الجهراء في التاريخ القديم
الجهراء قديمة جداً وقد ذكرتها لنا المراجع القديمة الجهراء قال عنهاحسن بن جمال بن أحمد الريكي والذي يؤمن الغالب الأعم منالباحثين بأنه ناسخ كتاب لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبدالوهابوالذي جاء فيه : ” من الكويت إلى جانب الغرب عنها بيوم :الجهرة،وقد كانت الجهرة في عصر الجاهلية قبل مبعثه – صلى الله عليهوسلم – بسنين تبلغ مائة في غاية العمران ، وفي هذه آثارها تدلعلى عظمتها اليوم فإن فيها خرابات كثيرة من البنيان ، وربما وجدوافيها ذخائر من الدراهم والدنانير في بعض المواضع ، وهي أرضطولها فرسخين شمالاً وجنوباً وعرضها فرسخاًغرباً وشرقاً نبتهاالثمام غالباً ، وأرضها من قبيل جصص البحر ، وفيها مياه عذبةوبئرها قدر باع واحد ، وحولها من جميع الأطراف أرض سبخة علىفرسخين من جانب الشمال حتى تصل بسنام ، وإلى الشرق حتىتصل البحر كذلك ، وإلى جانب المغرب إلى جهة القبلة قليلاً أرضالسبخ قدر فرسخ وإلى الجنوب إلى نحو الكويت تبلغ نصف فرسخ. ويقع عن الجهرة شمالاً شرقاً مائلاً إلى جانب البحر بلدة كانت فيالسالف عمار قد بقيت آثارها إلى اليوم وهي في البعد عن الجهرةبأربعة عشر فرسخاً تسمى الصبية نسبة إلى الصابئين قيل إنها منبقايا بلادهم التي عمرت بعد خراب بابل والله أعلم وفي تواريخالمسلمين أن هذه الأرض كانت معمورة إلى أيام الدولة الأموية ، ثمخربت وجلا عنها أهلها إلى سائر البلاد ، وينقل أن بقايا أهلهاأناس اليوم بأرض يقال لها خوزستان” ، ويقول المؤرخ محمد خليفةآل نبهان في كتابه التحفة النبهانية عن الجهراء : ” كانت الجهرةقبل الإسلام بلدة عامرة وآهلة بالسكان لأنها كما قلنا جزءا منكاظمة ، ولا تزال أطلال البلاد القديمة موجودة تحت الثرى ، فإذاماحفر الشخص بئراً هناك ، أو شق أساساً للبناء وجد في أعماقالأرض بعض الجدران والحيطان وآثار العمران ظاهرة ، وقد عثرفيها على نقود قديمة من عهد الجاهلية وعلى بعض الآثار القديمة ،كما أنه قد وجد في بعض الحفريات آجر قديم وقبور مدفون فيهاأناس وقوف غير مضطجعين” ، ورد في كتاب التعليقات والنوادرللهجري ضمن قصيدة يمدح فيها عبدالله بن هبة أبا المغيرة بنعيسى بن هشام ، ومطلعها :
“هل تعرف الدار بالجهراء قاوية بين البحاروبين الهضب ذي الجمم جــرت بها الريح أذيالا تنسفها بحاصبمن تراب المور ملتـــحم
من فيض جرعاء جاد الغيث باطنها نو الربيع نو الصائف النجـم” ، و في الحقيقة إنني بعد أن بحثت في سيرة الهجري وجدت أنههارون بن زكريا الهجري والمكنى بأبي علي ، توفى قبل سنة 300هـالموافق 912م ، ويقال بأن إطلاق الهجري عليه لأنه من أهل هجرالواقعة في إقليم البحرين ، وبالتالي فقد عاش قبل أكثر من ألفسنة ميلادية ، وحول الشاعر الذي نظم القصيدة فإنه من الذينعاشوا خلال القرن الثالث الهجري ، لأن من مدح في القصيدة هوأبو المغيرة بن عيسى المخزومي جاء ذكره في كتاب جمهرة أنسابالعرب لابن حزم حيث نسبه إلى بني مخزوم من فروع قريش وأنهولي مكة للمعتمد ووليها أبوه للمعتز، وعن صفات الجهراء المذكورةفي القصيدة نجد المؤرخ حمد الجاسر يشرح ” قاويةً : بارزة لاجبلفيها ولا شجر مثل البلوقة؟ تلعة كبيرة بحرة .الجمم جمع جمة لقلةالجبل” وهذه الصفات أعتقد بأنها لأرض الجهراء التي بالكويت ،ويبين الجاسر أيضاً أن تراب المور ملتحم “تحتها دق التراب ومطبقأي تفسير المور وتفسير ملتحم“، وأعتقد بأن ذكر من فيض جرعاءربما إشارة للجرعاء الموضع الذي تحدث عنه الهمداني وأشرنا إليهسالفاً ، وإذ ربط الشاعر بالفصول الربيع والصيف وهذا الربط ليسأحادياً في هذه القصيدة إنما جاء فيما قاله عمارة حيث دفن ابنه : “سقى الله بلبولا وجرعاءه التي أقام بها إبني مصيفاً ومربعاً”
يرى المؤرخ حمد الجاسر بأن الجرعاء : ” بالفتح و إسكان الراء وفتحالعين المهملة ، بعدها ألف ممدودة: الكلمة وصف الأرض السهلة ذاتالرمل – ولهذا كثر إطلاقها اسماً لمواضع. وتردد ذكر الجرعاء فيكتب المتأخرين عند الكلام على تاريخ بلاد البحرين في عصور ماقبل الإسلام ”
هذه الآثار التي تركها لنا هؤلاء الأوائل هي دلائل على قدم الجهراء عبر التاريخ.
خالد طعمة
مؤرخ كويتي
