إلى التي خربت المدينة..! ،،، بقلم / د.نادية القناعي
تعلمنا منذ الصغر أن الإنسان كائن أناني، حيث أذكر أن جملاً تحمل المعنى نفسه كانت مذكورة في الكتب الدراسية. إن كثيرا من العبارات التي حفظناها في الماضي، خاصة التي تخص النفس البشرية، لم نستطع فهم حقيقتها الكاملة إلا بعد أن كبرنا وعشنا مواقفَ قدمت لنا المعنى على طبق من ذهب. لا أحد ينكر طبيعتنا في حبنا لأنفسنا وأنانيتنا غالباً، لكن الكثير من الأحداث في العالم أثبتت أن بعض الناس قد يتخلون عن أنانيتهم في سبيل إنقاذ الآخرين. في أحد الأيام، وأمام مبنى الجامعة التي درست فيها، رأيت شابا يقفز إلى الموت لإنقاذ طفلة داخل عربة وسط الشارع، لا يعرفها وليست بينهما قرابة، حيث كادت أن تصدمها سيارة، وكانت أمها متجمدة في مكانها، والحمد لله أنه لم ينتج عن تلك الحادثة أي فقد للأرواح، فالطفلة لم تصب بأي أذى بينما الشاب أصيب بكسر في ذراعه. لنأتِ إلى معنى الأنانية اللانهائية، التي يتخذها بعض الناس شماعة لتصرفاتهم؟ إن جولة واحدة في الشوارع قد توضح لنا معناها، فالذي يقود سيارته بسرعة جنونية، إذا سألناه عن السبب، ربما يجيب بأنه يستمتع بقيادة سيارته بتلك السرعة، والموظف الذي لا يؤدي عمله بالشكل المطلوب، كذلك إذا سألناه عن السبب ربما يجيب بأن أهم شيء في الحياة هي راحته، والذي يؤذي غيره، إذا سألناه عن السبب قد يجيب بأنه يريد أن يعيش! وهذا يذكرني بقصة الفتاة الثرية التي كسرت قدم ضيفتها لأن قدمها كانت على وشك أن تدوس فستانها وتمزقه! إن مشكلة هؤلاء جميعاً هي عدم إدراكهم بأنهم يتصفون بتلك الأنانية المدمرة، والمشكلة الأكبر أنهم لا يتقبلون النقد أبداً. وهنا أذكر المثل الذي يقول «فرحت الحزينة، خربت مدينة». لا داعي أن يفرح أحد على حساب أحد. د. نادية القناعي
القبس