موسيقى الراب في الإمارات.. بحث عن الهوية وإثبات الذات
على وقع موسيقى آلة تصدح بقوة في الغرفة الضيقة، يؤدّي سعود وليد إبراهيم أغنية راب بمزيج من الكلمات العربية والإنكليزية يميز موسيقى الهيب هوب الباحثة عن هويتها في الإمارات العربية المتّحدة.
ويقوم المغني الإماراتي الملقّب بـ”أس جي” بتسجيل أغنيته الجديدة في الأستديو الصغير والحديث في إمارة عجمان، مرتديا قميصا فضفاضا أخضر وقد وضع نظارة مربّعة ضخمة.
ويقول الموسيقي الشاب:”حتى اليوم، يُنظر إلينا على أننا دخلاء ولكن لا يوجد دولة من دون (موسيقى) راب”.
وأحب أس جي الشغوف منذ سنوات مراهقته بأعمال مغني راب مشهورين مثل توباك وإمينيم، هذا النوع من الموسيقي طمعا بـ”حرية التعبير” التي يُعرف بها، علما أنه مع مرور الوقت “استوعبنا أنّنا نعيش في مجتمع ذي مبادئ ولا يمكننا أن نخالف هذه المبادئ”.
وولدت موسيقى الهيب هوب في السبعينيات في الولايات المتحدة، وسرعان ما غزت العالم مانحة صوتها للشباب المتحدّرين من خلفيات وأحياء مهمّشة.
وقبل انتشارها الأخير في الخليج، مرت في العالم العربي عبر شمال أفريقيا والشرق الأوسط، حيث تحدّى مغنو الراب الرقابة والقمع لتناول القضايا السياسية والاجتماعية الحساسة في بعض الأحيان.
وفي الإمارات التي استثمرت بشكل كبير في قطاع الثقافة، لمعت بعض الأسماء ومن بينها “فريك” و”اداميليون” وهما من الصومال، لكن مجتمع الهيب هوب لا يزال يبحث عن هويته في البلد الخليجي الثري الذي يشكل الأجانب أكثر من 80 بالمئة من سكّانه.
وتأسّف سي جي قائلا “حتى الآن، ليس لدينا صوت خاص بنا على عكس الولايات المتحدة وفرنسا والمغرب العربي ومصر”.
وأوضح “هنا نحن مهتمون بالتأثيرات الخارجية أكثر من إبداعنا الشخصي”.
نقل الحقيقة
من بين أشهر وأبرز وجوه موسيقى الهيب هوب في الإمارات، السعودي حسان ضناوي المعروف باسم بيغ هاس وبلحيته الرمادية والعُصابة حول جبينه، في مظهر يشبه أسلوب ركّاب الدراجات النارية الأميركيين.
وضناوي مدوّن مقيم في دبي يستضيف برنامجا إذاعيا حول موسيقى الهيب هوب، وقد أسّس مشروع “بيت دي أكس بي” الذي ينظم فعاليات للترويج للمواهب الشابة في المنطقة.
وقال إنّ “الهوية الخاصة للهيب هوب في الإمارات ليست معروفة بعد. وإذا كانت هناك هوية فهي هوية التنوع”، متحدّثا خلال استراحة بين عرضين مباشرين على تطبيق “إنستغرام” في “سينما عقيل”، المقرّ المفضل لكثير من رواد الثقافة والفن الشباب في دبي.
وبحسب بيغ هاس، فإنّ الإمارات غنيّة باللغات والثقافات عبر مغني الراب الآتين من كل أصقاع الأرض، لكنّ هؤلاء لا يزالون يفضّلون التعبير عن قضايا ومشاعر عامة في منطقة محافظة لا تحبّذ الانتقادات السياسية.
وقال “عندما أتحدّث مع مغنّي راب في فلسطين يقول لي: كيف أغني أحببتك وأحببتني وهناك دبابة فوق بيتي؟”.
وتابع:”في الخليج الناس يعيشون في أماكن مريحة ولكن هذا لا يمنع أن هناك أشخاصا (في الخليج) يعيشون حياة صعبة. أنت كمغني راب المفروض أن تنقل الحقيقة”.
بين فيروز وإمينيم
وجد الفلسطيني صهيب أس اليسيس الذي ولد في الأردن وعاش معظم حياته في الإمارات، هويّته في “الشعر” و”المشاعر” وقضية بلاده والموسيقى الأميركية السوداء وكذلك الأصوات العربية الشهيرة من أمثال فيروز.
وعلى وقع نغم إحدى أغنيات المطربة اللبنانية، يبدأ تأدية أغنية أمام رواد مقهى في دبي.
ويرفض المغني الشاب النحيل أن تكون موسيقاه عبارة عن “راب العصابات” الذي طبع سنوات مراهقته، بل يفضّل أن يكون وسيلة لإيصال رسالة والتأثير على أكبر عدد ممكن من الناس باستخدام اللغتين العربية والانكليزية.
وقال إنّ “موضوع الراب يعود للشارع الذي يعيش فيه المغني وما يجري حوله، وفي الآخر هو عبارة عن لحن وشعر”.
ويأمل الموسيقي أن تفتح الشركات الكبرى في دبي المزيد من الأبواب أمام الفنانين المحليين الشباب من خلال منحهم، على سبيل المثال، إمكانية الظهور والتأدية خلال الجزء الأول من الحفلات الموسيقية لنجوم عالميين مثل الأميركي إمينيم.