خالد طعمة يكتب … سكنى القبائل العربية على أرض الكويت
سكنى القبائل العربية على أرض الكويت
كانت الفترات السابقة على الإسلام مليئة بالأحداث ، و يذكر لنا المؤرخون أن جماعات من العرب والفرس استوطنت سواحل الخليج ، فكان الفرس يستقرون على الجانب الشرقي من سواحل الخليج ، بينما العرب على السواحل الغربية من سواحل الخليج .
يذكر لنا أبو محمد الحسن بن أحمد الهمداني في كتاب صفة جزيرة العرب أن أولى القبائل العربية التي هاجرت من اليمن إلى سواحل الخليج العربي هي قبائل الأزد ، إلا أن ابن قتيبة واليعقوبي يختلفان في هذه الجزئية حيث ذكرا أن خروج مالك بن الفهم بن غانم بن دوس بن عدنان بن نصر الأزدي كان من اليمن إلى العراق واستقر في الحيرة وكان أول ملوكها ، وحول سبب الخروج من اليمن فإن عبدالرحمن بن خلدون في كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر ، يقول : ” أن خروج مالك كان بسبب انهيار سد مأرب ، أما أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ في كتاب البيان والتبيين فذكر أن الخروج كان بسبب خلاف مع أبناء عمومته ، واتجه بسببه إلى عمان ، وفي كتاب كشف الغمة بأخبار الأمة لمؤلف مجهول ، ذكر أن مالك عندما رحل في طريقه صوب عمان اكتشف أن سكانها قوم من الفرس ، وأن عاملهم عليها المرزبان من قبل ملك الفرس دارا بن دارا بن بهمن ، فقام مالك بتكوين جيش من قبائل العرب ، وتمكن من إجلاء الفرس من عمان بشكل نهائي مع تثبيت سلطانه عليها ، وجاء في مخطوط تاريخ أهل عمان لمؤلف مجهول أن اسم عمان في عهد الفرس كان مزونا ، وأن الاسم عمان كان يطلق على موطن الأزد في اليمن ، وأنه كان واد فلما نزل الأزديون إليها أطلقوا عليها اسم عمان تيمناً بذاك الوادي .
ومثلما ذكرنا أن أول من حكم عمان هو مالك بن فهم والذي خلفه أبناؤه ، وكان الحاكم يلقب بالجلندي ، وفي مخطوط كشف الغمة ذكر أن أول من تقلد هذا اللقب هو الجلندي بن كركر الأزدي من أبناء مالك ، تبين أن الاستيطان البشري أخذ يتواصل ويستمر ، فكان أول من لحق مالك عمران بن عمرو عارم ماء السماء وولده ، والذين تفرعت منهم قبائل كثيرة في عمان وفقاً لما جاء في مخطوط كشف الغمة ، يذكر الدكتور عبدالعزيز السالم في كتاب تاريخ العرب قبل الإسلام أنه في أثناء قيام الحرب الأهلية في بلاد فارس في أواخر عصر الدولة البارثية وتطاحن الملوك فيما بينهم انتهزت قبائل الأزد ولخم وتنوخ الفرصة للاستقرار في البحرين ، ويوضح لنا الطبري في كتاب تاريخ الرسل والملوك أن التنوخيين هاجروا من اليمن إلى المنطقة الواقعة بين الحيرة والأنبار ، ويفصل هنا أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس الأزدي في تاريخ الموصل أن منهم من رحل إلى الموصل ، ويقول ياقوت الحموي في معجم البلدان أن قبيلة سامة بن لؤي بن غالب هاجرت أيضاً إلى نواحي عمان .
يذكر البلاذري في كتاب أنساب الأشراف أن من هاجر إلى البحرين من قبائل الأزد القحطانية قبائل عدنانية ، وذكر البكري أن أشهر القبائل قبيلة قضاعة وهم تميم وثعلب وإياد ، وأن قضاعة قد استقرت في هجر بعد أن أجلوا قوماً من النبط كانوا يسكنون قبل مجيئهم ، وذكر أيضاً أن مقام قضاعة لم يدم طويلاً لمباغتة قبائل تنوخ لهم والتي قامت بإجلائهم من البحرين ، ويذكر أن القبائل العربية استمرت بالهجرة إلى البحرين مثل ربيعة وهم عبد القيس وشن بن أفصى ، يبين البلاذري أن إجلاء إياد والأزد كان على يد قبائل ربيعة ، وأن إياد اتجهت إلى العراق فاستقرت عبدالقيس في البحرين وأخذت تقسم المنطقة بين فروع قبيلتها ، حيث أصبح الحظ من نصيب جذيمة بن عوف ، ويقول البكري أن شن بن أفصى أخذ شمال البحرين حتى حدود العراق ، وأن نكرة بن لكيزة أخذ القطيف وما حولها .
اكتسبت هذه المملكة تسميات عديدة ، وجاءت روايات كثيرة حول مؤسسها ، وما يؤكد على وجود شبه إجماع من قبل المؤرخين خصوصاً الإخباري منهم أن اكتساب الاسم نظراً لشيوع تسمية حكام المملكة باسم المنذر ، وأما اسم الحيرة فهو لقيام المملكة عليها ويقال أن أرض الحيرة هي الكوفة وفقاً لقول غريغورس أبو الفرج بن هارون المالطي المعروف بابن العبري ، في حين يرى غيره بانها قريبة من النجف والكوفة مثل أحمد بن إسحاق المعروف باليعقوبي ، إلا أن كلا القولين يؤكد حقيقة تاريخية وثقت في الفترة اللاحقة ، وهي أن بناء الكوفة كان على يد المسلمين .
ذكر المؤرخون أن أول من نزح إلى كاظمة وعاش على أرضها قبيلة إياد العربية ، وتعود تسمية هذه القبيلة نسبةً إلى (( إياد بن نزار بن معدّ بن عدنان)) ، فقد ورد في كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني عند حديثه عن قبيلة إياد أنهم (( انتشروا بين سنداد وكاظمة وإلى بارق والخورنق ومايليها )) ، جذيمة الوضاح بن مالك بن فهم الملقب بجذيمة الأبرش هو من حاول أن يضم البحرين بعد أن تبادل الغزوات مع بني إياد بن نزار الذين كانوا ينزلون من أرض شبه الجزيرة العربية إلى البصرة ، ولكنها انتهت بالاتفاق السلمي فيما بينهم ، ولعل دخول البحرين كان في وقت حكم امرؤ القيس بن عمرو من الفترة 288م و حتى 328م عندما عينه الملك سابور على فوج العرب من ربيعة ومضر وسائر بادية العراق والحجاز والجزيرة ، ويذكر أن الفرس قد شنو حرباً على قبيلة إياد حتى يفككوا سيطرتها ، وتمكنوا من نيل مأربهم مستعينين بقبيلة بكر بن وائل التي حلت محل قبيلة إياد في كاظمة وماحولها .
قبيلة بكر تمكنت من سكنى كاظمة بعد قبيلة إياد ، وقبيلة بكر بن وائل هي قبيلة تنتمي إلى جِذم ربيعة بن نزار بن مَعَدّ بن عدنان ، وتوافقها مع الفرس لم يدم فقد شنت عليهم حرباً شرسةً بأمر من الملك شابور ، كما توالت المعارك بينها وبين قبيلة بني تميم الأمر الذي دفعها إلى النزوح شمالاً حتى يحل محلهم بنو تميم ، ويذكر أيضاً سكن أعداد من قبيلة بني شيبان وعبدالقيس على أطراف المنطقة.
أدت كثرة المعارك بين قبيلتي بكر بن وائل وبني تميم إلى سكن الأخيرة لكاظمة ، ويعود نسب قبيلة بني تميم إلى تميم بن مر بن اد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن عدنان ، تذكر الكتب و المراجع التاريخية أن هذه القبيلة هي آخر من استقر على كاظمة و ما حولها في القرون التالية .
خالد طعمة
مؤرخ كويتي