في هذه الأيام تتسابق وتتطور الأحداث السلبية السياسية والإقتصادية بين الولايات المتحدة الأمريكية و جمهورية الصين الشعبية٫ مما أوهمت العالم بأنها حرب باردة . في ٨ مارس ٢٠١٨م فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقوبات تجارية صارمة جداً على الصين وصلت تكلفة هذه العقوبات الى ٤٠٠ أو ٥٠٠ مليار دولار على الصادرات الصينية . ومنذ مارس ٢٠١٨م الى يناير ٢٠٢٠م تصاعدت هذه العقوبات التجارية ما بين التنين الشيوعي والنسر الجمهوري فكل طرف منهما يبادر بالتصعيد مما أدى الى توتر الإقتصاد العالمي . في ١٥ يناير ٢٠٢٠م تم الوصول الى إتفاق مبدئي حول هذه الحرب التجارية ٫ لكن هل هدأت النفوس بعد هذا الاتفاق وتصالح الزعيمان ؟ في الواقع لا .. فالولايات المتحدة تشعر بأن الصين تشكل خطرًا كبيراً على مكانتها الاقتصادية والاستراتيجية ففي الحقيقة الرئيس الصيني شي جين بينغ يطمح في إنهاء هيمنة الدولار وبالمقابل دونالد ترامب يريد تدمير الصين.
بعد تفشي فايروس كورونا الذي بدأ بالإنتشار في منطقة ووهان الصينية وتسبب بكوارث هائلة من خسارة العديد من الأرواح وإنتشاره في العالم بشكل سريع مما أدى الى خسائر مالية كبيرة على مستوى العالم ٫ نتج عن ذلك توتر العلاقات الأمريكية الصينيه مجدداً بعد إخفاء الصين للمعلومات بشأن طريقة انتقاله في الأسابيع الأولى من انتشاره٫ فلو افترضنا ان الصين زودت العالم بالمعلومات عن هذا الفايوروس لما كان الحال لما هو عليه الأن بل ربما يكون الحال أفضل وتحت السيطرة من قبل دول العالم. من جهة آخرى ، فقد صرح الرئيس ترامب وألقى الإتهامات بأن الصين هي من صنعت وابتكرت هذا الفايروس وساهمت في انتشاره بالعالم . وبعد ما إنتشر بشكل كبير في الولايات المتحدة وتسبب بخسائر ماليه كبيره وفقدان الكثير من الأرواح تجاوزت الصين بذاتها . ليس من المنطق أن تصنع الصين سلاحاً بيولوجيا لتدمر شعبها اولاً ثم اقتصادها، خاصة وأن الصين تعتمد اعتماداً كبيراً على الأيدي العاملة وبما أنها دولة مصنعة وفي الوقت ذاته نجدها تخضع لحرب تجارية اقتصادية مع النضير الأمريكي مما أثر هذا الوباء تأثيرًا سلبيًا على اقتصادها ، فمنظمة الصحة العالمية وكثير من العلماء المختصين بالفيروسات من بعض الدول وباحثين من جامعة أدنبرة وكولومبيا وسيدني وتولين وغيرهم فالكثير منهم لم يجدوا أي دليل يدل على ان الفايروس تم صنعه بل اتفقوا على انه طبيعي ، فالسؤال لماذا يوجه ترامب هذه الاتهامات الباطلة ويصرح بأن لديه الأدلة الكافية التي تثبت بأن الصين هي من صنعت الفايروس ؟ ولماذا لم يعرض هذه الأدلة إلي الأن ؟ . ببساطة بعد تصريحات ترامب اليومية المتناقضة بخصوص هذه الأزمة والتذبذبات الإدارية وعدم حث الشعب للوقاية من هذا الوباء بما سبب فقدان الكثير من الأرواح وردود الناس عليه وانهيار سوق الأموال وازدياد عدد البطالة وتخلخل الاقتصاد الأمريكي والأهم من ذلك ان الإنتخابات الرئاسية للولايات المتحدة قريبة جدا مما سيسبب خطراًعلي نجاح الرئاسة . لهذا لجأ ترامب لهذه السياسة ليكسب ثقة الشعب بعد ما فقدها مع الكثير و حتي يبعد عنه أي قصور إداري نجده ينسب للصين هذا الوباء ويطالبهم بالتعويض المالي على الخسائر . بعد كل هذه الإتهامات الأمريكية قابلتها الصين ايضاً بإتهام بأن الفايروس قادم من أمريكا حتي يواجهوا هذه الإتهامات بالمثل . وبعد ما تخلصت الصين من هذا الوباء وسيطرت عليه قامت بدورها لدعم الدول الأخرى واستغلال هذه الازمة بغرس نفوذها الصناعية و من ثمة السياسية لتشكل نظام عالمي جديد بعد انتهاء الأزمة ، لكن في ما يخص إتهاماتها لأمريكا سبق وأن قلت بأن الفايروس ليس مصطنعاً بل طبيعياً .
في الختام ، الأضرار التي سببتها أزمة كورونا لا تقتصر على الصين وأمريكا فقط بل على العالم أجمع لكن المتضرر الرئيسي في هذه الأزمة و هذه الحرب هو الممثل الأمريكي خصوصاً بعد إتهاماته للصين ويجب عليهم التفكير كيف سيكون الحال بعد هذا الفشل في إدارة الكوارث وكيف سيكسب ثقة شعبه من جديد ، حيث كتب وزير الخارجية الأمريكي السابق ومستشار الأمن القومي هنري كاسنجر بخصوص ثقة الشعب حيث قال ” تتماسك الأمم وتزدهر وتستقر حينما يعتقدون بأن مؤسسات الدولة ممكن ان تتوقع الكارثة “، لأن فقدان الجمهور للثقة بحكوماتها او مؤسساتها قد يعرض الدولة للانهيار . فمن هو المستفيد (حالياً) من هذه الجائحة !!!لا أحد سوى كوكب الأرض أي ( الطبيعة).
عثمان الفليكاوي – نائب الرئيس لشؤون الملحق الثقافي للاتحاد الوطني لطلبة الكويت – فرع المملكة المتحدة
