عبدالحميد المضاحكة يكتب كورونا.. «رحى الأيام»
لست من هواة متابعة المسلسلات في شهر رمضان المبارك، ولكن مسلسل «رحى الأيام» له وضع خاص، فهو ليس كباقي الأعمال، فهو ثقيل وبعيد عن الإسفاف وخال من الحوارات والمشاهد التي تؤذي الصائمين، واعتبره فارقة في الأعمال الدرامية الكويتية.
وفي أحد مشاهده، تتجسد ملحمة بناء السور عام 1920، وانتقلت عبر الزمن وأنا أتابع المشهد، الذي عبر عن الفزعة الكويتية الأصيلة.
كان الجميع كالبنيان المرصوص الذي يشد بعضه بعضا، وذابت كل الاختلافات والخلافات والفوارق والمفارقات.
والجميع تحول إلى بنائين في سبيل تحقيق الغاية، وقد نالوا ما أرادوا رغم ضخامة المهمة وقلة الإمكانات.
وعندما عدت إلى الحاضر، وأسقطت مشهد الرجال الذي بنوا الدروازة على واقعنا اليوم، فوجدت أن الدولة تسخر إمكاناتها مع أهل الكويت ومن يعمل في الصفوف الأمامية والمتطوعين لمكافحة «كورونا»، وكل في ميدانه ومجاله، والأول فينا هو ذلك الملتزم في بيته للحد من انتشار الوباء.
وعلى الرغم من هذه اللوحة الفاتنة التي تعكس أصالة امتداد الماضي إلى واقع الحاضر، نجد هناك من يشوهها ويخرج عن الصف! أعني.. قلة قليلة تصر على انتهاك قرارات السلطات الصحية الحكومية، من لا يسمعون التوجيهات، وإن سمعوا فهم لا يفهمون، ولم تنفع معهم المناشدات، وتجاهلوا التحذيرات، ولا يعون تبعات ما يفعلون.
لنجد أن النتيجة أمامنا حاضرة، وهي أن أرقام إصابات المخالطين تتزايد بسبب الجهالة والجهل معاً.
فما الحل مع هؤلاء؟!.. لنعود إلى مشهد بناء السور عام 1920 الرائع لنجد الإجابة.
ونتخيل لو أن أحدا من أهل الكويت آنذاك تعامل مع الأخطار باستهتار، وأصر على أن يجعل ثغرة في السور! فماذا كان أهل الكويت فاعلين حينها؟! لا شك أن رجال الكويت قبل قرن من الزمان سوف يفعلون الصواب، وهو أنهم سيمنعونه من الإضرار بالكويت بكل ما استطاعوا من عزم وحسم.
وهذا هو المطلوب اليوم، العزم والحسم من خلال تطبيق العقوبات على كل مخالف ومستهتر تسول له نفسه تعريض نفسه والآخرين للخطر.
وكما اتحد أهل الكويت قبل 100 عام، يجب أن نعيد المشهد الى صورته الأولى، فنحن جميعا في سفينة واحدة، وإذا أراد أحد خرق هذه السفينة، فعلينا أن نوقفه عند حده، وإلا سيغرق الجميع! الكويت وأهلها ومن عليها جميعا أمانة، فلا تأخذكم بالمتجاوزين شفقة أو شفاعة.