ليس في كل الأزمات ضرر خالص، وفيروس كورونا فرصة لحل العديد من مشاكلنا، إذا تمكنا من استثمارها بالشكل الأمثل.
نستطيع ان ننفض الغبار عن الملفات ونختصر الزمن ونلغي البيروقراطية وننهي الروتين ونقضي على الرتابة في المعاملات ونطوي صفحة سلبيات الإجراءات الحكومية التي كنا نعاني منها في عهد ما قبل كورونا.
كيف ذلك؟!
الحل موجود، وهو تنفيذ مشروع الحكومة الإلكترونية الذي نسمع به منذ سنوات.
نعلم ان هناك وزارات وجهات ومسؤولين (تبارك الله) يعملون بنظام التراسل الإلكتروني والمعاملات الرقمية، بلا ورق أو طباعة أو أختام أو تواقيع، ويحاولون دائما تبسيط الإجراءات وتقديم خدمات جديدة إلكترونيا تسهيلا للمواطن والمقيم.
وفي المقابل هناك وزارات وجهات ومسؤولين (أعوذ بالله) يتفننون بوضع العراقيل في العمل، ويحاربون التقنية ويهاجمونها ويسعون دائما لإجهاض أي محاولة للتحول الرقمي.
نعلم ان الانتقال إلى الخدمات الإلكترونية لن يكون بين عشية وضحاها، فهو يحتاج إلى الوقت والمهارات، وتعديل لبعض اللوائح الإدارية، وتغيير في النهج الإداري ونموذج الأعمال، وبنية تحتية قادرة فنيا، وإصلاحات قانونية ولائحية، وكل ذلك يتطلب التنسيق بين الوزارات تحت مظلة واحدة.
ذلك ليس مستحيلا، فالمهم هو إرادة التغيير، فهناك نماذج متقاربة لنماذجنا الإدارية في دول قريبة ونجحت في التحول الرقمي.
ولعلنا نشهد نقلة نوعية بعد كورونا نحو التطور الذي يساهم في خدمة المواطن والمقيم ويساهم في مكافحة الفساد وضبط الجودة.
ربما تكون لدي جرعة زائدة من التفاؤل، وهذا صحيح، خصوصا ان هناك توجها عاما كي يكون عهد ما بعد كورونا ليس كسابقه.
لذلك يجب ان يكون التحول إلى الحكومة الإلكترونية ليس مجرد شعارات، هو سياسة استراتيجية حكومية، مصحوبة بخطوات تنفيذية، وخطة زمنية، مع خارطة طريق واضحة، بالتنسيق مع الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات.
يجب ان يؤمن كل مسؤول بأن التقنية والتطور قادمان لما محالة، ولا داعي للمقاومة والمعارضة، فإما التقدم للأمام او مغادرة المنصب.
رب ضارة نافعة، ولعل كورونا تكون سببا في ان تكون الحكومة الإلكترونية (صجيه) بعد ان تأخر إنجازها سنوات، وأن تبدأ متأخرا خير من ألا تبدأ أبدا.
بقلم عبدالحميد المضاحكة
