالمية تلوث الهواء في المدن بأنه «حالة طوارئ صحية عامة»، حيث يقتل ما يقدر بنحو سبعة ملايين شخص في جميع أنحاء العالم كل عام، أظهرت البيانات أن 9 من كل 10 أشخاص يتنفسون الهواء الذي يحتوي على مستويات عالية من الملوثات مما يشكل تهديدا كبيرا للصحة والمناخ. وفِي الكويت ساهمت الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها البلاد لمكافحة فيروس كورونا والمتمثلة بحظر التجول الجزئي، في التقليل من الانبعاثات وحدوث انخفاضات كبيرة في تركيزات ملوثات الهواء بشكل عام وتركيزات ثاني أكسيد النيتروجين NO2 على وجه الخصوص – نتيجة إلى حد كبير إلى انخفاض حركة المرور والأنشطة الأخرى وذلك وفقا لما ذكرته الأمينة العامة للجمعية الكويتية لحماية البيئة جنان بهزاد. ولفتت بهزاد لـ القبس إلى أن تعليق العمل بالجهات الحكومية والعديد من الجهات الخاصة ووقف الطيران والتنقل بوسائل المواصلات العامة وغيرها من الإجراءات، أدت إلى خفض الطلب على الطاقة سواء لاستخدام الكهرباء في انارة جهات العمل أو الحد من استخدام الوقود، الأمر الذي انعكس على تقليل نسبة الانبعاثات. خطورة التلوث وبينت أنه في حين أن هناك الكثير من التشكيك بخطورة تلوث الهواء، أثبت العلماء في أكثر من 70 ألف ورقة علمية أن تلوث الهواء يؤثر في صحتنا ويمكن أن يضر بشكل حاد ومزمن، ويؤثر في كل عضو في الجسم، حيث تمر الجسيمات متناهية الصغر عبر الرئتين، ويتم التقاطها بسهولة بواسطة الخلايا، وتحملها عبر مجرى الدم لجميع خلايا الجسم تقريبا. وأشارت بهزاد إلى دراسة نشرتها وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم الأميركية مفادها أن التعرض للتركيزات العالية من تلوث الهواء بالجسيمات الدقيقة من مصادره المختلفة سواء تلوث الهواء الخارجي والداخلي من استخدام الوقود الأحفوري والتدخين السلبي والتدخين النشط يزيد من فرص التعرض للسميات ويشكل مصدر قلق رئيسي عالمي للصحة. وشددت بهزاد على أهمية التشجيع على الاستثمارات الصديقة للبيئة الخضراء، لافتة إلى أن الاستثمار الأخضر يمثل بارقة أمل في معالجة مشاكل جودة الهواء على المدى الطويل والذي يتطلب سياسات طموحة واستثمارات تطلعية للاقتصاد الأخضر.