فك السحر بالسحر في زمن «كورونا»! ،،،، بقلم/ يوسف عبدالرحمن
جلست معه على ساحل البحر في زمن «كورونا» (الساعتين)، مصغيا له وهو يتحدث بحرقة وألم عن (نوعية) من البشر تستخدم (السحر) كي تؤذي عباد الله في هذه الدنيا الفانية، فرغم (جائحة كورونا) التي تحاصر الناس اليوم وتسبب لهم القلق والخوف في سنة 1441هـ الموافق 2020م فلا يزال هناك من (البشر) من لم يتجنبوا (السحر) وهو من الموبقات!
كل الديانات وكل الأنبياء حاربوا السحر وهو بلا شك أعظم البليات!
قال لي صاحبي: ماذا أفعل وطليقتي، لا بارك الله فيها ومن أنسلها، لاتزال تستهدفني بالسحور التي تعملها لي، وقد كنت أحسب أن (السحر وأهله) قد توقف مع حظر «كورونا» وكل هذه الاحترازات والإجراءات ولكنها مستمرة وواضح ان عندها لا أعلم (سحرة ام ساحرات) تستعين بهم لعمل هذه (الطبوب) لي ولأهلي، ولا أعرف كيف أرد لها هذا العمل، وسؤالي لك أستاذ يوسف: هل يجوز لي أن أفك سحرا ما بسحر آخر؟ لقد آذتني بسحرها (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله)؟
وأنا أناظر وجهه رأيته يبكي (حائرا) ثائرا وهنا لا يفيد أبدا موضوع (النصيحة) وهو في قمة الانفعالات يريد الثأر لنفسه خاصة عندما قالها بكل عنفوانه: كم يعني سأدفع؟ (أريد فك السحر بالسحر)!
هنا أدركت أنه بحاجة الى التهدئة وإزالة السخم من صدره والاستماع له، فقلت: حدثني عن زواجك بها!
تنهد وصمت وكأنني أرجعته الى فترة سابقة، فقال: تكبرني بثلاثين سنة، هي الثانية وأخذتها سرا لكنها من بيئة غير بيئتي، لم أتحمل طباعها الشرهة في كل شيء (أتعبتني) وأرهقتني ماديا حتى وصلت معها الى المفارقة ولم أظلمها، أعطيتها المؤخر بلا أي تردد لكنها استمرت بالاتصال بي والتهديد وحمدت ربي انني لم أرزق منها بولد أو بنت لكانت مصيبتي مصيبتين!
عانيت من أمراض ووساوس، ومرة قالت لي (أشكره) سأظل أعمل لك السحر حتى تركع تحت رجلي، وهذا ما أخافني وأنا أريد اليوم أن أحمي نفسي من السحر بفك السحر!
بعد أن أفرغ كل ما في صدره عنها قلت له: حمدا لله انك من المصلين وهذا أول حرز يحصنك من (أي عمل سفلي) إن شاء الله.
يا حبيبي الدنيا فيها (سحر وأسحار وسحرة)، وكل هذه السحور من الموبقات، السحر يا صاحبي حقيقة، ألسنا نقرأ كل يوم وأنت معنا قوله تعالى في سورة الفلق: (قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد..)، هذا يعني السواحر اللاتي يعقدن في سحرهن وينفثن في عقدهن ولولا أن السحر حقيقة لما أمرنا الله بالاستعاذة منه!
قرآننا الكريم في آياته دليل لمن يسعون للتفريق بين المرء وزوجه ويأخذ أحد الزوجين عن صاحبه قال تعالى: (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه) البقرة: 102.
جمهور العلماء المسلمين يرون في السحر حقيقة كغيره من الأشياء الثابتة، ونعود إلى سؤالك الصعب: هل يجوز لك فك السحر بالسحر؟
العلماء الذين يحرمون فك السحر بالسحر يقولون: لا يجوز الاجتهاد والتقليد في مثل هذه الأحوال لأن الأمر معارض للشرع: علم أم لم يعلم!
لهذا يقول المحرمون في هذا النزاع: لا خلاف بين أهل العلم في تحريم فك السحر بالسحر! ابتداء دون الاضطرار ولا خلاف بينهم في تقديم الرقية الشرعية وهذا (التحريم) قد يجعل البعض يقع في حيرة لأنه في عملية (فك السحر) لابد ان يتعلم الإنسان السحر! هذا منهي عنه وإذا ثبت على الإنسان انه (تعلم السحر) فهذا أول الحرام لأن (السحر حرام) بالأساس وما يبنى بعد ذلك يلحقه (حرام) بين أهل العلم ويكفر من تعلمه وفعله سواء (تحريمه او إباحته) ويحرم لما فيه من الأذى اذ هو تعظيم للشياطين، وعمل السحر حرام وهو من الكبائر بالإجماع وأعده رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات، ومنه ما يكون كفرا ومنه ما لا يكون كفرا بل معصية كبيرة فإن كان فيه قول او فعل يقتضي الكفر فهو كفر وإلا فلا، وأما تعلمه وتعليمه فحرام، وهذا قول الإمام النووي ـ رحمه الله ـ في حين قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ إن السحر محرم بالكتاب والسنة والإجماع.
نأتي يا صاحبي إلى القائلين بجواز فك السحر بالسحر،
قال الإمام الشنقيطي ـ رحمه الله: اعلم ان العلماء اختلفوا في فك السحر عن المسحور فأجازه بعضهم ومنعه بعضهم، ومن أجازه سعيد بن المسيب، قال البخاري في صحيحه: باب هل يستخرج السحر، وقال قتادة: قلت لسعيد بن المسيب: رجل به طب او يؤخّذ عن امرأته أيحل عنه أو ينشر؟ قال: لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع فلم ينه عنه.
وذكرت كتب كثيرة ما قاله الشافعي والقرطبي: أن يأخذ سبع ورقات من سدر أخضر فيدقه بين حجرين ثم يضربه بالماء ويقرأ عليه آية الكرسي ثم يحسو منه ثلاث حسوات ويغتسل فإنه يذهب عنه كل ما به إن شاء الله، وهو جيد للرجل إذا حبس عن أهله.
يا صاحبي موضوعك خطير جدا وهناك أكيد رجال ونساء (يعانون) من هذا الأمر، وأختمه: أولا: ان السحر لا يبطله السحر وهذا هو مطلوب من أراد التداوي فهو متعذر الحصول كما أسلفت في مقدمة المقال!
ثانيا: ان المسحور الذي يريد رفع الأذى عن نفسه بسحر آخر هو في الحقيقة يضع نفسه تحت (سحرين)، سحره الذي يعاني منه والسحر الجديد الذي يريد أن يتداوى به وهو في الحقيقة داؤه فتزيد عليه العلة مع ما يناله من الإثم!
٭ ومضة: يا صاحبي منذ الثمانينيات وأنا أقرأ في هذا الباب (السحر)، وكل اللجان الخاصة بالفتوى عندما سئلت عن (حكم حل السحر بالسحر) أجابت: لا يجوز ذلك.
هذا من عمل الشيطان، وعليك وغيرك من القراء الكرام الذين يعانون من (السحر) التداوي بالمباح لا المحرم.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تداووا ولا تتداووا بحرام».
وفي حديث آخر قال: «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرام عليكم».
وعندما سئل شيخنا العلامة عبدالعزيز بن باز ـ رحمه الله ـ عن حكم علاج السحر بالسحر عند الضرورة أجاب: لا يجوز علاج السحر بالسحر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة فقال: «هي من عمل الشيطان»، و«النشرة» هي حل السحر بالسحر.
٭ آخر الكلام: أنفع الدواء لفك السحر وإبطال مفعوله هو الدعاء والرقية الشرعية والأعمال الصالحة من صدقة، استغفار، عمل خيري، توبة، وبر وصلة للأرحام، أما الأدوية فينصح بالعسل وحبة البركة السوداء والعجوة والمأكل والمشرب الحلال.
٭ زبدة الحچي: قبل ان أودعه وقد سرق مني (ساعتين) كنت أمارس فيهما رياضة المشي دعوت له ودعا لي وتعوذنا من كل الكبائر والموبقات، وعلى أجهزة الدولة اليوم في عصر «كورونا» ان تحكم الطوق أيضا على هؤلاء السحرة والمشعوذين، وبعد قراءة المقال ليس هناك حجة أبدا للتعامل مع السحرة والأشرار، فالحرام بيّن والحلال بيّن.. في أمان الله.. وحفظكم الله من السحر وأهله.