ودّعت الكويت رمزا وهرما ورجلا من الوزن الثقيل، هو – رحمه الله وطيب مثواه – سفير ومهندس وحامل أسرار الكويت وإرادتها الوطنية، العم الراحل عبدالرحمن سالم العتيقي الذي عرفته من خلال القصص والحكايات التي حدثني بها والدي، رحمه الله، لأنه زامله في البطاقة التموينية في الأربعينيات ثم في الصحة العامة في الخمسينيات، وكذلك في الخارجية منذ عام 1963.
وأتذكر موقفا إنسانيا رائعا لهذا الرجل الذي آثر تقديم خدمة لكل من له موقف في المواقع التي خدم فيها وخاصة في احقاق الحق لأصحابه، فعندما كان وزيرا للمالية أنهى إشكالا إداريا وقانونيا وأعطى توصية الى بنك التسليف بحل مشكلة اسرة كاد منزلها يضيع منها لولا عناية الله، ثم موقف العم «أبو أنور»، رحمه الله، لتدخله في إنقاذ تلك الأسرة واحقاق الحق لها، ولقد عشت تلك القصة الإنسانية الرائعة لهذا الإنسان الرائع، وكان والدي، رحمه الله، الوسيط في تلك القصة الإنسانية! لقد كان لقاء مصادفة لي مع العم عبدالرحمن العتيقي، رحمه الله، بعد سنوات كثيرة مرت على تلك الحكاية التي حدثت في الثمانينيات، حيث صادفته في الفندق بمدينة باريس وعرّفته على نفسي، وبكل تواضع سألني ورحب بي ودعاني للجلوس، فقال رحمه الله: تعرف ان والدك، رحمه الله، عمل معي بالتموين والصحة والخارجية؟ وذكر مآثر جدي ملا ادريس، لقد كان ذلك اللقاء القصير ممتعا مع رجل حفظ اسرار بلاده الكويت وعاصر رجالها الاخيار! واليوم نحن نودع هذه القامة العظيمة التي خدمت الكويت لأكثر من 60 عاما وعاصر الحياة السياسية الخالدة لمسيرة الكويت منذ عام 1940 حتى تقاعده في الألفية الثانية، الا انه استمر، رحمه الله، مثابرا بتقديم خدماته وعطائه في كثير من المؤسسات وعلى رأسها جمعية المعاقين، حيث التقينا به في اكثر من مناسبة خيرية عندما كلفت ممثلا لجمعية الصحافيين عضوا بالمجلس الاعلى للمعاقين منذ تأسيسه عام 1997، وكان، رحمه الله، لا يفوت تلك المناسبات الخيرية التي تقيمها الجمعية ومناسباتها، وكان راعيا لأغلب تلك المناسبات الخيرية! العم «أبو أنور» رحمه الله قدوة للأجيال ومثلا للإخلاص والمواقف الصعبة ومدرسة للحكمة والتفاني والعقلانية الراسخة، لقد خدم الكويت منذ صباه وفي شبابه حتى وهو رجل كبير في السن، ولم يتأخر عن خدمة الكويت في السراء والضراء، رحم الله المحاور الحكيم المخلص عبدالرحمن العتيقي الذي يجب ان تخلّد ذكراه لكل الأجيال رمزا سياسيا وديبلوماسيا وحكيما وطنيا، رحمه الله وأحسن مثواه.
