هل بات الحلم قريبا في التحول لحكومة ذكية؟، هل لابد من كارثة بحجم كورونا تحملنا على اللجوء إلى الحداثة والاستعانة بالتقنيات لحل مشكلاتنا الإدارية والخدمية؟ هل سينتهي عصر المعاملات الورقية وطوابير الانتظار والدورة المكوكية للحصول على إجازة سنوية، وقضاء نصف يوم للحصول على توقيع مستند ما، في حين بالإمكان فعل كل هذا ونحن نحتسي كأسا من الشاي أو فنجانا من القهوة؟.
ليس الأمر حلما إلا في الدول المتخلفة، فالحكومة الذكية التي تعتمد على الخدمات أونلاين لا تنام تعمل 24 ساعة في اليوم 7 أيام في الأسبوع، سريعة في معاملاتها قوية في إجراءاتها، تستجيب بسرعة للمتغيرات، وتبتكر حلولا للتحديات، وتسهل حياة الناس.
لم نكن بحاجة إلى كورونا لنعرف أننا مقصرون في اللجوء إلى التعامل الإلكتروني، فقد أجبرت بعض الجهات الحكومية على التعامل أونلاين بسبب كورونا، وكنا نتمنى أن تكون الانطلاقة نابعة من نظرة مستقبلية تواكب التحركات العالمية المتسارعة، حتى لا نستيقظ يوما لنجد أنفسنا نعيش منفردين على هذا الكوكب في حين هناك دول صعدت إلى الكواكب الأخرى.
كل شيء كان موجودا قبل كورونا ولكن بعض الأعين غضت الطرف عنه وكأنه لم يكن موجودا وكأن هناك من يحاول أن نبقى في عصر الظلام، لا يمكن أن نقبل في عالم يتواصل مشرقه مع مغربه في أقل من ثانية وتنجز المعاملات فيه في أقل من دقيقة أن تعيش كل جهة حكومية منعزلة عن الأخرى وأن يحتاج الموظف إلى الانتقال بين مكاتب عدة وجهات مختلفة للحصول على ورقة إجازة في حين الأمر أبسط من هذا التعقيد، فالتوقيع الإلكتروني يحل المشكلة وبصمة العين متوافرة، والايميل موجود والأجهزة الحديثة مزودة بكاميرات ذات دقة عالية توفر صورا بأعلى درجات الدقة.
ما نعانيه اليوم أن جهات حكومية تنبهت لأهمية التحول إلى أونلاين وجهات أخرى لاتزال في سبات عميق، فها هي وزارة الداخلية تقدم صورة مشرقة للتعامل الإلكتروني وتوفير الجهد والوقت والمال، في حين لاتزال بعض الجهات متعنتة ترفض التطور والحداثة وترغب في العيش في الظلام وتعشق رائحة الأوراق المتكدسة، وإذا شب حريق أكل الأخضر واليابس وأضاع الحقوق والدلائل، أما الحكومة الذكية والإلكترونية فالمعلومات مخزنة بطريقة إلكترونية بالإمكان استدعاؤها من أي مكان وفي أي وقت.
ما نريده الآن كويت اونلاين، في كل جهة حكومية مع ربط متكامل فيما بينها، وإيجاد إدارة لنظم وتقنيات المعلومات في كل وزارة تقوم بتدريب كوادر بشرية كويتية متخصصة في هذا المجال، فقد علمتنا كورونا أننا ما زلنا بالقرون الوسطى وأن الدول حولنا تتقدم خطوات ونحن نعود إلى الوراء.
علمتنا «كورونا» أنه إذا أردنا تطبيق توجهات صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد في تحويل الكويت لمركز مالي وتجاري فعلينا أن نلجأ للكويت أونلاين.
جميعنا شاهد تعثر المنظومة التعليمية لعدم الاستعداد المسبق للتعليم عن بعد في حين كان هذا الأمر في منتهى السهولة ومتوافرا في جامعات خارج الكويت تتعامل مع هذا التطور بشكل اعتيادي.
ولو نظرنا حولنا لوجدنا أن دولة مجاورة لنا هي الإمارات أطلقت الحكومة الذكية وأوجدت جهة مسؤولة عن تطوير الحكومة الإلكترونية والذكية هي قطاع المعلومات والحكومة الذكية، حيث تتولى مهمة دعم البنى التحتية والاستراتيجيات التي تدفع عجلة التحول الذكي للجهات الحكومية في دولة الإمارات، للوصول إلى الرقم 1 عالميا في الخدمات الذكية.
الأمر كان مبادرة أطلقت قبل 7 سنوات هدفها الذهاب إلى المواطن في كل الأوقات وفي أي مكان كان في العالم، وتم ذلك خلال عامين فقط، اعتمدت على إصدار الدليل الإرشادي للحكومة الذكية ومتجر تطبيقات خاصة به، ما أسهم في التوعية بمفاهيم الحكومة الذكية وتشجيع الناس على تبني الخدمات الذكية وجعلها جزءا من حياتهم اليومية.
لا ينقصنا في الكويت الكوادر الوطنية ولكن النظرة المستقبلية والتفكير في كويت متطورة، ولذلك فإنه إذا لم تدفعنا أزمة «كورونا» نحو الكويت أونلاين بأسرع وقت، فإننا والأجيال المقبلة سنعاني كثيرا وسنكون في ذيل القائمة بدلا من أن نكون في الطليعة كما تعودنا دائما.
