أحب الشعر وأتذوقه، وأحيانا أكتبه.. وأكتب لكم اليوم عن أحد الشعراء الشباب!
وأنا في الزمن الكوروني 1441هـ الموافق 2020م وجدت كتابه بين الكتب في مكتبتي وتناولته، فإذا بي أقرأ العنوان: حين ألقاهُ!
أعجبني العنوان وأنا من طبعي، وكتابتي للزاوية اليومية علمتني أن العنوان نصف الكتاب!
لمن هذا الكتاب.. واو.. إنه ابني وصديقي المُقرّب (الحارث خالد الخراز) حبيب ابن حبيب، وشاعر صغير من ظهر شاعر كبير، لو أحب أن يبرز والده في هذا المجال لكان في مقدمة الشعراء، إنه شيخي وأخي وعضيدي الأستاذ المربي الشيخ خالد جمعة الخراز.. ولوالده أشعار لو تقدم بها لمسابقة لفازت!
أعجبني تصميم الغلاف، فهو بسيط.. أريكة وحقيبة وكاميرا وكتب وبيت شعري، شطره الأول على اليمين والآخر على الشمال نقرؤه:
شد الرحال وطوى كل حاجته
وبين حاجته قلبي وطواه
اليوم فقط انتبهت إلى (الإهداء) لي، يقول كاتبا على الغلاف الداخلي: إلى من أعده بمقام أبي إلى العم العزيز الغالي أهدي كتابي الأول، أهدي مشاعري إلى الحبيب/ يوسف عبدالرحمن.
في 30 – 10 – 2016.
أما الغلاف الأخير فعجيب فعلا، تخيل شاعرا ضمنه هذه الأبيات:
صدقت بالحب لكن
كذبت بالحب أنت
فصرت أهذو بشعري
مقطعُ القلبِ مِنكْ
وكنت تدري بحالي
وما لحالي رحمت
لتخبر الناس عني
سأخبر الله عَنكْ
٭ ومضة: يقول ابني الحارث لأمه الكريمة في صدر كتابه مهديا الكتاب الأول:
إلى التي لا تميل لما أكتب بقدر ما مالت لي..
إلى التي لا تدرك ولن تدرك أبداً ما كانت لي..
إلى أحب خلق الله إلي..
إلى حبيبتي الأولى..
إلى أمي أولا
يواصل الإهداء إلى بقية أسرته الكريمة، يقول لزوجته وإخوانه:
إلى الذي يرى فيني شيئا أعظم من الذي أراه بنفسي
إلى التي حملت أثقالا من صمتي وانطوائي
إلى زوجتي وابنتي وأخواتي وأخي (يقصد أخاه فواز)
والكلمات الأخيرة مفتوحة:
إلى الذي يرى أنه أولى مني بهذه الكلمات
وإلى التي ترى نفسها هنا
إهداء ولا أروع ولا أجمل منه من شاعر يخطو نحو النجومية، بوركت أيها الحارث على وفائك لأهلك فهم عزوتك وسندك، أحسنت الاختيار!
٭ آخر الكلام: أعجبني أنه وضع بيت شعر له في بداية الكتاب:
الحب يُصلح أخلاقاً إذا فسدت
حتى القبيح لأجل الحب يزدان
ما شاء الله (90) قصيدة ضمنها الكتاب من القطع الصغير ويضم حوالي 161 صفحة، وقد اختار أسماء جميلة وجاذبة للوحاته الشعرية بدأها بعنوان: على ضفاف النوم، وختمها: يا عاشق!
قرأت القصائد في (زمن الكورونا) وأقول ربما ولدنا الحارث استبق الزمن، فمعظم أسماء قصائده تخاطب العاطفة، وأختار لكم بعضا من هذه العناوين التي لفتت نظري ونحن نعاني الحظر الكوروني.
قفوا معي قليلا متأملين في العناوين وتذوقوا:
«ما أقساك – حين ألقاه – ولن نشعر – تعلم – كل يوم – منية – لست حيا – ولا نتوب – لا لقاء – دروب – غاب – الله حافظنا – أشتاقها – ألف عام – وان البعد أجدر بي – قف – لا حياة بلا وطن – سأخبر الله عنك – صلني – لا تنكسر – آسف – الرضى – عمرا ثانيا – ما أعجلك – أعوذ بالله – وداعا – كم وكم – واشتق – الى الله – في الفؤاد تربعت – صبر جميل».
اختيار موفق وكنت أتمنى أن أعرض هذه القصائد ليتضح المعنى الذي وصلت له وأيضا أننا أمام شاعر سيعبر المليون!
٭ زبدة الحچي: في آخر صفحة من الكتاب، كتب شاعرنا الحارث عبارة ذكية جدا ومفتوحة المعاني قائلا:
إلى اللقاء..
وأنا رحت ألقاك..!
أختار لكم هذه الأبيات من قصيدة «على ضفاف النوم» وقد قرأتها أكثر من مرة فيها (وجد محب) قد يصل في متنها إلى العشق، وهي 46 بيتا من الشعر الجذل جميل المفردة والمعاني المخبأة ما بين أسطرها الأربعينية، يقول:
ما شاء الله وأنا أقرأ سطوره وأتذوق معانيه لا شك أنه بهذه السنّ واضح تعبه على نفسه واهتمامه باللغة العربية وأصولها وجماليتها وتزوّده من ثقافة الشعر وخصائصه الفنية والجمالية، فحجم المفردات العربية (سحرني) مثلما شدته هذه الكلمات وصاغها أشعارا جذلة تقرأ وتسمع!
كتب تعقيبا صغيرا بعد عنوان قصيدته «حين ألقاه» وهي التي أسمى الديوان عليها، كتب (إن الذي بالقلب أولى بالخفاء)!
لفتت قصيدته «آسف» نظري فتبحرت في معانيها:
والله ما أسفي أني هويت إلى
قاع الغرام ولم أرقى إلى القمر
لكنني آسف أني جهلت ولم
أدري بأن الهوى من صنعة البشر
واختتم بقصيدته الرائعة وعنوانها: «إلى الله» الوجهة الأولى والأخيرة!
سافر إلى الله أنى كنتَ متجهاً
فرحمةُ الله أولى بالرحيل لها
سافر إلى الله تلقى ما تُؤمله
لا تخشى دنياك إن الله كافلها
الكويت ولادة ونحن اليوم أمام واحد من شعراء الكويت الشباب بإذن الله عقب انصراف الوباء الكوروني.. لكنني إذ أُحييه وأدعو له بظهر الغيب.. أمتعتني يا ابني في هذا الزمن الذي غابت فيه الابتسامة.. في حفظ الله أبا خالد.. ابني الحارث.. في أمان الله..
